الجزائر: وزير التجارة يفتتح فعاليات المشاركة التونسية في معرض التجارة البينية الافريقية    أسطول الصمود يدعو الجماهير الرياضية إلى إعداد أعلام داعمة لغزة    الطقس يكون أحيانا كثيف السحب مع خلايا رعدية مصحوبة بأمطار متفرقة في بداية الليل    هيئة الصيادلة تدعم اجراءات المجلس الوزاري المضيق حول المنظومة الدوائية    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    اللّيلة: أمطار متفرّقة بهذه المناطق    مقتل تونسي في فرنسا: الخارجية التونسية تستقبل عائلته وتسهّل إجراءات نقل الجثمان    الترجي والنادي الإفريقي في موجهات كبيرة في كرة اليد ، شوف التوقيت والمنافسين    حظوظ تونس قوية: فوز واحد يكفي للتأهل المباشر    هذا ما تم الاتفاق عليه بين نقابة الصيدليات الخاصة ووزارة الصحة    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    التوانسة على موعد مع برد محلي وأجواء صحو في الليل بعد يوم حار    عشاق الدنيا يعود إلى قرطاج يوم 9 سبتمبر    بيانات "بي هاش للتأمين" تظهر ربحا صافيا بنحو 1ر3 مليون دينار خلال النصف الأول من 2025    جلّ الأظافر ممنوع؟ تعرفي على البديل اللي يحمي صحتك    تصفيات كأس العالم 2026 : المنتخب التونسي يعمّق الفارق في الصدارة بعد فوز مالاوي على ناميبيا 2-1    تعرف على المنتخبات ال16 المتأهلة إلى كأس العالم 2026    نجم المتلوي يتعاقد مع اللاعب محمد اسلام القاسمي    بهذه الولاية: بينها أسماك مُتعفّنة..حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    حركة القيمين وانتداب المديرين والنظار: جامعة القيمين ترفض "تفرّد" وزارة التربية    ميلوني تتعهد بحماية الإيطاليين المشاركين في "أسطول الصمود"    ملتقى دولي تحت شعار "ايجى تعلم" لخلق ديناميكية وطنية قوية حول التعلم وتعليم الكبار    ياسين القايدي يمثل نقابة الصحفيين التونسيين في "أسطول الصمود المغاربي"    راغب علامة يلجأ للقانون رداً على الإهانات: "كرامتي وجمهوري خط أحمر"    المرصد التونسي للمياه: تسجيل 267 انقطاعا غير معلن واضطرابا في توزيع المياه على مستوى الجمهورية خلال شهر أوت 2025    زغوان: 93 زيارة تفقد صحي تسفر عن حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك واصدار تنابيه كتابية    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    ممثّلة فرنسية شهيرة تنضم الى اسطول الصمود من تونس نحو غزّة.. #خبر_عاجل    عاجل/ الصحة العالمية: هذا الفيروس لم يعد يمثل حالة طوارئ صحية    بطولة إفريقيا للكرة الحديدية: المنتخب الوطني يتوج بميداليتين ذهبيتين    الجامعة التونسية للحرفيين تدعو رئيس الدولة إلى التدخل للكف عن مقاضاة أصحاب المؤسسات جزائيا    تنبيه هام..توقّف جولان الخط ت.ح.م بين محطتي "خير الدين" و "المرسى الشاطئ"    تحذير: عاصفة ''بيباه'' تضرب اليابان... شنو الوضع في تونس؟    عاجل/ الاحتفاظ بشخص انتحل صفة والي سابق..وهذه التفاصيل..    وزارة المرأة: انطلاق التسجيل برياض الأطفال العمومية الدامجة للسنة التربوية 2026-2025    ٍسبالينكا تتغلب على بيغولا وتبلغ نهائي بطولة أمريكا المفتوحة    بعد بلوغه ال91.. تجاهل تكريم عبد الرحمان أبو زهرة يُحدث ضجة في مصر    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    مباراة ودية: التعادل يحسم مواجهة الملعب الافريقي بمنزل بورقيبة وهلال الرديف    بوتين: إذا كان زيلينسكي جاداً فليأتِ إلى موسكو    عاجل/ هذه الدولة تعلن الانضمام إلى إعلان نيويورك بشأن الاعتراف بدولة فلسطين..    