أحيت تونس امس على غرار سائر انحاء العالم ذكرى العيد العالمي للعمال في ظل تجاذبات سياسية واجتماعية وأمنية كبرى، وفي الوقت الذي سجلت فيه تونس رقما قياسيا في اعداد العاطلين عن العمل ناهز المليون عاطل. تونس التي انتفض شعبها ضد البطالة ويمثل التشغيل المعضلة الاولى للحكومة الحالية وكل الحكومات التي مرت عليها بعد الثورة يحتفل شعبها وساستها بهذا الحدث العالمي في الشارع الرمز الحبيب بورقيبة اين التقت «التونسية» العديد من الرموز الوطنية فرصدت الاراء التالية. حيث قالت وزيرة المرأة «سهام بادي» خلال مشاركتها في الاحتفال باليوم العالمي للعمال بشارع الحبيب بورقيبة ان غرة ماي هي يوم تاريخي لا يسع النخب السياسية إلا ان تقف اجلالا واحتراما لنضالات الطبقة العاملة، مشددة في الان ذاته على ضرورة ارساء قوانين وتشريعات تكفل كرامة العمال وحقوقهم الكونية والمهنية الثابتة والمتمثلة في تحديد ساعات العمل والأجرة والتغطية الاجتماعية والسلامة المهنية. وأكدت «بادي» ان ازمة التشغيل اصبحت معضلة على المستوى المحلي والعالمي، مضيفة ان هذه الازمة لن تجد طريقها إلى الحلّ إلا بتكاتف الجهود وتوحيد الصفوف من اجل النهوض بالبلاد وإيجاد الحلول الكفيلة بتشغيل اكثر عدد ممكن من حاملي الشهائد العليا وأبناء العائلات المعوزة. من جهة اخرى اعتبرت «بادي» ان الوضع الراهن للبلاد لا يحتمل مزيدا من التجاذبات السياسية والبحث عن الغنائم الشخصية، مؤكدة في السياق ذاته على ضرورة القضاء على عقلية التملك والانتهازية والتصدي بحزم للثورة المضادة. لنتجاوز خلافاتنا السياسية من جهته اكد امين عام حزب المؤتمر «عماد الدايمي» على ضرورة تحسين الانتاجية والتشجيع على الاستثمار من خلال رسم خارطة طريق واضحة لبعث المشاريع الصغرى والمتوسطة وتحريك عجلة الاقتصاد في مختلف جهات البلاد بما يضمن توفير مواطن شغل. وشدد «الدايمي» على ضرورة تجاوز الخلافات السياسية لبناء تونس الغد ،مضيفا ان حزب المؤتمر ليس له اغراض سياسية ولا مصلحة في الاستحواذ على سدة الحكم سوى خدمة البلاد. كما دعا «الدايمي» الى المحافظة على ثروات البلاد وتغليب لغة الحوار على داء الاعتصامات التي كبدت البلاد خسائر قدرت بالمليارات بمناجم «قفصة» وحقول النفط «بتطاوين» على حد تعبيره. عازمون على مواصلة النضال في السياق ذاته قال القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل «سمير الشفي» ان الاتحاد عاقد العزم على مواصلة النضال من اجل تحقيق اهداف الثورة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا ان الاتحاد كرس جهوده ونضالاته للحراك النقابي بكل تواضع وثبات بعيدا عن كل الحسابات والولاءات والزعامات حتى لا يحيد عن مبادئه ومساره التاريخي والنضالي. ودعا «الشفي» مختلف الاطياف السياسية الى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والمحاصصة الحزبية وتأمين البلاد وتحصينها من مختلف اشكال العنف. فشل ذريع أما «حسن الكنزاري» الامين العام المساعد لاتحاد عمال تونس سابقا فقد هنأ كل الشغالين بالفكر والساعد بهذا اليوم التاريخي، معربا في الان ذاته عن اسفه للعاطلين عن العمل والذين فاق عددهم المليون. وأشار «الكنزاري» إلى فشل الحكومات المتتالية في وضع استراتيجية واضحة لمجابهة ازمة التشغيل وخاصة اصحاب الشهائد العليا الذين شبعوا وعودا على حد تعبيره. ودعا «الكنزاري» حكومة العريض الى مزيد الاهتمام بهذا الشباب الواعد وتمكينهم من شغل محترم يضمن كرامتهم. تظاهرة احتجاجية وقال «عادل الحفصي» ناشط بالحزب «الشعبي التقدمي» ان الاحتفال بعيد العمال تزامن هذه السنة مع تردي الاوضاع وتدهور المقدرة الشرائية للعامل مما جعله تظاهرة احتجاجية من اجل تطوير ظروف العمل وتجميد الاسعار والقضاء على اشكال الفقر والخصاصة والتشغيل الهش. وعبّر «الحفصي» عن انحيازه التام للطبقة الشغيلة ومشاكل الشعب عموما والعمال خصوصا، داعيا مختلف النخب السياسية الى الاتحاد والوقوف سدا منيعا امام توحش الرأسمالية والالتفاف حول الاتحاد وحمايته من الهجمة الشرسة التي يتعرّض إليها من قبل حكومة النهضة وعصاباتها على حد تعبيره. ودعا «الحفصي» كافة الأطراف المشاركة في المؤتمر الوطني إلى مناهضة العنف وطالبهم بالكشف عن الجناة خاصة منهم الذين شاركوا في اغتيال «بلعيد» وتقديمهم للعدالة.