تفانت المنظمات الحقوقيّة والمجتمع المدني في الدفاع عن الحريات الفردية ودحض كل أشكال التضييق عليها أو الحد منها وقد تعالت الأصوات المنادية بإياقف نزيف التمديد في قانون الطوارئ بصفة عشوائية والذي بموجبه يتم فرض قيود تعسفية على حرية التنقل وعلى قمع الاحتجاجات اضافة الى بقاء أكثر من 500 مواطن رهن الإقامة الجبريّة. وقد جزمت العديد من المنظمات الحقوقية على غرار منظمة العفو الدولية بأن قانون الطوارئ غير دستوري ولا يستجيب إلى الحاجيات الحقيقة للبلاد داعين الى سن مشروع قانون الطوارئ وعرضه على البرلمان. وتبعا لذلك عقدت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية جلسة استماع إلى ممثلي رئاسة الجمهورية حول مشروع القانون عدد 91/2018 والمتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ، وقد نص القانون الذي ورد على لجنة الحقوق على إمكانية إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية او جزء منها في حالة حصول أحداث تكتسي خطورتها صبغة الكارثة او في حالة خطر وشيك يهدد الامن والنظام العام وسلامة الافراد والمؤسسات والممتلكات والمصالح الحيوية للدولة، ويكون اعلان حالة الطوارئ لمدة اقصاها 6 اشهر، بمقتضي امر رئاسي بعد استشارة رئيس الحكومة ومجلس الامن القومي ويحدد امر رئاسي المنطقة او المناطق المعنية به وتنتهي حالة الطواري اليا بانتهاء مدتها. كما يمكن حسب مشروع القانون التمديد في حالة الطوارئ لمدة اقصاها 3 اشهر طبقا للصيغ والاجراءات المقررة بالفقرة 1من الفصل 3 اذا استمرت اسباب التي دعت للاعلان عن حالة الطوارئ وفي هذه الحالة يوجه رئيس الجمهورية تقريرا لرئيس البرلمان للاعلان عن اسباب التمديد. واعتبر مروان جدّة عن مرصد الحقوق والحريات أن قانون الطوارئ لم يطبّق بحذافره لكن أجزاء كثيرة منه يتم تطبيقها، معتبرا أنه أمر سياسي وليس قانوني ومرتبط بالمزاج السياسي والأوضاع السياسية. وذكّر جدة في تصريح لموقع “الشاهد” أن تنظيم الاحتجاجات مسموح به حاليا، في حين منع العديد منها خلال مناقشة قانون المصالحة الوطنية بحجة حالة الطوارئ، مشيرا الى أن الاشكالية في تطبيقه هي الإقامة الجبرية التي تم اعتمادها بشبهة الارهاب أو بشبهة الفساد. وقال المتحدّث إن العديد من الجمعيات يتم حاليا التنبيه عليها أو منعها من نشاطهم بحجة حالة الطوارئ، مشيرا الى أن هذا القانون يتم استغلاله باشكال متفاوتة حتى من قبل الولاة، مذكرا بأن والي قبلي منع تصوير فيلم رغم موافقة وزارة الثقافة. وللإشارة فقد أوصى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي خلال اشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي بالتعجيل بعرض مشروع القانون الأساسي المنظّم لحالة الطوارئ للتصويت بمجلس نواب الشعب في ظل عدم دستورية الإجراءات الحالية. ويخضع التمديد في حالة الطوارئ أو إعلانها وجوبا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص على ” لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب”. وتعيش تونس منذ يوم 24 نوفمبر 2015 أي طيلة 3 سنوات في حالة طوارئ، كلما قرب آجال انتهائها يعلن رئيس الجمهوريّة الباجي قايد السبسي عن التمديد فيها، فقد أعلن مساء أمس عن التمديد في حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية التونسية لمدّة شهر ابتداء من 07 ديسمبر 2018 إلى غاية 05 جانفي 2019، وذلك بعد التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشّعب حول المسائل المتعلقة بالأمن القومي.