مثل مساء الاربعاء 27 رمضان 1353ه الموافق لليوم الثاني من 1935 المختار المستيسر «نشأة الرشيدية المعلن والمخفي» حدثا فنيا تونسيا وطنيا استثنائيا مع أول عرض موسيقي للرشيدية – بعد تأسيسها – حفل احتضنه قصر الجمعيات الفرنسية» دار الثقافة ابن رشيق – حاليا وتحدث الأستاذ المختار المستيسر في كتابه القيم « نشأة الرشيدية – المعلن والمخفي «عن هذا الحدث التاريخي في مسيرة الرشيدية بالقول : «اعتمدت الهيئة الوقتية على النواة الصلبة لجوقتي البارون ومقهى المرابط ونعني الفنانين محمد غانم وخميس الترنان وأقنعت شافية رشدي ثانية أشهر مطربة على الساحة بالمساهمة في العرض وأضيف إليهم الشيخ لالو بالشيشي، رغم تقدمه في السن لضمان مساندة رموز الأقلية التونسية اليهودية. وعن الجمهور الحاضر أول عرض للرشيدية يقول الأستاذ المختار المستيسر «كان قصر الجمعيات الفرنسية غاصا.. بأغلب ما تعرفه العاصمة من شخصيات وذوات جاءت تلبية لدعوة خاصة.. واحتل صدارتها بعض أفراد العائلة الحسينية وأسر أعضاء الحكومة التونسيين ونواب القسم التونسي بالمجلس الكبير.. والشرائح المثقفة والميسورة من كبار موظفي الادارة التونسية وأوساط مدرسي وخريجي الجامع الأعظم.. وأرباب المهن الحرة.» مداخلة وعرض موسيقي متنوع تضمن أول حفل للرشيدية مداخلة لرئيس الجمعية مصطفى صفر مثلت دعوة إلى المثقفين بوجوب حفظ ذوق الشعب من أدران الاسفاف والضحالة والتقليد الأعمى مؤكدا على الأهداف النبيلة التي بعثت من أجلها الرشيدية وتحديد الرصيد الثمين لتراث الموشحات والأغاني ذات الطابع الوطني الأصيل.. وقدم محمد الأصرم مسامرة حول تاريخ الموسيقى التونسية كان يدعمها من حين إلى آخر بشواهد حية عن طبوع وأوزان المالوف التونسي وانطلقت إثر ذلك السهرة الموسيقية بعزف وغناء نوبة الحسين ثم بشرف «الببرز» فقصيد من نغمة العود والسلافة فأغنية «يا قداه انعاني». وخصص الجزء الموسيقي الثاني للغناء البدوي من خلال فرقتين شعبيتين المجموعة الأولى قدمت وصلة رثاء الفنان الشعبي عبد القادر زغدودة أما الفرقة الثانية فهي فرقة فنان سيدي بوسعيد الشهير سالم بوذينة وقدمت هذه الفرقة في مقام العرضاوي «لا كنت نغني ولا نعرف الغنا» أعقبتها ملزومة «تستاهلي خلخال يا شلبية» وعادت الفرقة الوترية لتصاحب شافية رشدي في وصلة من المالوف ثم أغنية «كحلة لهذاب» واختتم الحفل بالموشح الشهير «أليف يا سلطان» علما وأن الفرقة الوترية للرشيدية ضمت: خميس الترنان ولالو بالشيشي على العود التونسي ومحمد غانم على آلة الرباب ومحمد بن الحاج على آلة الكمنجة ومحمد بن حسين على آلة الدف الذي كان منشدا أيضا إلى جانب أحمد ادريس.