يلعب «الفايسبوك» دورا مهما اثناء الانتخابات إذ هو موجّه للناخب من خلال ما يتم نشره من اخبار مغلوطة. حدث هذا في دول عديدة في مقدمتها الولاياتالمتحدةالامريكية. ويُخشى ان يلعب دورا في توجيه الناخبين في تونس خلال الانتخابات المقبلة. تونس «الشروق» اطلقت بعض الأحزاب والشخصيات المعنية بالانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع تنظيمها نهاية العام الجاري حملات انتخابية مبكرة عبر موقع «فايسبوك» الأكثر استخداما في تونس. ويتابع صفحاتها الاف المستخدمين ونذكر من ذلك صفحة «شعب يوسف الشاهد» التي يتابعها حوالي 7800 الف مستخدم لفايسبوك وهي تنشر تباعا النشاط اليومي لرئيس الحكومة وتعديد منجزاته بالإضافة الى صفحات أخرى كثيرة تحمل دعما لترشيح رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الرئاسية مع نشر يومي محين لانشطته ونشر روابط لحزبه تحيا تونس ورابط الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة. حملة مبكرة ذكرنا يوسف الشاهد كنموذج عن الانطلاق المبكر للحملة الانتخابية باعتباره رئيس الحكومة. بالإضافة الى وجود صفحات أخرى داعمة لمترشحين اخرين مثل قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري ومنها صفحة «الأستاذ قيس سعيد» والتي تضم 191 الف مستخدم للموقع وكذلك وجود عدد اخر من الصفحات والتي تحمل دعما لسعيد. والى جانب الصفحات الاشهارية الداعمة لترشح اشخاص وأحزاب فإنّ صفحات أخرى برزت لكشف ما خفي من صراع وتابعها في وقت قصير الالاف من مستخدمي فايسبوك من ذلك نذكر «الصندوق الأسود» والتي تم احداثها منتصف شهر مارس وتابعها خلال يومين فقط اكثر من 13 الف مستخدم ونشرت فيديو واحد حاولت من خلاله فضح صفحة «شاهد ارحل» موجهة الاتهام اليها بانها تحت إدارة المخابرات الإسرائيلية. وقد تابع الفيديو 147 الف مستخدم. هذه الصفحة «ارحل شاهد» تم احداثها اثر فجيعة فقدان الولدان في مستشفى وسيلة بورقيبة ولا يتابعها سوى 45 مستخدم واقتصرت منشوراتها على تحميل المسؤولية ليوسف الشاهد في ماساة فقدان الولدان. ولئن شهدت بعض الصفحات سرعة في الانتشار من خلال كثافة عدد المتابعين في وقت وجيز فان صفحات أخرى لا تلاقي ذات الفاعلية فمثلا لم تنجح صفحة «الحملة الشعبية لدعم الأستاذ قيس سعيد 2019» في استقطاب سوى 363 متابعا منذ احداثها في ديسبمر 2018 الى غاية كتابتنا لهذه الاسطر. في المحصلة كثيرة هي الصفحات والفيديوهات الاشهارية التي بدأت تروج لشخصيات ولأحزاب سياسية معنية بانتخابات نهاية العام في حملة انتخابية مبكرة لا حواجز لها ولا سقف ولا قاع. فراغ تشريعي لم ينص القانون الأساسي الانتخابي صراحة على أي مخالفة تخص الحملات الانتخابية فيما بات يعرف بالميديا الجديدة (فايسبوك وغيره...) بقدر ما نظّم الحملات الانتخابية في الميديا التقليدية وفي الوسائط الاشهارية. إذ عرّف الفصل 3 من القانون الأساسي الانتخابي الاشهار السياسي على انه «كل عملية اشهار او دعاية بمقابل مادي او مجانا تعتمد أساليب وتقنيات التسويق التجاري، موجهة للعموم