الحراك الاجتماعي الاقتصادي الصاخب الذي خاضه الشعب الجزائري الشقيق تجاه العهدة الخامسة التي ترشح لنيلها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة فجوبهت بالرفض من طرف فيض من الحشود الشعبية بداية من الشباب العاطل عن العمل وأطرته عديد القيادات السياسية والنخب الفكرية الثقافية من مختلف المشارب فكانت مسيرات حاشدة مدنية دون عنف وتعنيف وتخريب، مما جعل الجيش الجزائري سليل جيش التحرير الجزائري يتناغم مع غاياتها وأهدافها الجليلة الداعية لتوزيع الثروة الوطنية بين الجهات بالعدل دون حيف ووصاية من الأحزاب أو الكيانات الإقطاعية النيولبرالية المتماهية مع مصالح الدول الغربية المجحفة في جزائر المليون شهيد ونصف المليون وهي لعمري مرتبة اسمها التبعية التي تمتد إلى جل الأقطار العربية كسوق استهلاكية. وأمام إصرار ملايين المتظاهرين في الجزائر المنادية برحيل بوتفليقة مما جعل هذا الرئيس يعجّل بتقديم استقالته قبل نهاية عهدته مع الاعتذار للشعب الجزائري عن تأخره لمغادرة سدة الحكم رغم العلة التي داهمته فوجد بلسم الصبر عليها بمداواة علل الوطن المفدّى منذ معركة التحرير الشاقة ثم معركة البناء والتعمير والتنوير الذي حاول طابور الإسلام الظلامي تدميرها أثناء تلك العشرية السوداء الدامية التي سقط فيها من القتلى قرابة مائة ألف دون احتساب عشرات الآلاف من الجرحى. وإن كانت الجزائر مستهدفة عبر مسارها التاريخي نظرا لموقعها الحيوي مع مساحتها الجغرافية مترامية الأطراف وما تكتنزها أرضها من ثروات هائلة بداية من النفط والغاز مع حرص هذا الشعب المناضل والمقاتل ببسالة منقطعة النظير منذ الصمود التاريخي المدوي للأمير عبد القادر الجزائري في وجه الجيش الفرنسي أثناء زحفه على القطر الجزائري وفرض الاستعمار الغاشم على دياره وبنفس الحمية الجهادية وجليل التضحيات إذ قاتل لنيل استقلاله فكان ثمنه مليونا ونصف المليون شهيد هذا الشعب مرتفع القامة وقوي العزم والإرادة تسلّح اليوم بالهدوء والصراحة مع المداومة على الاحتجاج الجماعي في أيام الجمعة لتحقيق انتقاله الديمقراطي بغية ولوج دنيا الحداثة في كنف السلم وجدلية الحوار المقنع وتبني المسار والنتائج عند العامة والخاصة إنه يريد الإطاحة بالطبقة الحاكمة التي عينته اثناء حكم بوتفليقة حتى ساءت حالته الاجتماعية والاقتصادية إنه يريد حكومة وطنية تتمتع بنظافة الكف والكفاءة العلمية والصدق للتقليل من تغول البطالة عند الشباب وحال سقوطه في قاع اليأس والبؤس، هذا الحراك الاجتماعي التصاعدي الذي قده أبناء الجزائر أذهل العالم وباغتته صور راقية نبل حسه المدني الأثيل مع اعتماده على منهجية برنامج اقتصادي اجتماعي محدد، قابل للتنفيذ. حراك تشابه في فعله الأول الذي أتى بالحراك الاجتماعي الذي خاضه شباب تونس المطل دهرا عن العمل من خريجي الجامعات التونسية وخالفه الحراك الجزائري في صيرورة إلزامية التنفيذ بُعيد إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في القريب العاجل، وتكون فاتحتها تطهير المرافق العمومية من أزلام النظام السابق ومحاسبتهم عبر قضاء مستقل وإعلام جاد ونزيه يتموقع في أصيل دوره كسلطة رابعة. لتعبيد الطريق أمام ديمقراطية اجتماعية فاعلة عادلة تجمع ولا تشظي لحمة الجماهير الشعبية كبوابة لفتنة أهلية تسوسها ديمقراطية مزيّفة مثل السم في الدسم صنعت آياتها المتوحشة في مخابر التحالف الامبريالي الصهيوني باسم الربيع العبري المكنّى غيلة باسم الربيع العربي لفرض تمزيق لحمة أقطار الأمة العربية وبالتالي وضع اليد على قرارها السيادي وخيارها الاقتصادي للإمعان في نهب ثرواتها وتأبيد وتعميق الفقر بين جموع سكانها بهذه القراءة السديدة الواعية بالخير، كان الشعب الجزائري المناضل على الدوام عصي عن مناولة الأعداء والتبع الأثلاء، فالشعب الجزائري الشقيق من صنف النشامن من الرجال ينجز الملاحم ويحقق وعي الجماهير في أمتنا المنضوية في يومها هذا، فيرتفع من قاع خذلانها وتبعيتها للأجنبي ليحلق كطائر الفينيق في سماء المجد والريادة الفضلى ليجر الأمة كقاطرة لغد أفضل ووجود أرفع بين الأمم.