التونسية (تونس) عقدت أمس جمعية القضاة التونسيين، ندوة صحفية، لتسليط الضوء على التطورات الحاصلة في مناقشة القانون الاساسي المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء، صلب لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، وفي هذا الصدد أكدت روضة القرافي رئيسة الجمعية على وجود توجه عام نحو إفراغ الدستور من مضامينه، انطلاقا بباب الحريات، من خلال إصدار قانون زجر الاعتداء على قوات الامن الداخلي، والقوات المسلحة، والذي اعتبرته تهديدا خطيرا لكل الحريات، على غرار حرية التعبير، والتظاهر، وصولا الى باب السلطة القضائية، من خلال الإلتفاف على صلاحيات المجلس، وتهميشه عبر التقليص في تركيبته، مضيفة: «إذا استهدفنا الحريات واستقلال القضاء المؤتمن على تلك الحريات، فإنه سيكون حتما الانتكاس الديمقراطي، ونحن ننبه المجتمع المدني اليوم من ذلك الانتكاس الذي ظهرت مؤشرات قوية عليه، فما لاحظناه من خلال متابعة مناقشة مشروع القانون الاساسي للمجلس الاعلى للقضاء، صلب لجنة التشريع العام، هو الالتفاف على الدستور، وخرق مضامينه، والانقلاب عليها، ومحاولة لوضع اليد من جديد على القضاء، تحت عنوان يدعي أنه ديمقراطي، ويسعى الى تكريس استقلالية صورية وشكلية للقضاء»، مضيفة «الدستور التونسي نص في فصله 102، على أن القضاء سلطة مستقلة، إلا أن لجنة التشريع العام، قررت عند مناقشتها للفصل الاول من القانون إقصاء تمثيل المجلس للسلطة القضائية في دلالة واضحة على نسف كل مقتضيات السلطة المستقلة التي جاء بها الدستور».كما أشارت القرافي، إلى أن لجنة التشريع العام خالفت مقتضيات الدستور، حيث نص الفصل 114 من الدستور، على ان المجلس الاعلى للقضاء، هو الضامن لحسن سير القضاء واحترام استقلاله، أي أن صلاحياته كمجلس ممثل للسلطة القضائية، لا يمكن أن تنحصر في البت في النقل والترقيات، فقط، وإنما يجب أن تشمل كذلك الاشراف على المؤسسات القضائية، وكل ما تعلق بالشأن القضائي، من تفقدية، وإدارة المحاكم، والمعهد الاعلى للقضاء، ومركز الدراسات والبحوث، حتى يتحقق القطع التام والنهائي، مع النظام القديم، والذي كرّس على مدى 58 سنة، تبعية القضاء للسلطة التنفيذية، بهدف ضرب الحريات وتعطيل التمشي نحو الديمقراطية، مضيفة « لجنة التشريع العام، خرقت الدستور، ونزعت ما في مقتضيات مشروع القانون المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء، من صلاحية الاشراف على التفقد القضائي، والمؤسسات القضائية، وهي تسعى اليوم، الى تثبيت النظام القضائي القديم، المتمثل في إشراف وزارة العدل على التفقد القضائي، الذي عطل لعقود كل رقابة جدية على المحاكم، وعلى الاخلالات التي تحصل في سير العمل القضائي، وتحميل المسؤوليات بشأنها، كما عطل تطوير أساليب العمل القضائي والارتقاء بها الى جودة العدالة، التي تحمي الحقوق والحريات». وقد شددت رئيسة جمعية القضاة، على أن في إبقاء التفقدية تحت إشراف وزارة العدل، استمرار لنظام توظيف هذا الجهاز سياسيا، كما كان يحصل سابقا للحد من استقلال القضاء بالتعتيم على كل التجاوزات التي تحصل في المنظومة القضائية، وقمع كل من تمسك من القضاة بإستقلاليته وحياده. كما نبهت روضة القرافي، إلى أن في التقليص في عدد القضاة المنتخبين والزيادة في عدد القضاة المعينين بالصفة توجه واضح لتوسيع مجال تدخل السلطة التنفيذية في المجلس، خاصة ان تسميات القضاة السامين في القضاء الاداري والمالي، ما زالت تتم بصفة مباشرة من السلطة التنفيذية. وبخصوص تمثيل القضاء العسكري داخل المجلس، فقد نبهت روضة القرافي الى ان هذا التمثيل مخالف للدستور، وان الفصل 149 من باب الاحكام الانتقالية، ينص على ان المحاكم العسكرية تمارس الصلاحيات الموكولة لها بالقوانين سارية المفعول الى حين تنقيحها بما يتماشى واحكام الفصل 110 من الدستور، مضيفة أن «القضاء العسكري، هو قضاء تابع للسلطة التنفيذية وغير مستقل عنها، وأن المحاكم العسكرية والمجلس الاعلى للقضاء العسكري، هي هياكل صلب وزارة الدفاع، فضلا عن أن الفصول المنظمة للمجلس الاعلى للقضاء في الدستور، لم تتعرض الى القضاء العسكري». وشددت القرافي على ان تركيبة المجلس الاعلى للقضاء حسب لجنة التشريع العام لا تشمل جميع مكونات الاسرة القضائية، وتتجاهل عددا من مكوناته، مضيفة «نحن ندق ناقوس الخطر، ونحن ننبه من فداحة ما يحصل اليوم في لجنة التشريع العام». من جهته اكد انس الحمايدي نائب رئيسة جمعية القضاة، ان قانون المجلس الاعلى للقضاء المعروض للمناقشة صلب لجنة التشريع العام ، هو وصمة عار، لما فيه من خروقات وتعديات وانتهاكات على الدستور، وانقلابا على السلطة القضائية، ومحاولة لتنكيس السلطة القضائية، وارجاعها الى ما كانت عليه سابقا، مضيفا «اليوم نحن نطلق صفارة الانذار، نحن مقبلون على ازمة وطنية، والبلاد ليست في حاجة الى ازمات اخرى، نحن تحملنا مسؤوليتنا سابقا، دافعنا عن الهيئة وعن باب السلطة القضائية، واليوم، وفي هذا الوقت العصيب لن نسمح بأي التفاف على المضامين الدستورية، وسوف نتكاتف من اجل خوض هذه المعركة». من جانبهما، أكد محمد إقبال المنشاري كاتب عام غرفة عدول الاشهاد والسيد عبد الحفيظ عليات، عن النقابة العامة للعدلية، أن عدول الإشهاد وكتبة المحاكم جزء من المنظومة القضائية، وان من حقهم التواجد داخل المجلس الاعلى للقضاء، بإعتبارهم جزءا من المستقلين، ومن ذوي الاختصاص، وعبروا عن رفضهم التام لإقصائهم من المجلس، منبهين الى انهم سوف يتخذون كل الاسباب، وجميع الاليات للدفاع عن حقهم في التواجد داخل المجلس.