تحيي تونس اليوم، عيد العمال العالمي في ظل اوضاع عمالية متردية وتواطؤ سياسي فاضح مع الاعراف وانهيار غير مسبوق في كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية... تونس «الشروق»: انهيار منظومات حماية العمال في تونس وضرب المقدرة الشرائية للأجراء، تلك هي منجزات الطبقة السياسية التي ادارت شؤون البلاد منذ الثورة. هذا هو رأي الشعب التونسي في تقييمه لأوضاع الشغيلة بعد ثماني سنوات من الثورة. وعلى رأي علي، عامل بمقهى يقع في وسط العاصمة، « أفضل عدم نشر صورتي لأنني اخاف ان أجد نفسي غدا عاطلا عن العمل. المقهى الذي اشتغل فيه يحقق رقم معاملات يومي يقارب العشرة الاف دينار. اما انا فأتقاضى خمس مائة دينار علما وان المؤجر لا يحترم قانون الشغل بما في ذلك التغطية الاجتماعية وباقي الحقوق التي ينص عليها قانون الشغل». وامثال علي كثر في تونس اذ اصبح التشغيل الهش القاعدة وليس الاستثناء. وبلغة الارقام، نظرت المحاكم التونسية المختصة في ما يقارب ال40 الف قضية شغلية خلال سنتي 2017 و2018. رقم يعكس حجم المظالم المرتكبة في حق الشغيلة في تونس. على المستوى النقابي، سجلت تونس خلال سنة 2017، 205 اضراب بالقطاع الخاص و42 اضرابا بالقطاع العام. ارقام تعكس الأوضاع المتردية داخل المؤسسات التونسية الخاصة والعمومية. وتشير الأرقام كذلك الى ان القدرة الشرائية للمواطن التونسي تراجعت بأكثر من 42 بالمائة خلال السنوات الأخيرة وهو ما دفع بالتونسيين الى التداين من اجل توفير مستلزمات الحياة فحسب أرقام رسمية للبنك المركزي التونسي تضاعف حجم القروض البنكية المسندة إلى الأسر التونسية مرتين، ليمر من 10.7 مليار دينار في ديسمبر 2010 إلى 20.8 مليار دينار في مارس 2017. احتقان... في رصده للوضع الاجتماعي والسياسي في تونس، يرى الأستاذ المحامي جلال الهمامي « في وضع دقيق وواقع اجتماعي يرتفع فيه منسوب الاحتقان وتردي الوضع الاقتصادي للبلاد والتطاحن والتجاذب السياسي بين السلطة والمعارضة واستفحال الازمات من بطالة وتهميش للجهات وانتعاش التجارة الموازية ونسبة تضخم ترتفع يوما بعد يوم وسعي ممنهج للقضاء على الطبقة المتوسطة والفئات المتوسطة يتنزل الاطار العام للاستحقاق الانتخابي القادم 2019. لذلك فان التونسيين يئسوا ونبذوا السياسة والساسة ولذلك أكثر من تبرير فالأحزاب تسعى الى السلطة دون برامج او مضامين حتى وان استوجب الامر التحالف مع الشيطان فنحن انتفضنا من اجل الحرية والكرامة والشغل والتنمية وها هي ثماني سنوات مرت والحال أتعس مما كان.» مضيفا « حالة الياس العامة او تكاد تكون من الفاعلين اي السياسيين تقودنا الى الشعور بالعجز عن الفعل والتغيير لولا بعض المحاولات من مبادرات مدنية انتفضت وتجشمت وحاولت رفض الموجود واثبتت قدرتها على الفعل وتجدها تسعى الى التعبير والتصدي فخاضت معارك كمواجهة اتفاقية الاليكا او العتبة الانتخابية ومحاولة التجميع لكافة المنظمات الاجتماعية وحتى الاحزاب الديمقراطية التقدمية لتوحيد الموقف .هذه المبادرات لو واصلت بنفس منطق الانفتاح على قاعدة المدنية والحداثة والبرامج التي تسعى الى تحقيق الاهداف الاجتماعية التي ننتظرها جميعا اخالها قادرة على الفعل والتغيير رغم صعوبة الرهان وان تحدت الارادة وعزمنا على الفعل نحن قادرون على التغيير». مظالم... سياسيا، اعتبر الأستاذ عبد الكريم الدريسي أمين عام حزب الوفاء للوطن ان مأساة السبالة في سيدي بوزيد والتي راح ضحيتها ثلاث عشرة عاملة فلاحية تغني عن أي تعليق معتبرا ان « دماء الشغالين في تونس في رقاب السياسيين الذين لا هم لهم الا الحفاظ على الكراسي والمناصب والمنافع في وقت تزداد فيه أوضاع العمال والفئات الضعيفة ترديا». وأضاف الأستاذ الدريسي « لذلك يسعى حزبنا الى إيجاد موضع قدم في مركز القرار لتمرير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الهادفة بالأساس إلى ضمان كرامة العيش لكل مواطن تونسي وإصلاح الإدارة التونسية وإرساء قيم المواطنة». واعتبر امين عام حزب الوفاء للوطن ان « الوقت قد حان لتوجيه مقود الدولة ومراكز النفوذ للاستثمار في المناطق المهمشة لخلق مواطن شغل وإعادة الاعتبار للطبقة الوسطى». وفي ذات السياق، اكد الأستاذ الدريسي ان الحكومة لم تعد تبالي بغضب الشعب مبينا « السلطة الان بصدد الاستعداد للانقضاض على الحكم وهي تعيش حالة من القطيعة مع المطالب الشعبية المتمثلة أساسا في التنمية والعيش الكريم. فمثلا تعيش ولاية جندوبة منذ اشهر على وقع اعتصام شعبي عارم يتمثل في خيمة التنمية الحقيقية المنتصبة امام مقر الولاية ولا حياة لمن تنادي. فلا السيد الوالي تحرك للتضامن مع المعتصمين ولا السلطة المركزية في تونس اهتمت بالموضوع.