تقف منطقة الشرق الأوسط من جديد على صفيح ساخن، ومع ازدياد التكالب الأمريكي الصهيوني على الدخول في مواجهة عسكرية مع ايران...تتأرجح خيارات طهران بين الاستسلام أو الانتظار أو المواجهة. الجمهورية الاسلامية التي ناصبت العداء للإمبريالية الامريكية والغطرسة الصهيونية لمدة 40 عاما، قد تجد الاستسلام أمرا غير مطروح أبدا وهي التي حفظت الدرس من دول رضخت فذهبت مهبّ الرياح. بالإضافة الى أن دولة ذات مكانة استراتيجية في الشرق الاوسط كإيران، قد تخسر كل شيء اذا ما قرّرت الانسحاب من المشهد والرضوخ الى «العصا» الامريكية التي لن تكتفي الا بإسقاط النظام وهو الهدف الاساسي. الخيار الثاني لطهران قد يبدو منطقيا غير أن تخلي الاوروبيين عن وعودهم تجاه الاتفاق النووي الايراني وفشلهم في الالتفاف على العقوبات الامريكية رغم اعلان الرئيس حسن روحاني منح الدول الاوروبية 60 يوما لإنعاش الصفقة النووية، صعّب الأمور. كما أن الرهان على رحيل الرئيس دونالد ترامب عن الرئاسة في انتخابات العام المقبل غير مضمون وقد يفوز بولاية ثانية في ظل الرضا داخل أمريكا عن وفاء الرئيس المتهوّر بوعوده الانتخابية ومساندة اللوبي الصهيوني له بصفة مطلقة. وحتى مجلس الأمن الذي قد يكون آخر أمل فهو لم يعد الا مؤسسة صورية للقوى العظمى فاقد للمصداقية ولم يمنع الحرب الكاذبة ضد العراق وليبيا تحت مسميات واهية، بل أصبح وسيلة لتدمير الدول. تصاعد وتيرة التهديدات والتهديدات المضادة يدفع الأزمة نحو الخيار الثالث وهو المواجهة وذلك في ظل الحشد الامريكي للقوات في منطقة الخليج واعلان ايران عن أن القوات الامريكية ستكون «لحما بين اسنانها». وحتى اعلان ترامب تركه رقم هاتفه لزعماء طهران للاتصال به والتفاوض أو بالأصح ابتزازهم وارضاخهم كما يحدث مع دول أخرى فإنه قوبل باستهجان وسخرية ايرانية حادة وقد تنقلب الصورة ويلجأ ترامب في الأخير للبحث بنفسه عن ارقام هواتف القادة الايرانيين للتفاوض. الحادث الخطير الذي هز ميناء الفجيرة الاماراتي وهو البديل لمضيق هرمز وأدى الى تخريب 4 سفن نفطية قد يكون الشرارة الاولى في اتجاه احداث أخرى لاحقة قد تؤدي الى المواجهة. وما يزيد من فرص اندلاعها هي دائرة الصقور التي تحيط بترامب كجون بولتون ومايك بومبيو ومايك بينس الذين يخدمون المعسكر الصهيوني ويدعمون اسقاط النظام في ايران بأية طريقة. قد لا تكسب ايران الحرب في صورة المواجهة التي تتجنبها وتعرف مرارتها جيدا، ولكنها ستكلّف واشنطن وحلفاءها الخليجيين والشرق الأوسط ككل خسائر فادحة وسيغدو الحديث عن شرق أوسط ما قبل وما بعد الحرب الأمريكيةالايرانية.