حفيد "نيلسون مانديلا" يحل بتونس للمشاركة في أسطول الصمود..    أسنان الأطفال تتغيّر! مهمة صعبة؟...إليك الطريقة الصحيحة للتعامل معها    المنستير: وفاة طفلين وإصابة والدهما في حادث مرور أليم بسيدي بنور    وزارة التجهيز تحذرك: كل مخالفة قداش قيمتها ووقتاش تتضاعف    تونس تشارك في مهرجان"بهولنج" الدولي للمسرح بالهند    القيروان :وزير الشؤون الدّينية يوصى بحسن الاستعداد للعودة المدرسيّة في الكتاتيب    الجبابلي ينفي تصريحات منسوبة إليه بخصوص أخطر عملية حجز مخدّرات    الكواكب تدعو للحذر والجرأة... ماذا يخبّئ لك برجك اليوم؟    عاجل: دولة عربية تعيش خسوفا للقمر لأكثر من 5 ساعات...التفاصيل    كتل هوائية باردة تطرق أبواب تونس والمغرب العربي...وداعا للأجواء الصيفية    فتح باب التسجيل في قسم "قرطاج السينما الواعدة ضمن أيام قرطاج السينمائية"    خطبة الجمعة..في ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كيف نحب هذا النبي؟    أحبّ الأفعال إلى الرسول الكريم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تحسين الخدمات للوافدين الصينيين    عاجل: وفاة ملك الموضة جورجيو أرماني عن عمر يناهز 91 عاماً    مهرجان البندقية: 24 دقيقة من التصفيق لفيلم "صوت هند رجَب" لكوثر بن هنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمناسبة..تونس الحرّة... لا تونس المتسوّلة!
نشر في الشروق يوم 15 - 05 - 2019

عندما وقف الشيخ حمد أمير دولة قطر ذات يوم من أيام المؤقت رئيس الغفلة المنصف المرزوقي ليعلن بكل صلف «لقد جئت لأعلمكم أصول البروتوكول ولأعلمكم كيف تقفون»... عندما تجرّأ على الدولة التونسية العريقة الضاربة جذورها في التاريخ والتي حكمها منذ خمسينات القرن الماضي الزعيم الحبيب بورقيبة المتخرج من الجامعات الفرنسية، المجاز في العلوم السياسية والمحامي في حين كانت بعض الدويلات شتات قبائل تائهة في الصحارى، عندما فعل ذلك فقد كان في الواقع ينعى الدولة التونسية ويدق آخر مسمار في نعش كرامتنا الوطنية وكبريائنا الوطني وفي حضرة رئيسنا المؤقت المؤتمن نظريا ودستوريا على هذه القيم والمعاني وفي حضرة رموز من الترويكا ابتلعوا الحبّة (الحربوشة) وقتها واكتفوا بتوزيع ابتسامات صفراء على وجوه كالحة كانت منتشية بتلك الصفعة القطرية...
فهل نتفاجأ اليوم وقد أصبحت بلادنا مرتعا للسفراء يجوبونها بالطول والعرض... يحضرون ويدشنون ويعقدون اللقاءات والاجتماعات بلا حسيب ولا رقيب وفي خرق واضح وصريح لنواميس ولتقاليد ولأسس العمل الديبلوماسي.. وفي ازدراء بيّن وصريح ليسادتنا الوطنية ولهيبة الدولة التي كان يفترض أن تلزمهم باحترام القواعد والأصول.. وحتى صرخات الغضب التي أطلقها أكثر من مرة أمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي في وجه هذه التصرفات المارقة لبعض السفراء ولاعتداءاتهم المتكررة على سيادتنا الوطنية، حتى تلك الصرخات بقيت مجرّد صرخات في واد لم تقابلها خارجيتنا بأكثر من تذكير يتيم توجهت به إلى الدوائر الديبلوماسية الأجنبية ببلادنا لتذكرها بأصول وحدود العمل الديبلوماسي. تذكير ذهب هو الآخر أدراج الرياح ولم يغيّر في الواقع شيئا حتى ان أحد السفراء الأجانب ولكثرة تنقله في عرض البلاد وطولها أصبح محل تندر من كثير من التونسيين الذين قالوا: «إنك إذا فتحت الثلاجة فستجد الطلعة البهية لسعادة السفير».
