مثلت الحركة القضائية المقبلة والضغوطات المسلطة على القضاة والإتهامات الموجهة للنيابة العمومية أبرز المحاور التي تحدث عنها الرئيس المؤقت للمجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر في حواره مع «الشروق». تونس (الشروق) بكل تلقائية تحدث إلينا الرئيس بوزاخر عن الوضع العام للقضاء والصعوبات التي اعترضت تركيز المجلس الأعلى للقضاء منتقدا عدم احترام صلاحياته في إبداء الرأي بخصوص بعض المسائل، وفي مايلي نص الحوار : أنتم تترأسون المجلس بصفة مؤقتة متى تنتهي هذه الفترة؟ تعرفون أن تركيز المجلس الأعلى للقضاء تم بمبادرة تشريعية سنة 2017 ووفق النص القانوني يتم تركيز المجلس الأعلى للقضاء وقتيا إلى حين استكمال التركيبة ونحن اليوم بعد مرور عام ونصف لم نتمكن من استكمال التركيبة التي هي مرتبطة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات. قمنا بالاتصال عديد المرات بالهيئة كما عقدنا معها جلسات عمل في اتجاه استكمال التركيبة بانتخاب العضو الناقص بمجلس القضاء المالي (أستاذ محاضر في المالية العمومية والجباية ) وتم الاتفاق على تحوير بعض النصوص الترتيبية المتعلقة بانتخاب العضوالمذكور ونشرت بالرائد الرسمي قرارات 9 و10 و11 صادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووصلنا إلى مرحلة ضبط روزنامة الانتخابات إلا أن الهيئة دخلت آنذاك في أزمة وبقينا ننتظر انتخاب رئيس للهيئة وبمجرد انتخابه اتصلنا بها مجددا وتم الاتفاق على إجراء انتخابات المجلس الأعلى للقضاء يوم 17 ماي القادم والإعلان عن نتائجها سيكون يوم 18 ماي في انتظار الطعون ومن المفروض ان تكتمل تركيبة المجلس بداية من شهر جوان المقبل وندخل في الوضع الدائم . ما هي أبرز الملفات التي وضعها المجلس الأعلى للقضاء ضمن أولوياته؟ نحن الآن بصدد الاعداد للحركة القضائية التي نعمل على أن تكون في موعدها كما نشتغل أيضا على مسألة الإصلاحات الكبرى وانجاز مشاريع أومقترحات إصلاح تتعلق بنصوص قانونية تنظم التفقدية العامة للشؤون القضائية والقانون الأساسي للقضاة والوظائف القضائية السامية وتنظيم القضاء العدلي على ضوء القانون الأساسي للميزانية. من جهة أخرى ينكب المجلس على العمل بخصوص مدونة سلوك القاضي إضافة إلى مسألة النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء وأشير إلى وجود لجان منتخبة عن الجلسة العامة تشتغل على كل هذه المسائل ولا ننسى الدور الاستشاري للمجلس المعروض عليه عديد القوانين لإبداء الرأي فيها من بينها القانون المنظم لمحكمة المحاسبات . بخصوص الحركة القضائية تعرضتم إلى عديد الاتهامات والانتقادات ومؤخرا طالبت جمعية القضاة بالإسراع في الإعلان عن معايير الحركة القضائية ومعايير تقييم القضاة وقائمة الشغورات بالمحاكم والمؤسسات القضائية فماهو ردكم؟ لا وجود لحركة قضائية لا تثير النقد وأود التأكيد بخصوص الحركة القضائية الاخيرة أننا اعتمدنا طريقة تشاركية حيث اجتمعنا بالهياكل المهنية للقضاة من جمعية ونقابة كما اجتمعنا بالمسؤولين عن المحاكم وبوكلاء الجمهورية والوكلاء العامين بمختلف محاكم الجمهورية ونحن الآن بصدد إعداد معايير للحركة القضائية المقبلة إلى جانب ضبط الشغورات بالمحاكم وقريبا سنعلن عنها بهدف إنجاز حركة تكون أكثر موضوعية. في الآونة الأخيرة تعرض عدد من القضاة إلى ضغوطات وتهديدات ماهوموقفكم ؟ مهنة القاضي في صلب الضغط نتيجة الصراع بين الحق والباطل ولكن ماهوغير مقبول هوأن تتحول الضغوطات إلى تهديدات تنامت في الفترة الأخيرة والملفت للانتباه أنها لم تعد تهديدات تتعلق بالقضاة المتعهدين بقضايا الفساد المالي أوقضايا الإرهاب بل شملت التهديدات القضاة المتعهدين بقضايا العدالة الانتقالية وقضايا الحق العام ونحن تصرفنا مع كل التهديدات في الابان وأشير هنا إلى أن وزارة الداخلية متعاونة معنا في هذا الإطار في انتظار إيجاد حلول جذرية لضمان أمن القضاة والمحاكم. قدمتم مؤخرا التقرير السنوي الأول لنشاط المجلس الأعلى للقضاء؟ رئيس الجمهورية كان على علم بالوضع العام للقضاة وقريبا جدا من الوضع القضائي وقد أبدى تفهما ورغبة في تذليل الصعوبات المتعلقة بالعمل القضائي وجدد دعمه لإرساء سلطة قضائية مستقلة . وبخصوص وضعية المحاكم وظروف العمل بها؟ تردي الأوضاع بالمحاكم لم يعد يخفى عن أحد والمشكلة الأساسية هي مشكلة هيكلية باعتبار أن الدولة مطالبة بالاستثمار في مجال العدالة وتوفير الإمكانيات اللوجستية للقضاة ونحن نأمل في تغيير الوضع في الفترة القادمة من خلال منح الاستقلالية المالية للمحاكم وتتحمل بموجبها المسؤولية في تحسين الأوضاع في كل محكمة حسب حاجياتها وأود التوضيح أن إدارة المحاكم هي حاليا منوطة بعهدة السلطة التنفيذية ونأمل أن تكون واعية بدقة الوضع وبظروف العمل المتردية وتضع برامج ملموسة لتحقيق جودة العدالة بصفة عامة. الأوضاع المتردية للقضاة دفعت بالعديد منهم إلى المغادرة الاختيارية أوإلى الهجرة الى الخليج ماهوموقف المجلس؟ في تقديري أن هجرة القضاة تعود أساسا إلى الوضع المادي وظروف العمل إلى جانب الضغوطات المسلطة عليهم وبالتالي من العادي أن يختار القاضي طريقا آخر لتحسين وضعيته . ومسألة الإلحاق تبقى حقا لأي قاض ولا يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يمنعه من ذلك. وبخصوص المغادرة الاختيارية فان المجلس غير مسؤول عنها باعتبار أن مطالب المغادرة وجهت إلى وزارة العدل ثم تم التداول فيها صلب لجنة برئاسة الحكومة وتم الموافقة عليها دون استشارة المجلس الأعلى للقضاء ودون مدنا بأي معلومة في الغرض. ونحن نأمل أن نتمكن من تعويض هؤلاء القضاة الذين غادروا القضاء خاصة وأن حجم العمل بالمحاكم في تزايد وهو ما يتطلب التدخل العاجل لتوفير الإمكانيات للقضاة. ماذا عن مطالب رفع الحصانة؟ وماهوردكم على اتهام المجلس بالتستر على قضاة ثبت تورطهم في ملفات قضائية؟ بالنسبة للسنة القضائية 2017 /2018 تلقينا 52 مطلبا في رفع الحصانة وتم قبول 28 مطلبا ورفض 11 آخرين لأسباب إجرائية وتم إرجاء النظر في 5 مطالب وهناك 9 مطالب بصدد الإنتظار (مجلس القضاء العدلي ) وبخصوص مجلس القضاء الإداري تلقينا مطلبا واحدا في رفع الحصانة ومطلبا واحدا في مجلس القضاء المالي وتم رفضه وأشير إلى أن الأسباب متعددة أغلبها حوادث مرور. وبخصوص اتهامنا بالتستر على بعض القضاة فاقول ان الحصانة ليست اشكالا فهناك قضاة تنازلوا عنها عن طواعية وهذا الإتهام يحتاج إلى إثبات وأذكر هنا بأن المجلس منفتح بتركيبته المختلطة فلا يمكن التغاضي أوالتستر على أي قاض . وما هو ردكم على الاتهامات الموجهة من قبل هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس وللنيابة العمومية بصفة عامة؟ هيئة الدفاع عن الشهيدين سبق وأن تقدمت بشكايتين للمجلس الأعلى للقضاء ونحن وجوبا قمنا باحالتها على التفقدية العامة بوزارة العدل ومازلنا في انتظار مآل البحث لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. ومن المنتظر ان نعقد جلسة مع هيئة الدفاع بخصوص ذلك. لم تسلم التفقدية العامة بدورها من الانتقادات ماهورأيكم في ذلك؟ وهل لديكم مقترحات لاصلاحها؟ بالفعل التفقدية العامة تثير جدلا واسعا باعتبار أن القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء ينص على وجود تفقدية عامة للشؤون القضائية ولم يقع إحداثها بعد وأشير إلى أن التفقدية الحالية بوزارة العدل تعاني الكثير من النقائص ووضعها لا يختلف عن وضع المحاكم فضلا عن كم الشكايات التي تتعهد بها وبالتالي من الضروري إحداث تفقدية عامة للشؤون القضائية لها الإستقلالية المالية وتكون تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء ونحن بصدد العمل على مشروع قانون أساسي محدث للتفقدية العامة. ما هو عمل المجلس في الفترة القادمة؟ نحن الآن نشتغل على إعداد الحركة القضائية التي نرجوأن تكون في مستوى انتظارات السادة القضاة.