الغش مرض خطير وداء عضال وهو نوع من أنواع التحيل حرمه الله لما فيه من مفاسد تفتك بالأفراد والمجتمعات. وتتعدد مظاهره وتتنوع أساليبه حتى لا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة إلا طاله وناله وعلى سبيل الذكر لا الحصر يظهر الغش في إخفاء عيوب السلع وعدم تبيينها لمشتريها أو التلاعب في المكاييل والموازين ونقصانها وإظهار أن الكيل كامل والوزن . لقد أعدّ الله لهذه الشريحة من المتحايلين واديا في جهنّم اسمه الويل قال تعالى {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين 1...3) ومن أنواع الغش الغش في الوظائف بأن يأتي أحدهم بشهادة كاذبة لا أصل لها بأنه طبيب أو مهندس أو خبير والواقع خلاف ذلك، قال صلى الله عليه وسلّم: إنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النّار وإنّ الرجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذّابا. ( متفق عليه) أو بأن لا يؤدي الموظف وظيفته على الوجه المطلوب: تخلف في الوقت وعدم دقة في الأداء ومراعاة المصالح الشخصية أو أن يولى المسؤول من ليس له كفاءة ولا علم ولا معرفة ولا حسن تنفيذ محاباة له، يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة. (أخرجه مسلم) وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين. (أخرج الحاكم في المستدرك) كما يظهر الغش في مجال القضاء كالغول فيأتي على الحق فيمحيه ويقف بجانب الباطل ليعليه فتراعى في الأحكام المصلحة الشخصية والمنافع المادية. عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ، قَاضِيَانِ فِي النَّارِ ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، قَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَذَاكَ فِي النَّارِ وَقَاضٍ قَضَى بِحَقٍّ فَذَاكَ فِي الْجَنَّةِ. (أبو داود والترمذي وابن ماجه والطبراني) ومن أخطر أنواع الغش شهادة الزور ، قال تعالى {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (الزخرف 86) وقال تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (الحج 30) ولقد عدَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم شهادة الزور من أكبر الكبائر كما جاء في الحديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور، قال: فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. (صحيح البخاري) فشهادة الزور تقلب الحقائق وتجعل الباطل حقا والحق باطلا وتقطع بها أموال وتسفك بها دماء وتنتهك بها أعراض... وخطورة الغش القصوى تظهر في الفتاوى فهناك من يفتي الناس على خلاف الصواب. قال صلى الله عليه وسلم: من أفتي بفتيا غير ثبت، فإنما أثمه على من أفتاه. (رواه ابن ماجة) وقد حرم الله القول عليه بلا علم فقال تعالى {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ} (النحل 116) فمن ادعى العلم وهو ليس بعالم فإنه قائل زور ومن ادعى أنه ذو توجيه ومعرفة وتوجيه للأمة وهو خلاف ذلك فهذا غش للأمة. وما أكثر طرق الغش في الامتحانات ووسائله بين الطلاب والطالبات وسبب ذلك هو ضعف الوازع الديني ورقة الإيمان وقلة المراقبة لله تعالى أو انعدامها. قال صلى الله عليه وسلّم: من غش فليس منّي. (رواه مسلم وأبو داود والترمذي) .