تونس (الشروق) فقد البرلمان دوره وأُفرغ من محتواه حتّى أصبح مؤسسة خاوية أفلتت أوراق اللعبة السياسية منها ،وبقيت عاجزة عن طرح الملفات التشريعية الهامة. أُفرغ البرلمان من محتواه منذ بداية أشغاله ،خاصة بعد أن شكّل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي برلمانا موازيا بأشكال مختلفة ،منها «وثيقة قرطاج 1» «ووثيقة قرطاج 2 » ..وجمع الأحزاب والمنظمات الوطنية لتحديد مسائل مصيرية في تونس منها ملامح الحكومة وبرنامج عملها ،لكن بقي مجلس نواب الشعب يفتكّ بعضا من صلاحياته ويعيد البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي على امتداد السنوات الماضية. بالرغم من الصلاحيات الواسعة التي نص عليها الدستور التونسي ومكّن البرلمان من التمتّع بها إلاّ انه بقي في الأربع سنوات الماضية ،مُجرّد حديقة خلفيّة للسلطة التنفيذية ومساحة يتم فيها تطبيق ما تم الاتفاق عليه خارجها ،حتّى انه أصبح مؤسسة «مناسباتية» لا تتحرّك إلاّ عند ما يبرز حدث بشكل لافت على المستوى الوطني ،حتّى انه تحوّل إلى مؤسسة لرد الفعل والتفاعل. ملفات تشريعية لكن حتى على امتداد الأربع سنوات الماضية كان البرلمان حاضرا ولو بشكل محتشم، أما في الفترة المتبقية من المدة النيابية يبدو أن البرلمان اصبح مؤسسة خارج السياق السياسي كلّيا، بعد ان فقد كل أوراق التغيرات السياسية ،وأصبح فاقدا حتى للقدرة على القيام بدور هام في ما يتعلق بوظيفته الأولى وهي الوظيفة التشريعية. الملفات التشريعية القادرة على إدارة الاعناق للبرلمان، وضعها النواب جانبا بعد أن تأكدوا من استحالة تمريرها ،وعلى رأسها مشروع قانون المساواة في الميراث والإصلاحات التي سيتم إدخالها على مجلة الأحوال الشخصية. فهذا النص التشريعي دخل بشكل رسمي الى رفوف البرلمان بعد جلسة استماع يتيمة عقدتها اللجنة المكلفة بالنظر فيه، لممثلين عن رئاسة الجمهورية باعتبارهم جهة المبادرة. وتم الاستماع الى ممثلين عن رئاسة الجمهورية. ثم أعيد المشروع الى الرفوف، مما أكّد مقولة غياب الإرادة السياسية في تمريره وغياب الأرضية المجتمعية التي يمكن أن تقبل بتطبيق هذا النص أو مناقشته حتى. فالتوتر المستمر الذي تعيشه تونس يُعتبر أيضا أحد الأسباب الرئيسية التي قادت الى التخلي عن مناقشة المشروع حاليّا. العتبة الانتخابية مشروع قانون تركيز عتبة انتخابية في الانتخابات التشريعية الذي قدمته الحكومة منذ فترة ،يبقى أيضا من النصوص التشريعية المهمة التي يمكن تصديرها الى المؤسسة التشريعية القادمة. فبعد أن أنهت اللجنة المكلفة بالنظر في هذا المشروع مناقشته وإحالته الى الجلسة العامة ،تعطّل مساره بسبب خلافات كبرى بين من يدفع في سياق تركيز عتبة ب 5 بالمائة ومن يتحدث عن إمكانية الترفيع في العتبة الى 7 بالمائة ومن يرى أن العتبة لا يجب أن تتجاوز 3 بالمائة فقط. الصراعات الحاصلة حول حجم العتبة عطّل النظر في مشروع القانون ،حتى أن لجنة التوافقات اجتمعت ساعات طويلة دون أن تتمكن من تقريب وجهات النظر وحسم الملف نهائيا. المحكمة الدستورية المحكمة الدستورية هي أيضا من أهم الملفات التي بقيت عالقة في تفاصيل الصراعات السياسية بين الأحزاب والنواب. فبالرغم من مضي أكثر من ثلاث سنوات منذ المصادقة على القانون المحدث للمحكمة إلا ّ أنها بقيت الى الآن حبرا على ورق. فنواب البرلمان فشلوا في ثلاث محطات متتالية في انتخاب ثلاثة أعضاء سيؤثثون المحكمة الدستورية ،أوكل القانون المُحدث الى المحكمة مهمة انتخابهم للبرلمان. هذا الهيكل بقي معطّلا بسبب عدم التوافق على الأسماء التي ستؤثثه. وفشل المترشحون في الحصول على ثقة ثُلثي الأعضاء ،إلاّ واحدا فقط. تركيز المحكمة الدستورية مُهمة من المنتظر أن تُحال الى البرلمان القادم. وسوف يقرّر إما الإبقاء على الأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضائها أو تعديل القانون وحصر الأغلبية في 109 نواب فقط. قانون الطوارئ لم يبق للبرلمان سوى إمكانية تمرير مشروع قانون الطوارئ الذي قدمته الحكومة للبرلمان يوم 30 نوفمبر 2018 وتمت احالته الى لجنة الحقوق والحريات ،وهو نص تشريعي يطالب الجميع بالإسراع في المصادقة عليه حتى ان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قال في جلسة اجتماع مجلس الامن القومي في مارس 2019 انه يدعو البرلمان لتحمل مسؤوليته وتمرير هذا النص. الحملات الانتخابية خارج هذه الوظائف الرئيسية للبرلمان ،يجد عدد كبير من النواب وظائف أخرى بدأت تظهر بشكل لافت ،وهي تحويل النقل المباشر للجلسات العامة لمساحة لمخاطبة الناخبين والقيام بحملات انتخابية سابقة لاوانها وهو ما يساهم في احداث اخلالات عدة منها تحويل عمل وجهة البرلمان الى أغراض سياسية خارج الوظيفة التمثيلية التي من المفترض أن يقوم بها النائب ،إضافة إلى تمتّع النواب بوسيلة تواصل مباشرة مع الناخب التونسي في حين يبقى سياسيون آخرون خارج التغطية الإعلامية وهو ما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بشكل مباشر. قروض ارتباطا بعدم قدرة البرلمان على تمرير النصوص التشريعية الهامة، أثث البرلمان رزنامة عمله بقائمة طويلة من القروض التي بقيت فانتظار مصادقة البرلمان لفترة طويلة.