لم تتزين الشوارع الرئيسية في العاصمة خلال أيام القمة العربية ال 30 على خلاف عادتها بالأزهار. وظهر شارع الحبيب بورقيبة وشارع محمد الخامس والشوارع المحيطة بمدينة الثقافة وقصر المؤتمرات في أبهى حلة. تونس (الشروق): انبهر التونسيون خلال احتضان أشغال القمة العربية أول أمس بتجمّل العاصمة والفضاءات المحيطة بمقر انعقاد القمة بالأزهار التي زينت جانبي الطرقات بالأبيض والبنفسجي. كما تم دهن كل ما تقع عليه الأعين وكنس الطرقات من النفايات والشوائب. وقد وضعت أشجار الزينة والأزهار واللافتات بعناية فائقة الدقة لم يعهدها المواطن من قبل الا في المناسبات الكبرى. وهو ما يؤكد أنه عندما تتوفّر الإرادة السياسية فإن تجميل تونس ونظافتها مسألة ممكنة. فلماذا لا تتوفر هذه الإرادة طيلة السنة وفي كل مناطق البلاد ولا يتم الاكتفاء بتزيين عاصمتنا ومددنا فقط للأجانب وخلال المناسبات؟ تحول مفاجئ شهدت شوارع العاصمة تحوّلا غير مسبوق. فقد تزينت. كما تم طلي الممرات والأرصفة حتى يخيّل للمتجول فيها أنه في إحدى المدن الأوروبية. اذ تم تدعيم تنوير الطرقات وبسطها وغراسة النباتات والزهور والأشجار. كما تم منع جولان العربات في عدد من الشوارع منها محمد الخامس. وقد تجلى نجاح تنظيم القمة بالخصوص في الوقفة الحازمة لأعوان الأمن الوطني طيلة أيام انعقاد التظاهرة والأزياء المميزة التي ارتدوها. لكن هذه الإنجازات ولّدت مرارة لدى المواطنين عبّروا عنها في صفحات التواصل الاجتماعي عبر ما يعرف بالضحك الأسود عبر نكات ساخرة منها «لا ينقصنا الا ان تشتري لنا الدولة ملابس العيد بعد تزيين البلاد» أو «قريبا يتم وضعنا في ليبيا أو الجزائر الى أن تنتهي القمة». كما تساءل آخرون لماذا لا يتواصل العمل الدؤوب في مجال النظافة طيلة السنة؟ وهناك من تساءل عن حال باقي المدن البعيدة عن القمة في مجال النظافة والزينة. انتقادات عديدة طالت عقلية الاهتمام بنظافة المدن موسميا رغم أن انتخاب بلديات جديدة من أهم أهدافه رعاية مصالح المواطن وتحسين الخدمات التي تبقى النظافة على رأسها وذلك رغم وعي المسؤولين بهذا الجانب. وتساءل الكثيرون الى متى تظل عملية تزيين المدن ونظافتها فولكلورية؟ هدفها التسويق للخارج وليس القيام بالواجب تجاه المواطن الذي بيده قرار نتائج صناديق الانتخابات المحلية المقبلة. جمال يخفف على المواطن وقد أجمع جل المواطنين الذين تحدثنا اليهم أن مظهر النظافة والورود والأزهار الناصعة ومحيطا أخضر يسر في مداخل العاصمة ومحيطها. والأضواء التي تعددت ألوانها ليلا تسر الناظرين. وتساءلوا لماذا لا يتواصل هذا البهاء طيلة السنة ويشمل كل المدن التونسية والأحياء التي يستحق سكانها أن يتمتعوا بهذا الجمال ولماذا تبقى هذه الإجراءات استثنائية وموسمية تنجز فقط من أجل إبهار الضيوف الأجانب علما أن المواطن التونسي من حقه أن يرى أموال الضرائب المجحفة التي يدفعها سنويا في جمال مدنه. فالمدينة الجميلة والنظيفة من شأنها أن تخفف وطأة المعاناة اليومية التي يعيشها التونسي في صراعه لكسب لقمة العيش. كما من شأنها أن تخفف عبء الحياة ومشاكلها وتقلل من نسب الاكتئاب والانتحار والجريمة...لكن الملفت للانتباه أن التونسي واع أيضا بدوره في نظافة مدينته. ويرى أن مسؤولية نظافة الشوارع والمحيط والمحافظة على جمالية المدينة مسؤولية مشتركة بينه وبين الدولة على حد السواء. والمعلوم أن النظافة ثقافة وسلوك حضاري وممارسة. بل إنها عقلية مازالت لم تترسخ في أذهان العديد من التونسيين. كما أن الدولة لا تعمل على تعزيز هذا الجانب المهم لدى المواطن. والمؤسف أن العديد من التونسيين غير واعين بأهمية مفهوم المواطنة وغير مكترثين لأهمية جمالية مدنهم ونظافتها. ويتجسد ذلك من خلال إقدام البعض على رمي النفايات في الشوارع والاعتداء على محيط دون الاكتراث لما ينجر عن تلك الممارسات من إساءة الى بلدهم وصورتها في الداخل والخارج. استعدادات أمنية لكن أكثر ما