***
هذه الاستهانة بالدولة وهذا التعسف على هيبتها هل تبقي مجالا للحديث عن كرامة وطنية وعن كبرياء شعب وعن أنفة أمّة؟
بالتأكيد لا... لماذا؟ لأننا ببساطة سمحنا منذ البداية بالدوس على سيادتنا الوطنية وأعطينا الانطباع بأن سيادة واستقلال قرارنا الوطني فيها نظر... وأنها أصبحت مسألة قابلة للنقاش طالما وجد من يربط صلفه وتدخّله السافر في شؤوننا الداخلية بالمساعدات المالية والعينية... وطالما وجد من يدير للأجنبي خدّه الأيسر بعد أن يتلقى الصفعة على خدّه الأيمن...
فهل نستغرب بعد هذا مهرجان موائد الافطار والمساعدات الرمضانية التي تتهافت على إذلالنا بها جهات قطرية وتركية وكويتية؟ وهل نستغرب أن تصبح بلادنا وما أدراك وهي منبت الرجال والأبطال وأرض الحضارة والفكر ومنطلق الاسلام إلى ربوع قصية وراء البحار والتي راهنت منذ الاستقلال على بناء مقومات شخصية المواطن التونسي، هل نستغرب أن تصبح تونس ويصبح شعبها بمنزلة المنكوب، المعدم، الجائع الفقير الذي يستحق الشفقة والاعطيات ويتطلب الاغاثة.. لتأتيه المساعدات في قالب موائد إفطار ومساعدات عينية من زيت الصوجا وعلب الطماطم؟
أية مهانة هذه وأي إذلال هذا الذي يجري وسط مهرجانات فرجوية تتنافس فيها الدول على الازدراء ببلادنا وبشعبنا ونحن الذين علّمنا الكثيرين منهم أبجديات الكتابة والقراءة وأصول العلم والثقافة والحداثة؟ فهل تستقيم المعادلة بين بلد أرسل طوابير المعلمين والأساتدة والأطباء والفنيين لتبديد ظلام الجهل والتخلف وبناء إنسان عربي جديد وبين دويلات تمطرنا بموائد الإذلال وعلب المهانة والعار... وبحضور وجوه أعمتها السياسة وأعماها الاستثمار السياسي في مآسي العباد وحاجتهم فقبلت بتزيين مهرجان الاذلال حتى يكتمل المشهد وتستقيم الصورة التي يريد الإخوان رسمها وترويجها عن تونس الجديدة... تونس الجائعة المتسوّلة التي تبيع كرامتها رخيصة في سوق موائد الإفطار وعلب المساعدات الرمضانية...
أيها السادة تونس ليست هكذا.. وطريق الاستثمار في مآسي خلق الله واحتياجهم مسدودة... ولو كانت نواياكم خالصة لوجه الله لماذا لا تعلّمون الناس صيد السمك بدلا من توزيع أردإ أنواعه؟ لماذا لا تقدمون مساعدات وقروضا إلى مؤسسات الدولة لتقيم مشاريع تشغل الناس وتفتح لهم آفاق العيش الكريم وتكفيهم عناء الفقر والحاجة والسؤال؟
إذا كان الفقر قد أعمى بصائر بعض التونسيين وجعلهم يتدافعون إلى موائد الذل والعار فهل تعجز الدولة ومؤسساتها وهل يعجز الخيّرون في بلادنا وهم كثر عن تقديم البديل وسدّ الثغرات التي ينفذ منها المتربصون بكرامتنا الوطنية والساعون إلى تمريغها في وحل التوظيف السياسي والمتاجرة بكبرياء شعبنا في مزادات وبورصات السياسة.
قديما قالت العرب: «تجوع الحرة ولا تأكل من ثدييها».. ونحن نقول: «تجوع الحرة ولا تأكل من كرامة وكبرياء شعبها»... فهل من هبّة لسد كل الثغرات ونصرة سيادتنا وكرامتنا الوطنية وقطع الطريق أمام كل المستهترين بأصول العمل الديبلوماسي والساعين إلى الاستثمار في معاناة شعبنا وهي ظرفية وعابرة في كل الأحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.