يحتفظ السجل الفني للرشيدية بتسجيل نادر للفنانة شافية رشدي يعود الى احدى ليالي رمضان 1938 مع فرقة الرشيدية قدمت فيه وشدت شافية رشدي ب«مع العزّابة». قاد فرقة الرشيدية في تلك السهرة الرمضانية الملحّن محمد التريكي الذي استهلّ الحفل باستخبار على آلة الكمنجة في مقام العرضاوي ثم عروبي «يا دهر ما يمنّك حد»... لتظهر بعد ذلك شافية رشدي وتقدم لأول مرة الأغنية التراثية الشهيرة «مع العزّابة» التي سجلتها بعد ذلك صليحة بصوتها. وتعدّ شافية رشدي احدى الركائز الفنية لفرقة الرشيدية على اعتبار أنها كانت المرأة الوحيدة المساهمة بشكل لافت في تأسيس وبعث الرشيدية في 1934. هي شافية رشدي واسمها الأصلي زكيّة المراكشي من أب مغربي وأم ليبية، نشأت يتيمة في أول حياتها، بدأت تأثيث مسيرتها الفنية بالرقص، ثم انتقلت الى التثميل برعاية محمد شبشوب في صفاقس بدافع الطموح واتصلت بالبشير المتهنّي مؤسس جمعية «المستقبل التمثيلي» فاضطلعت بالعديد من الأدوار الهامة في مسرحيات مثل «صلاح الدين الأيوبي» و«هملت» و«عطيل» و«مجنون ليلى». وفي مجال الغناء برزت بشكل مبهر وقد تعلمت أصول الموسيقى على يدي الهادي الشنوفي عازف البيانو والآلات النحاسية. كانت شافية رشدي أول امرأة تلتحق بالرشيدية كما سبقت الاشارة الى ذلك وأصبحت أولى الأصوات النسائية بها... وقدمت في إطارها حفلات أسبوعية لفائدة الاذاعة التونسية التي كانت هذه الحفلات مباشرة من مقر الرشيدية وفي 1941 قرّرت شافية رشدي مغادرة الرشيدية لتحلّ محلها الفنانة فتحية خيري. بادرت شافية رشدي بعد مغادرة الرشيدية بتأسيس فرقة موسيقية خاصة بها تتكون من أبرز العازفين والموسيقيين التونسيين في تلك الفترة: محمد التريكي، قدور الصرارفي، خميس الترنان، علي السريتي، الهادي الجويني ويوسف قنونة وكانت أشهر أغانيها من تلحين خميس الترنان والهادي الجويني وقدور الصرارفي وسيد شطا. يحفظ التاريخ الفني لشافية رشدي حفلاتها الغنائية المتفرّدة في قصر الباي بدرجة أولى كما يحفظ لها شغفها وولعها بالأدب والشعر من خلال متابعتها المنتظمة لجلسات اللجنة الأدبية للرشيدية على امتداد الفترة التي قضتها في صلبها... وكانت هذه اللجنة تنظر في الأشعار المرشحة للتحين برئاسة العربي الكبادي وعضوية بلحسن بن شعبان وجلال الدين النقاش وعبد الرزاق كرباكة ومحمد المرزوقي ومحمود بورقيبة.