بَين «تَغوّل» جامعة الكرة و»إهمال» الأندية قد يَجد الآلاف من الشُبّان أنفسهم في الشارع ليكونوا صَيدا سَهلا لعِصابات الإنحراف والإجرام وربّما الخَلايا الإرهابية. إن قَضيّة الحَال تَتعلّق ب»جُرم» صَغير تَبعه عِقاب كَبير بما أن الجمعيات «المُذنبة» تَعرّضت إلى الإيقاف على خَلفية عدم إلتزامها بإحترام العَدد المُتّفق عليه على صعيد الحدّ الأدنى من الإجازات وهو 18. آلاف الشبان يُواجهون المجهول القَضية تبدو في ظاهرها بَسيطة إن لم نَقل إنها «تَافهة» بالنظر إلى ما تعيشه ساحتنا من فَساد. لكن عَواقب هذا الملف ستكون خَطيرة بما أنّ الأزمة تُهدّد مُستقبل 63 جمعية هَاوية ونَاشطة في جهات لا تَملك من وسائل التَرفيه غير الكرة وليس لها من مَتاع الدنيا سِوى شُبّانها الذين اختاروا اللّعب في الظلّ وعلى «التراب» أوعلى «العشب» لمن استطاع إليه سبيلا وذلك من أجل إمتاع الأهالي وحِماية أنفسهم من أصحاب السُوء. اللاّعبون المُتضرّرون من قرار الجامعة يَعدّون بالآلاف حسب شهادة السيد فتحي الحشايشي وهو رئيس نادي تاكلسة التي شَملها العِقاب. ويؤكد الحشايشي أن عدد «الكَوارجية» المُتضرّرين من هذه العُقوبة القَاسية قد يصل إلى ستّة آلاف شاب وهو ما يُشكّل صَدمة شديدة وخَسارة كبيرة خاصّة أن قرار التَجميد سيؤدي إلى «تَضييع» شبابنا وإحالته على الشَارع. وهُنا تكمن الخُطورة الحقيقية لهذه القضية وذلك بغض النّظر عن الطّرف المُخطىء. تعدّدت الأسباب و«الضحية» واحدة قد تَزعم الجامعة أنها تَقيّدت بتطبيق القانون الذي يعرف القاصي والداني أنّه بيد الجريء. وقد تَلعب الجَمعيات المُتضرّرة دور البَريء خاصّة في ظل ضبط آجال صَارمة لتسوية هذه الوضعية وقياسا أيضا بالتَعقيدات المُرافقة لتجهيز الإجازات (على غرار إجراءات الحُصول على بطاقات التعريف الوطنية لبعض الأصناف الشّابة). الأسباب عديدة والقراءات كثيرة في هذا الموضوع والثابت أن «الضَحية» واحدة والحديث عن الشبان الذين سيدفعون فَاتورة «تقصير» أنديتهم و»دكتاتورية» جَامعتهم التي تعاملت مع هذه القضية بطريقة صَارمة وهو أمر محمود لوأن الجريء تقيّد بتطبيق القانون على الجميع وبنفس الصّرامة أمّا أن يُجمّد 63 ناديا فقيرا مُعدما بسبب الإجازات في الوقت الذي يمنح فيه «العَفو العَام» ل «البَاندية» كما حصل مع عدة لاعبين ومدربين وأطباء فهذا من العلامات الدالة على خَراب الكرة التونسية. تَصعيد في ظلّ تعنّت مكتب الجريء وإصراره على إحالة هذه الأندية على البِطالة الكروية جاء المسؤولون من كلّ فجّ عميق و»احتلوا» مقر الجامعة في المنزه مُعلنين عن الدخول في إعتصام مفتوح إلى حين رفع العُقوبة وإن استمر الجريء على موقفه فإنّ المتضررين سيضعون الملف على طاولة الحكومة خاصّة في ظل الشكوك حول قدرة الوزيرة على تطويق هذه الإشكالية التي لا تُهدّد مصير الجمعيات فحسب بل أنها قد تتسبّب في تحركات وتظاهرات ميدانية في الجهات الحَاضنة لهذه الأندية التي تَتّهم رئيس الجامعة ب»التَشدّد» في قراراته ويذهب البعض أكثر من ذلك ليُؤكدوا أن العِقاب المُسلط عليهم «أمر دُبّر بليل» بما أن قرار التجميد سَيُعفي الجامعة من دفع المنح التي من المفروض أن ترتفع في ظل «الثّروة» التي تحصّلت عليها جامعتنا من «الفيفا» بعنوان المشاركة في المونديال الذي قُلنا في أكثر من مناسبة بأنه أشبه بالشّجرة التي تحجب «الكَوارث» الحَاصلة في ملاعبنا.