بعد تواتر الأحداث التي استهدفت الطفولة، قال وزير التربية حاتم بن سالم أنّه سيقع بالتنسيق مع وزارة الصحّة النظر في تدريس مادة التربية الصحيّة والجنسية لفائدة تلاميذ المدراس الابتدائية والإعداديات، لتوعيتهم وللحدّ من ظاهرة التحرش والاعتداءات الجنسية التي تطالهم . تصريح الوزير في تدريس المادة الجنسية، أثار ردودا مختلفة ومتضاربة بين المتريث في انتظار التفاصيل والرافض بشكل قطعي والموافق بشكل كلي، فلئن ذهب شق إلى "أن تعلم أفضل من أن لا تتعلم "، فإن الشق الرافض رفع شعار «الحياء من الدين» معتبرا إدراج هذه المادة غير متناسب مع قيمنا وغير متناغم مع عاداتنا وتقاليدنا . فثقافة الطفل الجنسية في مجتمعاتنا تقتصر كما هو معلوم على المعلومات التي يحصل عليها الأطفال من الأهل والأصدقاء وهو ما توارثناه جيلا بعد جيل، وبانتشار شبكات التواصل الاجتماعي والأنترنات، باتت هذه المعارف متاحة لكل المبحرين أطفالا كانوا أم راشدين . وتكشف حياتنا العامة، ضعف ثقافة أبنائنا الجنسية، باعتبارنا لم « نعلمهم غير ما تعلمنا ولم نهيئهم لعصر غير عصرنا «، حتى إنهم كانوا - ولا يزالون- عرضة للانتهاكات ويكفى ان نستدل بالبلاغ الأخير لوزارة التربية التي ذكرت فيه وجود 87 حالة شبهة تحرّش بمخْتَلَف أنواعها خلال الفترة المُتَراوحة بيْن 1 أكتوبر 2018 و18 مارس 2019». الأرقام مفزعة هنا في تونس وهي لا تختلف عن الأرقام الصادرة من حين إلى آخر عن «اليونيسيف» والتي تشير في مجملها إلى أن جميع الأطفال عرضة لخطر الاعتداءات الجنسية، في المنازل والمدارس والشوارع وحتى عبر الأنترنات . ولئن انتبهت عديد الدول الغربية إلى هذه الأرقام منذ التسعينات وأدرجت – رغم معارضة المتشددين - مادة التربية الجنسية في برامجها التعليمية بتدرج من مادة اختيارية إلى مادة إلزامية بهدف التوعية والحد من ظاهرة التحرش، فإننا لم ندرك أو ربما لم نحرص أصلا على إدراك خطورة الصمت و»التابوهات»، فلم نهتم بتدريس هذه المادة وتمسكنا خطأ بشعار " الحياء من الدين" حتى فوجئنا بالأحداث الأخيرة التي لم تسلم منها حتى الدول التي أدرجت هذه المادة في مناهجها. تدريس المادة الجنسية لا يعني " تمييع الناشئة " بل دعم معارفهم بالعلوم الصحيحة ضمن منظومة تربوية مواكبة للعصر لمعرفة تفاصيل حياتهم الحاضرة والقادمة، وحمايتهم من كل المظاهر والأمراض التي قد يتعرضون إليها بسبب جهلهم بالتفاصيل لقلب مقولة «الحياء من الدين» إلى مقولة «لا حياء في الدين» . صحيح أن ولوج هذا العالم ليس بالسهل، لكن بمراجعة أهل الاختصاص علميا ودينيا وبيداغوجيا ونفسيا، يمكن التوصل إلى وضع برنامج تربوي تثقيفي راق ضمن المواد العلمية أو الدينية لنشر وعي جنسي يحمي أطفالنا من كل المخاطر، وهذا في تقديرنا لن يتم إلا بمجهود مشترك بين الأولياء والمربين وكل الفاعلين في المنظومة التربوية .