في قمّة تَحبس الأنفاس يصطدم الترجي اليوم بالقوي «مَازمبي» في إطار إياب الدور نصف النهائي للكأس الإفريقية الأغلى لكلّ الأوقات. لقاء «لوبومباشي» لا يحتاج إلى مُقدّمات بما أن الفريقين يَعرفان بعضهما البعض من زمان وهو ما يجعل أبناء المدربين «بامفيل مياهيو» ومعين الشعباني يدخلون في الجديات ويَشنّون الهُجومات مع الصّافرة الأولى للحكم الجنوب - إفريقي «فيكتور غُوميز» الذي يَحمل على عاتقه مسؤولية تاريخية لإعطاء كلّ ذي حقّ حَقّه انتصارا للعَدل ولسمعته الطيّبة في الأوساط الرياضية. الترجي وهو سَيّد الكرة الإفريقية وحامل الراية التونسية يخوض مُواجهة الكونغو الديمقراطية بأسبقية هدف يَتيم سجّله في رادس وقد يكون جواز العُبور إلى «الفِينال» للمرة الثامنة في تاريخ الجمعية. ويحتاج شيخ الأندية إلى دفاع من حديد للمُحافظة على هذه الأفضلية الطفيفة ولِمَ لا تدعيمها بهدف قَاتل عبر الكرات الثابتة أوالهَجمات المُعاكسة خاصّة أن المُنافس قد يترك فراغات كبيرة في مناطقه الخلفية وذلك لحاجته الأكيدة لصناعة اللّعب والتهديف أملا في تَغيير المُعطيات وكسب وثيقة التأهل. الترجي مُطالب بإقامة دفاعات «اسمنتية» حول شباكه لكن دون الإفراط في الانكماش في مناطقه الورائية لأن الصّمود في وجه «المَاكينة» الهُجومية للخصم لمدّة تسعين دقيقة أويزيد غير مضمون وقد يكون من الأفضل والأمثل إيجاد التوازن المأمول بين الدفاع والهُجوم. ومِثل هذه الخطّة المُتوازنة تتطلّب أداءً بُطوليا من اللاعبين دفاعا وهُجوما وتحتاج أيضا إلى دهاء عَال من الإطار الفني بقيادة الشعباني العَارف حتما بأنه أمام حتمية الخروج من «لوبُومباشي» بورقة الترشّح للمُحافظة على منصبه وإسكات المُنتقدين الذين هَاجموه في التلفزات والإذاعات بتُهمة المُبالغة في لعب الدفاع أثناء مباراة الذهاب. وقد كان الإعتماد على الثلاثي «كُوليبالي» و»كوم» والشعلالي في خطّ الوسط أبرز النِقاط الخِلافية في التحاليل الفنية التي تلت مُواجهة رادس. ولاشك في أن النتيجة المُسجّلة اليوم في الكونغو الديمقراطية ستكشف إن كانت حِسابات الشعباني صَحيحة أم أن «جَهابذة» التحليل هم «الغَالبون» حتى وإن كان بينهم الفَاشل و»السّمسار» ومن أضاع أوراقه من زمان. وليس مُهمّا أن يتفوّق الشعباني على المُنتقدين و»الطّامعين» في إزاحته عبر «الفَايس .بوك» والبرامج «المَشبوهة» والأهمّ أن ينتصر الترجي ويَخرج من «لوبومباشي» برأس مرفوع لا خَائبا أو»مقهورا» كما حصل ذات يوم «أسود» من عام 2010 عندما تلقّت الجمعية هزيمة قَاسية بفعل الخَيارات الخاطئة للبنزرتي و»الجَريمة» التحكيمية لسيء الذّكر «كُوكو جَاوبي». لا اختلاف طبعا في أن «لوبومباشي» يبقى أحد أصعب المِطبّات بالنّظر إلى «هندسته» العَجيبة وحرارة جماهيره وكذلك قوّة صَاحبه الذي تتحدّث عنه نجاحاته المحلية والإفريقية والعَالمية على امتداد العَشرية الأخيرة. لكن هذا لا يَعني أبدا تبنّي الرأي القائل بأن زائر «لوبومباشي» مَفقود والخارج منه مولود. ومن المفروض أن يقتنع الجميع بأن التعادل مع «الغِربان» أوحتّى قهرهم في عُقر دارهم ليس بالأمر المُستحيل خاصّة أن الترجي نفسه كان قد أجبر خصمه زمن معلول على التعادل. كما أن نادي «باب سويقة» يملك تقاليدا عريقة و»سَوابقا» شهيرة في تخطي أقوى الجمعيات وأصعب الملاعب وقد حصل ذلك في المغرب والجزائر ومصر والسُودان وجنوب افريقيا...وغيرها من الدّول التي مرّ منها الترجي أثناء مسيرته الطّويلة في رابطة الأبطال. وتبدو حُظوظ «المكشخين» أوفر لصناعة الفرح في قلب الكونغو الديمقراطية وذلك بالنّظر إلى أسبقية الذهاب التي تمنح فريق الشعباني حقّ العُبور عند التعادل الأبيض أوالإيجابي أوحتّى في صُورة الانهزام بفارق هدف (شرط أن لا تكون هذه الخسارة بهدف نَظيف لأنه في هذه الحالة تُصبح النتيجة مُتعادلة في مجموع المقابلتين ليقع اللّجوء إلى ركلات الترجيح). كما أن المُنافس ليس بالفريق الذي لا يُقهر كما قد يتصوّر البعض ولاشك في أن الوجه الشّاحب الذي ظهر به زملاء «تريزور مبوتو» في رادس يُقيم الحجّة على أن «مُازمبي» خصم «عَادي» وفي مُتناول الترجي شرط التعامل بذكاء مع اللّقاء وعدم التأثّر بالأجواء السّاخنة التي عادة ما تُميّز المُواجهات التي يخوضها الكونغوليون على أرضية «لوبومباشي». شيء واحد يَنبغي على اللاعبين التفكير فيه لحظة النُزول إلى الميدان وهو الجمهور الذي يَترقّب خبرا سَارا من الكونغو الديمقرايطة وهي البُقعة «المُباركة» والتي كانت عناصرنا الدولية قد حسمت فيها أمر الترشّح إلى مونديال روسيا بفضل الهدف التاريخي للبدري الذي من المَفروض أن يكون من الأسماء الحاملة لآمال «المكشخين» في مُواجهة اليوم أمام «الغِربان».