وتهدف الى الترويج لشخص او لموقف او لبرنامج او لحزب سياسي بغرض استمالة الناخبين او التأثير في سلوكهم واختياراتهم عبر وسائل الاعلام السمعية او البصرية او المكتوبة او الالكترونية او عبر وسائط اشهارية ثابتة او متنقلة، مركزة بالأماكن او الوسائل العمومية او الخاصة. كما نظّم الفصل 50 الحملة الانتخابية على انها تكون «قبل يوم الاقتراع باثنين وعشرين يوما وتسبقها مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية وتمتد لثلاثة أشهر». كما نصّ على ان الحملة الانتخابية «تنتهي في كل الحالات اربعا وعشرين ساعة قبل الاقتراع». واخضع الفصل 52 الحملة الى مبادئ أساسية منها «احترام الحرمة الجسدية للمترشحين والناخبين واعراضهم وكرامتهم» و"عدم المساس بحرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للمترشحين" و"عدم الدعوة الى الكراهية والعنف والتعصّب والتمييز". مجمل هذه الفصول لا تعني بالضرورة مواقع الميديا الجديدة والتي أصبحت في تونس ما بعد الثورة ابرز مشارح المبارزة السياسية بين الأحزاب المتنافسة في الرئاسية والتشريعية. فالميديا الجديدة هي مجال جديد لعب دورا في الانتخابات في دول عديدة ومنها الولاياتالمتحدةالامريكية حيث أسهمت سرقة معطيات شخصية لخمسين مليون مستخدم امريكي لموقع فايسبوك في ترويج اخبار زائفة ومغلوطة أسهمت في توجيه رأي الناخبين لاختيار دونالد ترومب في السباق الرئاسي. ولئن أطلقت دول الديمقراطيات العريقة صيحات فزع بخصوص المخاوف من تداعيات الاخبار الزائفة في توجيه راي الناخبين وبالتالي تهديد الديمقراطية بصعود شعبويين فإن في بلادنا التي ما تزال في سنواتها الأولى من الديمقراطية الوليدة لا تُطرح مثل هذه الرهانات. كما لا تملك تونس أي سلطة على شركة فايسبوك فلا فرع لهذه الشركة في تونس ولا الإرادة متوفرة في السلطة الحاكمة للتفكير في هذا التفصيل فالكل معني بالانتخابات والكل معنيّ بالسباق الفايسبوكي الصاخب ولا احد يكترث لقداسة الفعل الديمقراطي والتصويت الحر الخالي من أي تأثيرات تحت ضغط الأخبار الزائفة والمغلوطة. باحث أمريكي .تأثيرات الفايسبوك في الانتخابات حقيقة حول تاثيرات الفايسبوك في الانتخابات كتب جوناثان زيتارين أستاذ قانون الانترنات والقانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة هارفورد ان مستخدمي فايسبوك الامركيين خضعوا في الثاني من نوفمبر 2010 الى تجربة طموحة في مجال الهندسة المجتمعية لمعرفة ما إن كان بإمكان شبكة اجتماعية ان تدفع باشخاص متقاعسين عادة عن الادلاء بأصواتهم الى المشاركة في الانتخابات الامريكية النصفية التي جرت في ذلك اليوم. وكانت الإجابة: نعم ويضيف جوناثان في مقال نشره في جوان 2014 في «نيوريبابلك» ان التجربة تمثلت في وضع رسم غرافيكيا يحتوي على وصلة للبحث عن مراكز الاقتراع. كما احتوى الرسم على زر تقوم بالضغط عليه لتعلن انك قمت بالادلاء بصوتك وتظهر فيه صور ستة من اصدقائك على فايسبوك يوضحون انهم قاموا بالادلاء بأصواتهم كذلك. وبالتعاون مع فايسبوك تمكن العلماء السياسيون الذين