لفت انتباه ضيوف تونس والمواطنين خلال القمة هو انضباط الفرق الأمنية ووحدات التدخل وعناصر الحماية المدنية والانتشار الأمني المحكم وغير المسبوق في كل شوارع تونس والمنافذ المؤدية الى وسط العاصمة وقصر المؤتمرات ومدينة الثقافة. وقد تم منع الجولان بعدد من الأنهج الرئيسية وملأت الحواجز الأمنية الفضاء. ونصبت على امتداد شارع محمد الخامس وعلى الجانبين وفي كل المنافذ الفرعية المؤدية الى تونس العاصمة وذلك بهدف تأمين ضيوف تونس والقمة من كل المخاطر. وقد سيطر الأمن على الوضع بشكل يجلب الاحترام والتقدير على المجهود الموصول. وفي هذا الاطار ذكر الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، سفيان زعق في تصريح لوسائل الاعلام أن الاستعداد الأمني والتقني والفني واللوجستي تم ضبطه بدقة بصفة كاملة لتأمين أشغال القمة ابتداء من وصول الوفود وتركيز الخيمات الأمنية بالنزل لتأمين إقامة الضيوف بتونس الى حين المغادرة. وأضاف أنه تم تركيز نقاط تفتيش ومراقبة مكثفة بكافة محاور الطرقات لتأمين مقر القمة وتأمين كافة مسالك عبور الوفود والتثبت من هويات المارة. كما تم منع وقوف جميع أنواع أصناف العربات بشارع الحبيب بورقيبة وبشارع محمد الخامس. ويشار الى أن هذا الانتشار الأمني المكثف في كل الشوارع ووسائل النقل خلف ارتياحا محمودا لدى المواطنين ومتابعي القمة. وقد اعتبر الملاحظون أن التنظيم المحكم لأشغال القمة العربية وحسن استضافة القادة العرب وتأمين إقامتهم من شأنه أن يعطي رسائل إيجابية الى الخارج حول صورة بلادنا وأن يدعم ثقة الأجانب بها باعتبارها وجهة سياحية آمنة وتراجع نسبة المخاطر فيها كجهة استثمار بعيدا عن شبح الإرهاب... والمهم في النهاية هو أن يتم تطوير العقليات وتعزيز الإرادة السياسية حتى تكون حملات النظافة متواصلة طيلة السنة. وليست موسمية مرتبطة بزيارات مسؤولين محليين أو دوليين تقوم على عمليات تجميل أو «ترقيع» موضعية محدودة وظرفية لا تخرج عن مسلك الزائر والحدث في حين تغمر النفايات باقي الجهات بطريقة مضاعفة باعتبار تجنيد كل الطاقات لتجميل المنطقة المعنية وإهمال بقية المناطق. ويشار الى أنه تم تسخير لهذه الحملة 200 عون من الشرطة البيئية للقيام بدوريات مراقبة قارة ومنتظمة لمراقبة عمل شركات المقاولة والبلديات في بعض النقاط المحددة قصد التصدي لإلقاء الفضلات والأتربة وخاصة منها فواضل البناء في محولات الطرقات. فهل تستمر نظافة تونس وجمالها وتنقل العدوى الحميدة هذه المظاهر العطرة الى باقي جهات البلاد؟ مصدر من وزارة الشؤون المحلية والبيئة ..برنامج تجميل تونس سيتواصل ويشمل عديد البلديات ذكر مصدر من وزارة الشؤون المحلية والبيئة مطلع فضل عدم ذكر اسمه أن أشغال تجميل العاصمة بمناسبة القمة العربية ال30 شاركت فيها لجنة منبثقة من رئاسة الجمهورية أطلق عليها «لجنة نظافة المحيط» تعمل بالتنسيق مع وزارة البيئة. كما ساهمت فيها وزارة التجهيز والفلاحة وديوان الطيران المدني في الجزء الخاص به وبلدية تونس بالإضافة الى معاضدة مجهود عدد من البلديات. وأضاف أن كلفة التجميل بلغت 2.5مليار منها 600 الف دينار من رئاسة الجمهورية و1.5مليار من ميزانية الدولة و1مليار من وزارة البيئة. وشملت الأشغال الكنس الآلي والكنس اليدوي والجمالية من ذلك زراعة الازهار.. وامتدت الأشغال على 40كلم. واعتبر أن الطريق الجهوية 23 التي أبهرت جل التونسيين والتي تم التقاط العديد من الصور لها من المواطنين تمت تهيئتها تحت إشراف وزارة البيئة. وفي إجابة عن سؤالنا حول مدى تواصل أشغال النظافة وتزيين المدينة طيلة السنة وامتدادها الى جهات أخرى قال إن هذه الاشغال ستتواصل ضمن برنامج وطني أعدته وزارة البيئة لمعاضدة مجهود البلديات وذلك وفق الإمكانات والاعتمادات المتاحة. وينتظر أن يشمل البرنامج كل الولايات وأغلب البلديات وذلك عبر إحداث مناطق خضراء في عديد الجهات منها القصرين وسيدي بوزيد وعدة مناطق أخرى...