من الواضح أن «كرة الجريء» مُتعاقدة مع المَشاكل والفضائح. فَبعد إختفاء إثارة الترجي الجرجيسي من صُندوق البريد تَتواصل المَهازل في صُفوف الهُواة حيث تَحدث أكبر التجاوزات وأخطر الخُروقات بَعيدا عن الأضواء. وتَعيش الأندية الهَاوية منذ فترة ليست بالقَصيرة على وقع ضجّة كَبيرة على خَلفية تَجميد نشاط أكثر من 60 جمعية بقرار صَادر عن الجريء بحُجّة عدم تَوفّر العدد المطلوب من الإجازات. وقد شهدت هذه القضية تطوّرات مُثيرة خاصّة بعد أن استقطبت اهتمام الصّحافة التونسية وحتى الجِهات السياسية لخُطورة هذا الإجراء الذي أحَال آلاف الشبان على البِطالة. اتّهامات وشُبهات الجَديد في هذه القَضية يَكمن في «العَفو» الذي أصدره الجريء على عدد من الأندية «المُعاقبة» والتي كانت قد دخلت في اعتصامات مفتوحة فضلا عن لجوء البعض منها لمجلس النواب أملا في إعادة الجريء إلى رشده وفي سبيل إنقاذ آلاف الشبّان من الضَّياع. ولئن أسعد قرار «رفع الحَظر» عدّة جمعيات وجِهات لا تملك من وسائل الترفيه سوى كرة القدم فإن بعض الأندية الناشطة احتجّت على عودة «زُملائها» وكأنّ شيئا لم يَكن. ويعتقد المُعارضون لقرار «العَفو» أن الجامعة «هَضمت» حُقوقهم بحكم أن «رفع الحظر» عن الأندية «المُعاقبة» سيؤثّر بصفة مُباشرة في حسابات الصُعود والنُزول. ويذهب المُحتجّون أبعد من ذلك ليُؤكدوا أن قرار الصّفح عن المجمّدين تَحوم حوله العَديد من الاستفهامات وحتى «الشُبهات». وقد تحصّلت «الشروق» على نسخة من العريضة التي حرّرتها بعض أندية الشمال الغربي ويُطالب الموقّعون على هذه العريضة جامعة كرة القدم بالتثبّت والتحري في الوثائق التي استظهرت بها الأندية التي رُفع عنها العِقاب بعد أن نجحت في تسوية ملفاتها بالتَنسيق مع اللجنة التي أوكل لها الجريء مُعالجة هذا النزاع. ويشكّك المُحتجون في سلامة الوثائق المُقدّمة للجامعة ويُلحون في الوقت نفسه على أن القانون والأعراف تكفل لهم الحق في الإطّلاع على هذه المُستندات لقطع الشك باليقين خاصة أن العديد من الجهات تتحدّث في الكواليس عن وجود خُروقات واخلالات في ملفات الجمعيات المُستفيدة مؤخّرا من «العَفو» المغلّف بالمصلحة العامّة ولا يعرف هؤلاء طبعا أين اختفت المصلحة العامّة عندما تمّ تجميد أكثر من 60 ناديا لسبب «تَافه» وهو عدم توفير 18 إجازة؟ ويظن المحتجون أن قرار التجميد جاء في نطاق التقيّد المزعوم بالقانون الذي ينص على إيقاف نشاط أية جمعية في صورة عدم توفير 18 إجازة ويتساءل هؤلاء عن الدافع الذي يجعل الجامعة ترفع الحظر عن «المُعاقبين» طالما أنهم لم يلتزموا بالشروط المُتّفق عليها (توفير 18 إجازة والاستظهار ببطاقات التعريف بداية من صنف الأصاغر...). ويتّهم المُحتجون أيضا الجامعة بالوقوع في فخّ التَرضيات لبعض الجمعيات والجِهات ويستغرب «المُعارضون» كذلك من الطريقة «التَعسّفية» التي عاملهم بها مكتب الجريء عند تحوّلهم الأسبوع الفارط إلى مقر الجامعة لتسجيل «اعتراضهم». هذا ويؤكد بعض المُحتجين على قرار الجامعة بأنهم قد يضطرّون إلى مُقاطعة المُنافسات وهو ما قد يتسبّب في فضيحة ثانية في صفوف الهُواة. الجامعة تَنفي من جِهتها، نَفت الجامعة جُملة وتَفصيلا ما وقع تَداوله بخصوص القِيل والقال الذي رافق ملفات الأندية التي رُفع عنها «الحَظر» لتعود إلى سالف نشاطها بعد أن قامت بتسوية وضعيتها تحت إشراف اللّجنة القانونية التابعة للجامعة التونسية لكرة القدم. وتعتقد الجامعة أن هذه القضية مُفتعلة وقد «صَنعتها» بعض الأندية الناشطة لأنه ليس من مصلحتها رفع العِقاب عن بقية مُنافسيها بسبب حسابات الصّعود والنزول وتقتضي المصلحة العَامة إعادة كلّ الجمعيات التي حَرصت على تسوية وضعياتها إلى سَالف نشاطها وليبقى الميدان هو الفيصل. **** وما بَين «الهزّان والنّفضان» الذي يُميّز سياسات الجامعة وتغليب الجمعيات لمصالحها الذاتية تَغرق الكرة التونسية في مُستنقع الفوضى من القمّة إلى القَاع.