ازمة غير مسبوقة تعيشها الجامعة التونسية امام مواصلة الأساتذة المنتسبين لاتحاد «إجابة» مقاطعة الامتحانات مما صعّد مخاوف الطلبة على مستقبلهم الدراسي الذي بات مهدّدا مع اقتراب نهاية السنة الجامعيّة. تونس(الشروق): تصاعدت وتيرة الأزمة التي يعيشها الطلبة مع اقتراب انتهاء السنة الجامعية دون ان تعرف موجة الشدّ والجذب بين الوزارة واتحاد إجابة انفراجا. فالامتحانات النهائية مهددة ولغة الحوار شبه متوقفة، فيما يواصل الأساتذة الجامعيون المنتسبون لاتحاد "إجابة" اعتصامهم في مقر وزارة الاشراف وهو ما ضاعف مخاوف الطلبة مما قد تفضي اليه الأمور فيما تبقى من سنة جامعية مازال يخيم عليها شبح سنة بيضاء رغم تطمينات وزارة التعليم العالي التي لم تستغل فرصة العطلة بأسبوع الأخيرة لفض الازمة. تواصل الاعتصام ويتواصل اعتصام الأساتذة الجامعيين بمقرّ وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي لأكثر من 46 يوما على التوالي وقد اكد اتحاد الاساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين "إجابة" مواصلة اعتصامه بكامل الجامعات التونسية الى حين صرف اجور الاساتذة الجامعيين بشكل فعلي كما صرحت مصادر الاتحاد انه رغم تصريحات الوزير فان رواتب ثلاثة اشهر لم تصرف بعد واعتبرت انه لا يمكن الحديث عن رفع تجميد الاجور إلا عند صرفها بالحسابات البنكية للأساتذة ويؤكد الطرفان النقابي ووزارة الاشراف ان الايادي لا تزال ممدودة للتفاوض لكن على ارض الواقع لم يسجل أي تقدم رغم توقف الدروس إيذانا بانتهاء السنة الدراسية في عدد من الجامعات واقتراب توقفها في جامعات أخرى فأي مصير للطلبة في ظل هذه الظروف؟ ويشار ان أساتذة اتحاد إجابة يتشبثون بتطبيق النقطة الاخيرة من اتفاق 7 جوان 2018 التي لم تفعل بعد والمتعلقة بالانعكاسات المالية للنظام الاساسي الجديد للأساتذة الجامعيين محملين وزير التعليم العالي مسؤولية ما تشهده السنة الجامعية من تأزم اذ كان بالإمكان الدفع نحو ايجاد الحلول التي ترضي جميع الأطراف وذلك عبر تطبيق الاتفاقيات الممضاة عوض تعطيل الحلول وشحن الأجواء. وكان اتحاد إجابة قد رفع يوم 22 مارس قضية تتعلق بالقرار الوزاري المتعلق بتجميد الأجور وإيقاف التغطية الاجتماعية كما رفض الاتحاد في بيان له مشروع رئيس الحكومة الذي يدعو إلى خوصصة الجامعات. ويشار ان هذا الاجراء شحن الأجواء ذلك أن عددا من الأساتذة والجامعات المختلفة قد أصدروا بيانات مساندة لاتحاد إجابة ودعوا إلى إيقاف تجميد الاجور ملوحين بالدخول في إضراب لمساندة زملائهم في صورة عدم الاستجابة لدعوتهم في الدفاع عن الحق في ممارسة العمل النقابي من النقابتين الشرعيتين الجامعة العامة للتعليم العالي واتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين "إجابة". تراجع ويذكر ان وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوس كان قد تراجع عن قرار تجميد اجور الاساتذة وهو ما أعلن عنه خلال ندوة صحفية عقدت يوم 6ماي الجاري ذكر فيها انه من المنتظر ان يتم خلال الايام القادمة صرف اجور الاساتذة الجامعيين التابعين لاتحاد اجابة والممتنعين عن تقديم الامتحانات للطلبة وذلك لأشهر مارس وأفريل وماي دون اقتطاع وذلك حرصا على انجاح السنة الجامعية. وقال خلبوس خلال ندوة صحفية خصصت لعرض قرارات مجلس الجامعات المنعقد يوم 2 