بَعد ثلاثية الذهاب، سَحق الترجي قسنطينة بثلاثية أخرى في الإياب ليعبر فريق الشعباني إلى مربّع الذهب عن جدارة وإستحقاق بشهادة كلّ المتابعين وبإعتراف من الصّحافة الجزائرية. انتصار الترجي أسعد الجمهور وأثلج صُدور اللاعبين والفنيين والمسؤولين بقيادة حمدي المدب الذي غَمرته الفرحة بهذا الترشّح في انتظار كسب "مَعركة" الدور نصف النهائي أمام "مَازمبي" الكونغولي (على الأرجح أن يدور لقاء الذهاب يوم 27 أفريل في رادس ومُباراة الإياب يوم 4 ماي في "لوبومباشي"). وفي صورة الإطاحة بالكونغوليين فإن الترجيين سيخوضون الشطر الأول من "الفينال" خارج الديار مُقابل إجراء الإياب في رادس وهو ما يضع سفير تونس أمام فرصة ذهبية لتِكرار ما فعله بالوداد والأهلي في 2011 و2018. اعتراف جزائري تفوّق الترجي على قسنطينة بالضربة القاضية في لقاء الذهاب ومع ذلك فإن بعض الجِهات علّقت الهزيمة على شمّاعة التحكيم في الوقت الذي انخرطت فيه أطراف أخرى في إثارة قضيّة يوسف البلايلي. وبعد أن كرّر الترجي الفوز على الفريق القسنطيني بثلاثية أخرى في رادس اعترف الأشقاء بجدارة أبناء الشعباني وقد جاء في جريدة "المُحترف" العنوان التالي:" الخضورة لم تَصمد في رادس" في إشارة إلى انهيار فريق "لافاني" أمام قوّة "المَاكينة" التونسية. والطريف أن صحيفة "المُحترف" هذه كانت قد "تبنّت" بالأمس حكاية الإحتراز المزعوم على مُشاركة يوسف البلايلي بحجّة عدم استيفاء عقوبة تَعاطي المنشّطات. ومن جَانبه أكد المدرب الفرنسي "دنيس لافاني" أن خبرة "المكشخين" كانت حاسمة في لقاء رادس مُعتبرا أن فريقه قام بالواجب وقدّم أداءً مُحترما. جمهور من ذهب رغم أسبقية الذهاب والصُعوبات التي تُرافق المُباريات المُقامة ليلا في رادس فإن الجماهير الترجية حضرت أمس الأول بأعداد غفيرة. وتشير التَقديرات إلى أن عدد المتفرّجين تجاوز سقف ال 20 ألف "مكشّخ" وقد صنع الأنصار كعادتهم الحدث وكانوا أفضل سند لأبناء الشعباني أثناء فترات السيطرة على الأشقاء وبصفة خاصّة في الدقائق التي تراجع فيها الأداء بفعل "التراخي الذهني" الناجم عن شعور اللاعبين بأن اللّقاء انتهى والترشّح أصبح في المكتوب. ولا يُمكن طبعا أن نمرّ على ملف الجمهور دون التوقف عند تلك الفيديوهات المُؤثّرة التي تداولها روّاد "الفايس بوك". وظهر في مقاطع هذا الفيديو مشجّع كَفيف وهو يساند جمعيته من مدرجات رادس صِياحا وتصفيرا إلى حين إعلان الحكم المغربي نورالدين الجعفري عن نهاية اللّقاء. بقير يصنع العجب أكد سعد بقير أنه قادر على صِناعة العجب عندما يكون في أفضل حالاته الفنية والذهنية. وقد سجل سعد ثنائية رائعة في الشباك الجزائرية مستفيدا من يُسراه "الذهبية". ثُنائية سعد أظهرت من جديد الموهبة العَالية لهذا اللاعب الذي نفى ليلة أمس الأول "تُهمة" التألّق في المُناسبات و"الفِينالات". ومن المعلوم أنه ساد الإعتقاد لدى الكثيرين بأن سعد لا يُبدع إلاّ في النهائيات كما حصل في "فينال" الكأس العربية (2017) و"فينال" رابطة الأبطال الإفريقية (2018) وأيضا نهائي كأس تونس (2015 بأزياء "الستيدة" آنذاك). والطريف في هذه "القِصّة" أن بعض الأحباء أكدوا أن بقير كان يظن أن لقاء قسنطينة يندرج أيضا في إطار "الفينال" لا ضمن الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال