تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الكافرين الذين كانوا يقيمون بين المسلمين ولا يعتدون عليهم ولا يقاتلونهم كان تعاملاً قائماً على التسامح والعدل، فكان يعدل معهم، ويزور مريضهم، ويحسن إلى جاره منهم، فعن أنس رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم.. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» رواه البخاري. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: ذُبِحتْ شاة لابن عمرو في أهله، فقال: أهديتم لجارنا اليهوديّ؟ قالوا: لا، قال: ابعثوا إليه منها، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه» رواه البخاري. يقول أنس رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن تسامحه وعفوه صلى الله عليه وسلم معه: «خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبَّني سبّة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته» رواه أحمد. وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلَّا أن يجاهد في سبيل الله. وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتقم مِن صاحبه، إلاّ أن يُنْتَهك شيء مِن محارم الله، فينتقم لله عزَّ وجلَّ» رواه مسلم.. ولا يخلو الخادم من خطأ أو تقصير في خدمته وعمله، ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالتسامح والعفو عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة» رواه أبو داود والبيع والشراء صورة من صور المعاملات اليومية التي تقتضي قدْراً كبيراً من السماحة، ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحمة للرجل السَمْح في بيعه وشرائه، فقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبداً سمحاً»سهلا» إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى «طلب قضاء حقه بسهولة»» رواه البخاري. وقال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: «السهولة والسماحة متقاربان في المعنى.. والمراد بالسماحة ترك المضجرة ونحوها. وفيه الحض على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحنة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم». يتبع