صمموا التجربة من وضع هذا الرسم الغرافيكي في الصفحة الرئيسية لعشرات الملايين من مستخدمي الموقع وظهرت رسالة عامة لمجموعات أخرى من مستخدمي الموقع تدعوهم الى المشاركة في الانتخابات بينما لم تستلم مجموعات أخرى أي تذكير. وقام باحثون لاحقا بالتاكد من أسماء الأشخاص الخاضعين للتجربة ومن الأيام التي ادلوا فيها بأصواتهم فعليا في كل انحاء البلاد لقياس الأثر الفعلي الذي حققه هذا التشجيع على نسبة المقترعين. واظهرت النتائج ان المستخدمين الذين تم ابلاغهم عن ادلاء اصدقائهم بأصواتهم كانوا ميالين بنسبة 39 بالمئة الى الادلاء بأصواتهم مقارنة ببقية المستخدمين الموجودين في مجموعة البحث. وبدا ان أي قرار بالاقتراع كان يؤثر على اصدقائهم المقربين على فايسبوك حتى أولئك الذين لم يستقبلوا الرسالة الاصلية. وأوضح جوناثان ان الرسم الغرافيكي على فايسبوك دفع بشكل مباشر بستين الف ناخب الى الادلاء بأصواتهم في ذلك اليوم. وبفضل تاثير المستخدمين على بعضهم فقد ادلى 340 الف ناخب إضافيون بأصواتهم في ذلك اليوم. عادل البرينسي (عضو الهيئة العليا للانتخابات) .. من الصعب مراقبة الميديا الجديدة تونس «الشروق»x قال عادل البرينسي عضو الهيئة العليا للانتخابات إنّ الحملة الانتخابية بالنسبة للتشريعية ستنطلق يوم 16 سبتمبر القادم وتتواصل الى غاية 4 أكتوبر. واكد ان القانون الأساسي الانتخابي ينظم عملية مراقبة الحملة الانتخابية وان عملية المراقبة تتم وفقا لما يسمح به القانون. وبخصوص الحملة الانتخابية الحالية في موقع الفايسبوك قال البرينسي إنه «يصعب مراقبتها» وان المراقبة لا تشمل سوى الفترة المذكورة. واعتبر ان الهيئة تقوم بعملية رصد منذ 2014 للحملات الانتخابية في الصحافة المكتوبة وفي المواقع الالكترونية واذا ثبت وجود تجاوزات واستعمال لغة تهديد تتم معاقبة المخطئ باسقاط قائمته. وبخصوص الميديا الجديدة لا تملك الهيئة آليات لمراقبتها فهي بمثابة السماء المفتوحة على حد وصف عادل البرنسي ليظل القضاء والامن الوجهة الوحيدة المخول لها تعقب كل مخالف في هذا الفضاء المفتوح. ويعتبر برنسي ان «أصعب الأمور هي مراقبة الميديا الجديدة وخاصة مراقبة الحملات الانتخابية». اما بخصوص المخالفات التي يمنعها القانون يقول البرينسي «اذا وجدنا اخلالات سيتم تطبيق القانون وصولا الى اسقاط قائمات». كما اعتبر المتحدث ان صعوبة تحديد الأشخاص وعلاقتهم بالحزب هي من الصعوبات المطروحة في تعقب التجاوزات في الميديا الاجتماعية مضيفا «إذا لم تكن هناك اخلاق ستكون هناك دائما تجاوزات والمطلوب هو التزام الجميع بما تنص عليه مواثيق ومدونة سلوك الانتخابات». وبخصوص فتح الهيئة لباب التظلّم لديها إذا ما ثبت وجود تجاوزات في الحملات الانتخابية المبكرة في الميديا الجديدة أجاب البرينسي «لم لا وهو قرار يعود الى مجلس الهيئة وما يهمنا هو ان تكون الانتخابات سليمة وهذا امر مرهون بتحمّل الجميع لمسؤوليتهم أحزابا ودولة ومجتمعا مدنيا وأيضا مواطنين ومرهون أيضا بالحملات التحسيسية والتوعوية التي هي أيضا من مسؤولية الجميع».