وهو ما جعله يتألق بشكل لافت. ومن المُؤكد أن ثنائية بقير في شباك قسنطينة ستعيد له ثقته في امكاناته وهي كبيرة شرط أن يُحسن صاحبها توظيفها بالشّكل المطلوب ومن الضروري طبعا أن يحرص على الانتظام في مردوده لا أن يكون مِثل هلال "الفينال" بل هلال رمضان. حديد في حديد يفرض الفريق القسنيطيني الإحترام خاصّة أنه يُشارك للمرّة الأولى في تاريخه في الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال. لكن هذا لا يَعني أبدا أن المُواجهة المُكرّرة التي خاضها الترجي ضد الأشقاء تدخل في خانة المُباريات "المَرجعية" والتي يمكن الوقوف من خلالها على القوّة الحقيقية ل "المَاكينة" الصفراء والحمراء والتعرّف على مدى جاهزيتها للإحتفاظ بالعَرش القاري. ويعرف الشعباني في قرارة نفسه أن فريقه اجتاز امتحان المجموعات وفخّ الدّور ربع النهائي بشكل مُمتاز لكن الإختبارات الأصعب والأخطر ستبدأ في المُربّع الذهبي الذي ستدور منافساته بحضور أبطال إفريقيا في الأعوام الأربعة الأخيرة وهم على التوالي: الترجي (2018) والوداد البيضاوي (2017) و"صَن داونز" الجنوب - إفريقي (2016) و"مَازمبي" الكونغولي (2015). ومن شبه المؤكد أن الصِّدام سيكون قويا بين الترجي و"مازمبي" الذي لنا معه حِسابات و"ثَارات". ويدرك الترجي حتما أن لقاء الذهاب في تونس هو مفتاح العبور إلى "الفينال" الشيء الذي سيجعل سفير تونس يحشد كلّ "أسلحته" لتحقيق نتيجة مُطمئنة في رادس الذي سيستقطب ما لا يقل عن 30 ألف محب لقهر "الغِربان" الكونغولية وذلك حسب المعلومات القادمة من الحديقة "ب". هذا طبعا في انتظار الاتفاقيات النهائية مع الجهات الأمنية التي أمرت بإخلاء جزء من المدرجات تَوقّيا من مخاطر الشّغب. انتعاشة بدنية رغم النسق الجُنوني للمباريات المحلية والدولية فإن الترجي أظهر انتعاشة بدنية كبيرة وهذه النقطة الإيجابية تُحسب حتما للمشرفين على الجانبين الطبي والبدني بقيادة ياسين بن أحمد وصبري البوعزيزي. ولاشك في أن المسؤولية المُلقاة على الأطباء والمعدين البدنيين للترجي جسيمة بالنظر إلى مَخاطر الإصابات في هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة على مختلف الواجهات وتتضاعف مسؤولية هؤلاء في ظل ضرورة تجهيز العناصر الإحتياطية لتكون تحت الطلب كما حصل في عدة لقاءات راهن فيها الشعباني على البُدلاء لتعويض اللاعبين المُصابين والمُرهقين. ماذا عن "لوكازا"؟ أطلق بعض الأحباء حملة واسعة النطاق لدعم المهاجم النيجيري "جُونيور لوكازا" إيمانا منهم بأنه "مظلوم" ويستحقّ الحُصول على فرصة الظهور في التشكيلة الترجية لا البَقاء كعَجلة خامسة. وقد تمّ تشريك "لوكازا" في الشوط الثاني من لقاء قسنطينة وقام اللاعب للأمانة بمجهودات كبيرة على مستوى المُعاضدة الدفاعية لكنّه افتقر في المُقابل إلى النجاعة في مَهمّته الأساسية كمهاجم وقد تحصّل "لوكازا" على فرصة ذهبية لمعانقة الشباك في اللّحظات الأخيرة من المباراة لكن تصويبته أخطأت المرمى. وسيكون من الإجحاف طبعا "مُحاسبة" الرجل بعد أن اكتفى باللّعب لفترة وجيزة (حَوالي 25 دقيقة). لكن هذا لا يمنع من تأكيد حساسية موقف "لوكازا" المُطالب بإستغلال أنصاف الفُرص لقلب أوضاعه وإن لم يفعل فإن الصّيف القادم لن يأتيه بأخبار جيّدة.