في خُطوة تُذكر فَتُشكر، بَادر المدرب الجديد ل «النسور» «ألان جيراس» بتعزيز الإطار المُوسّع للمنتخب بمعد ذهني. وهذا الإجراء يُحسب طبعا لمدربنا الوطني وإن لم يَكن من القرارات «الثَورية» كما قد يتوهّم البعض. ومن المعروف أن حَقيبة الإعداد الذهني ليست بالغريبة عن الكرة التونسية بما أن عدّة جمعيات تَبنّت هذه التجربة الباحثة عن «التَرسيم» في تقاليد المسؤولين و»أذهان» المدربين واللاعبين خاصّة في ظل الأهمية البَالغة ل»العِلاجات البسيكولوجية» في سُلوك ومَردودية لاعب كرة القدم أوفي بقّية الرياضات التَنافسية الأخرى. وكانت عدة أندية تونسية قد وجدت «الجُرأة» لزرع ثقافة الإعداد الذهني كما حصل في حمّام الأنف (تجربة محمّد بلحاج) أوأيضا في الترجي (مُتعاقد حاليا مع محمّد العروسي). وقد صنعت جامعة التنس بدورها الحدث بعد أن نظّمت نَدوة كبيرة تهمّ الإعداد الذهني الذي يحتلّ مكانة مركزية في الجمعيات والمنتخبات العالمية بل أن العديد من النجوم تُنفق من مالها الخاصّ للقيام بحصص في العلاج النفسي. وما يَهمّنا في الموضوع هو تَحويل «مشروع» الإعداد الذهني إلى ثقافة راسخة مع الإيمان بأن الجانب البسيكولوجي من العناصر المُؤثّرة في الأداء مِثله مثل المسائل التكتيكية والبدنية والطبية والمَهارات الفردية والجَماعية للاعبين. ولا يُمكننا إلاّ أن نرحّب ب»المولود الجديد» في الإطار الفني للمنتخب الوطني شرط أن يكون المُعد الذهني ناجعا وفاعلا وأن لا يكون مجرّد «ديكور» الهدف منه تسويق صُورة كاذبة عن التقدّم المُذهل للفريق الذي يحتاج حتما إلى من يَعتني بتوفير الدعم المعنوي للاعبيه ومن يُساعدهم على تقويم سلوكهم خاصّة في ظل خروج الكثيرين منهم عن الصِّراط المُستقيم كما هو شأن ساسي والصرارفي والخزري... ومن يدري فقد يُغيّر المعد الذهني السلوكيات السيئة ويقلب العَقليات السلبية للاعبين وحتى المسيرين على رأسهم وديع الجريء الذي نأمل أن يستفيد من نَصائح المعد الذهني للتخلّص من «حب التملّك» الذي جعله يتوهّم بأن منتخب الشعب جُزء لا يتجزأ من «مَملكته» الكروية. وخِتاما نؤكد أن تعزيز المنتخب بمعد ذهني قرار جيّد لكنّنا نُلحّ في الوقت نفسه على أن «أزمة» الفريق تَتجاوز بكثير الجانب البسيكولوجي لتشمل القضاء على الفَوضى الفنية والإنفلاتات السلوكية و»المُزايدات» الخَسيسة على «مَريول» المنتخب فضلا مُراجعة البرمجة وهي من اختصاصات الجامعة التي جادت قريحتها بتنظيم جُزء من مُباريات كأس تونس في نفس اليوم الذي نُواجه فيه «اسواتيني». وقد كان من المفروض أن يكون 22 مارس يوم المنتخب دون سِواه. إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من تَغيير العَقليات وهو أمر يعرفه جيّدا «جيراس» القادم من فرنسا التي خاطبت «ثَورتها» الأذهان قبل أن تَنعكس على المُمارسات في مُختلف القطاعات.