يتضمّن جدول أعمال البرلمان مناقشة ملفات ساخنة ونصوص شديدة الأهمية. منها ما سيسقط آليا بفعل تناقضه مع قوانين أخرى ومنها ما سيحاول البرلمان تمريره بالرغم من غياب التوافقات حول مضمونه وتنامي ظاهرة الغيابات التي يمكن أن تُعطّله. تونس –الشروق يُناقش نواب البرلمان يوم الثلاثاء 19 فيفري 2019 عددا من مشاريع القوانين. أهمها مشروع قانون أساسي عدد 63/ 2018، المتعلق بالتنصيص على عتبة تقدّر ب 5 بالمائة يتم اعتمادها في الانتخابات التشريعية القادمة، إضافة الى مقترح قانون أساسي عدد 19/2018 ويتعلّق بتمكين «التجمعيين « من عضوية مراكز الاقتراع، إضافة الى مشروع قانون أساسي عدد 64/2018 ،يتعلق بضبط مقاييس تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد مقاعدها. الأغلبية المطلقة مشاريع القوانين التي يرغب البرلمان في تمريرها، هي مشاريع قوانين أساسية أي أن التصويت عليها يتطلّب الأغلبية المطلقة ( 109 ). وهو ما يجعل من مهمة البرلمان صعبة خاصة بعد تفاقم ظاهرة الغيابات مؤخرا ، إضافة الى أن هذه النصوص التشريعية ليست محل توافق بين كل الكتل البرلمانية. فالنقاشات التي حصلت في اللجان قبل إحالة النصوص الى الجلسة العامة تميّزت بالتوتر. وكشفت عن عمق الخلاف بين النواب حول مضامينها. أما في ما يتعلق بمشروع القانون الذي يؤسّس لاعتماد عتبة انتخابية وتقدّر ب 5 بالمائة، فينص الفصل الثاني منه على أن «تضاف إلى الفصل 110 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المشار إليه أعلاه فقرة تدرج مباشرة بعد الفقرة الثالثة منه هذا نصها:الفصل 110 (فقرة رابعة) : لا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشحة التي تحصلت على أقل من %5 من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة». غياب التوافق هذا الفصل يجعل كل القائمات الانتخابية المتحصلة على أقل من 5 بالمائة من الأصوات المصرح بها في الدائرة الانتخابية خارج حسابات توزيع المقاعد في هذه الدائرة. وهو ما يجعل عددا من الأحزاب والقائمات التي لا تتمتع بثقل شعبي كبير، خارج المؤسسة التشريعية القادمة . هذا النص لم يحظ بتوافق النواب في اللجنة التي تولّت مناقشته قبل إحالته الى الجلسة العامة. واختلفت الآراء حوله حتى أن نواب الكتلة الواحدة يختلفون في تقييمهم لاعتماد العتبة. وهو ما يجعل من مهمة تمريره صعبة للغاية. ويرجّح فرضية التخفيض من العتبة لتصل الى 3 بالمائة بعد أن اقترحت الحكومة حصرها في نسبة 5 بالمائة . أما في ما يتعلق بمشروع القانون الذي يعيد تقسيم الدوائر الانتخابية فهو أيضا محل خلاف بين النواب في الشكل والمضمون. ويقترح هذا النص ضبط عدد أعضاء مجلس نواب الشعب وعدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية على قاعدة نائب لكل ستين ألف ساكن. ويسند مقعد إضافي الى الدائرة وكلما تبين بعد تحديد عدد المقاعد المخصصة لها أنّ عملية ضبط عدد الأعضاء تفضي إلى بقية تفوق ثلاثين ألف ساكن. إسقاط القانون هذا النص يتناقش مع مضمون الفصل 106 من القانون الانتخابي الذي ينص على أن «يتمّ تقسيم الدوائر الانتخابية. ويُضبط عدد مقاعدها بالاستناد إلى قانون يصدر سنة على الأقل قبل الموعد الدوري للانتخابات التشريعية». ومن المنتظر أن يتم إسقاطه في الجلسة العامة باعتباره يخالف القانون الانتخابي. أما في ما يتعلق بمقترح القانون الذي ينص على تمكين «التجمعيين» من عضوية مراكز الاقتراع وهو نص تقدمت به كتلة مشروع تونس ، فمن المنتظر أن يثير نقاشات طويلة داخل قاعة الجلسات العامة خاصة أنه أثار نقاشات داخل اللجنة التي قامت بمناقشته منذ البداية. وحصلت خلافات حتى حول نتيجة التصويت عليه. مخالف للدستور يعتبر أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي أن إقصاء «التجمعيين « من الحضور في مراكز الاقتراع يعتبر إجراء مخالفا للدستور. ولا يمكن الحديث عن إمكانية مشاركة «التجمعيين « في تزوير نتائج الانتخابات باعتبار أن كل العملية الانتخابية أصبحت بيد هيئة مستقلة . الخرايفي أضاف أن هذا الإجراء كان مدفوعا «بشرعية ثورية «. وهو الآن أصبح يمثل إقصاء لشريحة من التونسيين وحرمانها من حقها السياسي . أهمية العتبة يؤكد المدافعون عن ضرورة اعتماد عتبة انتخابية والترفيع فيها على أنها ستؤثر بشكل إيجابي على صورة البرلمان القادم، الذي سيكون أقل تشتتا وأكثر تماسكا من البرلمان الحالي باعتبار أنّ العتبة تقصي عددا كبيرا ممن تعتبر تمثيليتهم الشعبية ضعيفة .