ماي الجاري إن "قرار صرف أجور المضربين يندرج ضمن جملة القرارات التي اتخذها مجلس الجامعات، وتم فيه الاخذ بعين الاعتبار الامور الانسانية بالدرجة الاولى خاصة مع حلول شهر رمضان المعظم بالرغم من انصاف المحكمة الادارية للوزارة وحتى تعود الجامعة التونسية لسالف نشاطها". وكان مجلس الجامعات قرر خلال اجتماعه رفع اجراء الإيقاف التحفظي لأجور الأساتذة المضربين وذلك بهدف تنقية الأجواء، داعيا كل الأساتذة الذين امتنعوا عن القيام بمهامهم التقييمية الى أداء واجباتهم المهنية، واحترام الآجال المحددة لإيداع مواضيع الامتحانات وإرجاع الأعداد. كما شدد على ضرورة إنجاح السنة الجامعية واستكمال الامتحانات، محذرا من أنه في حالة عدم الاستجابة سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية. وبحصوص تفعيل اتفاق 7 جوان 2018 ذكر وزير التعليم العالي في حديث اعلامي ان هذه النقطة تعد الوحيدة من بين 6 نقاط التي ظلت عالقة اذ انها "لا يمكن ان تفعل باتخاذ قرار بل هي نقطة تفاوضية بالأساس تتعلق بالنظام الاساسي ولا يوجد فيها خلاف من ناحية الجوهر بل تتطلب توافقا واسعا الوزارة لم تستطع الانتهاء من النقاشات مع الاطراف المعنية الاخرى خلال ديسمبر 2018 نظرا لأهمية الموضوع خاصة وان النظام الاساسي لم يتغير منذ 25 سنة وبالتالي العملية تطلبت الكثير من الوقت والجهد للتوصل الى صياغة مشروع توافقي وبعد التوصل الى هذه الصيغة يمكن اليوم الحديث عن الانعكاسات المالية لذلك طلبنا من «اجابة» بعض الوقت لكنهم رفضوا ودعا الى عدم ربط مسار انتهاء السنة الدراسية بانتهاء مسار النظام الأساسي لان السنة الجامعية شارفت على الانتهاء ولم يبق سوى اجراء الامتحانات. تطمينات ولكن... رغم تطمينات وزارة التعليم العالي والخطوات التي اعتبرتها تعكس حسن النية لحلحة الازمة منها التراجع عن قرار صرف الأجور الا ان الوضع ما يزال على حاله والاعتصام مازال قائما وهو ما زاد من المخاوف الكثيرة التي يعيشها الطلبة هذه الأيام جراء الضغط المتواصل من سنة بيضاء مع اقتراب نهاية السنة الجامعية وحلول موعد الامتحانات الجامعية النهائية ويشار ان التجاذبات التي عاشها أساتذة إجابة ووزارة التعليم العالي انعكست على أجواء الجامعة وانخرط فيها الطلبة الذين عبّروا عن مخاوفهم في الأسابيع الماضية من خلال وقفات احتجاجية والتي عبّروا فيها عن رفضهم الوصول الى مرحلة السنة البيضاء بكل ما تعنيه من خسارة لسنة كاملة من الدراسة وخسارة مادية. ولا تخل صفحات التواصل الاجتماعي من غليان وإبداء لآراء مختلفة بين طلبة ونقابات متصارعة وأساتذة مستقلين. وكانت هناك تساؤلات كبيرة من الاساتذة حول الحل وسط أزمة شاملة انعكست على تحصيل الطلبة العلمي ومسارهم التعليمي. ويواصل اتحاد الأساتذة الجامعيين «اجابة» إضرابهم الإداري الذي يشمل أكثر من 70 مؤسسة جامعية ومقاطعة الامتحانات التي شملت أكثر من 120 ألف طالب جامعي. ويطالب الأساتذة المحتجون بتشريكهم في مراجعة النظام الأساسي للجامعيين وفتح باب الانتداب للمتحصلين على شهادة الدكتوراه العاطلين عن العمل والذين بلغ عددهم الآلاف. ويطالب العديد من الطلبة الحكومة وأساسا وزارة التعليم العالي بالتحرك بكل جدية للوصول الى حل وإنقاذ الجامعة التونسية وتمكين آلاف الطلبة من إجراء الامتحانات وتجنب شبح السنة البيضاء.