إن الماء الذي خلق منه الإنسان يحتوي على حيوانات منوية لا ترى بالعين المجردة وإنما ترى بالمجهر الدقيق، وحيوان واحد من بين الملايين التي تقذف في الرحم يتكوّن منه هذا الإنسان السميع العاقل البصير فتبارك الله أحسن الخالقين. قال تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون (12.. 14) إنّ المرحلة الأولى يطلق عليها النطفة، وهي تطلق على ثلاث أشياء، الأولى نطفة الذكر وهي الحيوانات المنوية، والنطفة الثانية هي نطفة الأنثى وهي البويضة، أما النطفة الثالثة فهي الأمشاج التي يتكون منها الجنين وهي مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة. أما المرحلة الثانية فهي العلقة، ويبدأ فيها العلوق في اليوم الخامس عشر، وفي هذه المرحلة يفقد الجنين شكله المستدير فيأخذ الشكل المستطيل، فبعد عملية الحرث تبدأ عملية تعلق الجنين بالمشيمة. ويطلق على المرحلة الثالثة المضغة، ويبدو تطور المضغة سريعاً في اليومين 25 و 26، وهذا التحول السريع من مرحلة العلقة إلى مرحلة المضغة، ولهذا استخدم القرآن حرف العطف «ف» الذي يفيد التتابع السريع في الأحداث، فتكون على هيئة خلايا متلاصقة وشكلها الخارجي يكون كقطعة لحم ممضوغة. وفي المرحلة الرابعة تتكون العظام، حيث يتم الانتقال من شكل المضغة التي لا ترى فيها ملامح الصورة الآدمية إلى مرحلة جديدة يظهر فيها شكل الهيكل العظمي للإنسان {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} ثمّ بعد ذلك تبدأ الصورة الآدمية بالاعتدال فترتبط أجزاء الجسم بعلاقات أكثر تناسقا، حيث يمكن للجنين أن يبدأ بالتحرك وتبدأ هذه المرحلة في نهاية الأسبوع السابع وتستمر إلى نهاية الأسبوع الثامن ﴿فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا﴾. ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ وتبدو المرحلة السادسة أكثر أهمية كونها تعتبر مرحلة الإنشاء والخلق، وهي فترة التصوير والتسوية وتهيئة نفخ الروح، وما بين الأسبوعين ‹›9 و 12›› تبدأ أحجام كل من الرأس والجسم والاطراف في التوزان والاعتدال وتتخذ ملامح الوجه المقاييس البشرية المألوفة ويشير إلى ذلك قوله تعالى ﴿الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك﴾ وفي الأسبوع 12، يتحدد جنس الجنين بظهور الأعضاء التناسلية الخارجية وهي آخر مراحل تحديد الجنس، ثم يتطور بناء الهيكل العظمي من اللينة الى العظام الصلبة ويمكن رؤية الأظافر على الأصابع ويزداد الوزن وتبدأ الحركات الإرادية في هذا الطور، وفي هذه المرحلة يتم نفخ الروح. وفي المرحلة السابعة القابلة للحياة، تبدأ فيها حياة الجنين خارج الرحم في الأسبوع 22 وتنتهي في الأسبوع 26 حينما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلا للقيام بوظائفه. وقد خص الله سبحانه وتعالى الإنسان الذكر من سائر المخلوقات لكونه أية الإبداع في التصوير والحسن وتكريما له قال تعالى ﴿ولقد كرمنا بني ادم﴾ (الإسراء 70).