قرّر الرئيس الباجي قائد السبسي عدم التمديد في حالة الطوارئ مجدّدا ،في وقت مازال فيه البرلمان عالقا في تفاصيل مشروع قانون الطوارئ الجديد ..وهو ما يجعل تونس مقبلة على فترة حرجة للغاية تتكثّف فيها التهديدات وتغيب فيها الأطر القانونية لإعلان حالة الطوارئ. تونس -الشروق أعلن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أنه وجّه مراسلة لرئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر وأعلمه فيها بأنه لن يمدّد في حالة الطوارئ بداية من 4 أفريل القادم، معتبرا أن "المسألة خرجت عن نطاقه". وأضاف الباجي قائد السبسي عند اشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي يوم الاثنين أنه يجب إيقاف العمل بالقانون الحالي ولذلك قدّم مشروع قانون وافقت عليه الحكومة وأحالته الى مجلس نواب الشعب منذ 4 أشهر. يتعارض مع الدستور الباجي قائد السبسي استنكر مواصلة العمل بقانون سنة 1978 ، الذي يتعارض مع الدستور ،مشيرا الى انه كان يلجأ إلى هذا القانون لتسهيل عمل الحكومة. كما أكّد أنه نبه البرلمان إلى أنّ إعلانه للتمديد في حالة الطوارئ لن يتكرّر وهذه المرة هي الأخيرة التي يعلن فيها التمديد، معتبرا أن الصعوبة التي يواجهها البرلمان في المصادقة على مشروع قانون الطوارئ ،تخرج عن نطاقه. قرار الباجي قائد السبسي أثار العديد من الاستنتاجات منها ما يتعلق بالجانب السياسي وصراعه مع رئيس الحكومة ،إضافة الى استفهامات حول الحلول التي يجب اتخاذها بعد يوم 4 أفريل إن لم يقدر البرلمان على تمرير مشروع قانون الطوارئ. رسالة الباجي نائب حركة نداء تونس حسن العماري قال إنه من الطبيعي جدا أن يعلن رئيس الجمهورية هذا الموقف باعتبار انه قدم مشروع قانون ينص على إعادة تنظيم حالة الطوارئ ،معتبرا أن كل منتقدي رئيس الجمهورية يشيرون في أكثر من مرة إلى انه خرق الدستور ،وهو بقراره هذا يؤكد لهم احترامه للدستور. كما اعتبر حسن العماري ان القانون الذي يتم وفقه تنظيم حالة الطوارئ غير دستوري ، لذا فان الرئيس دفع البرلمان الى تحمل مسؤوليته وخاصة نواب ائتلاف السلطة ,مشددا على ان الباجي قائد السبسي وجه رسالة بقراره هذا مفادها ضرورة قيام البرلمان بدوره. توتر بين القصبة وقرطاج أما عضو لجنة الحقوق والحريات التي تناقش مشروع قانون الطوارئ الجديد توفيق الجملي فقد أكّد أن اللجنة كانت وفيّة لطلب استعجال النظر في هذا النص ،مشيرا الى أنها استمعت لجهة المبادرة وهي رئاسة الجمهورية إضافة الى اللجنة التي تشكّلت من عديد الوزارات وساهمت في انجاز مشروع القانون ، ومكونات المجتمع المدني التي لها رأيها في هذا الملف. توفيق الجملي اعتبر ان ما تم طرحه في اجتماع مجلس الامن القومي «مسيّس» ، وأشار الى ان العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة متوترة وهو ما دفع الى اتخاذ هذا القرار. واعتبر ان تونس تواجه الإرهاب وعديد المخاطر الأخرى وبالتالي لا يمكن ان تبقى دون حالة الطوارئ. الجملي شدد على أن لجنة الحقوق والحريات لا يمكنها تمرير مشروع القانون قبل الأجل الذي اقترحه رئيس الجمهورية ،مشددا على ضرورة ان يكون قانون الطوارئ الجديد منسجما مع الدستور ولا يمس الحقوق والحريات وهو ما يستوجب وقتا هاما في مناقشته والمصادقة عليه. التشريع تحت الضغط أما نائب البرلمان عن حركة النهضة وعضو اللجنة نوفل الجمالي فشدد على ان لجنة الحقوق والحريات انهت جلسات الاستماع ودخلت في مناقشة مشروع القانون فصلا فصلا ،مؤكدا ان بعض الفصول يستغرق نقاشها يوما كاملا ،مشيرا الى صعوبة إنهاء المصادقة على مشروع القانون في الأجل الذي حدده رئيس الجمهورية. الجمالي أكّد انه حتى وان انهت لجنة الحقوق والحريات النظر في مشروع القانون قبل هذا اللجنة فمن الصعب تمريره في الجلسة العامة بشكل سريع ويمكن ان يتطلب الامر عقد لجنة توافقات للنظر في الفصول الخلافية ,وبالتالي فان مسألة تمريره في هذا الأجل تبدو صعبة جدا. كما أشار الجمالي إلى أن «التشريع تحت الضغط» أمر سلبي للغاية ويؤثر على جودة النصوص التشريعية التي ينتجها مجلس نواب الشعب. الصراع السياسي خارج سياق الحديث عن الآجال والجزئيات التقنية فإن قرار رئيس الجمهورية يمكن ان يحمل في طياته بذور الخلاف مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، ويمكن استنتاج ذلك في تصريحات الباجي قائد السبسي السابقة حيث اكّد أنه مدّد في حالة الطوارئ بطلب من رئيس الحكومة مشيرا الى انه استجاب لطلبه بعد ان قدم له تفاصيل حول المخاطر المحدقة بتونس ، أي أن السبسي تنصّل من كل الاتهامات التي تطاله في كل مرة يعلن فيها التمديد وتوجه لها أصابع الاتهام بمخالفة الدستور. إضافة الى ذلك فان حالة الطوارئ تمكّن السلطة التنفيذية في جانبها الحكومي من صلاحيات هامة وخاصة وزير الداخلية الذي يمكنه وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية وهو اجراء اعتمدت عليه الحكومة في أكثر من مرة في سياق حملة مكافحة الفساد وقرار رئيس الجمهورية عدم التمديد في حالة الطوارئ يحُد من الآليات التي تستعملها الحكومة في هذه الملفات ويُجبرها على المرور بالقضاء. حالة الخطر الداهم ينص الفصل 80 من الدستور على أنه «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب. ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة...»