تعد ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي... الفترة التاريخية التي حفلت بالإبداع الثقافي والفني فبرزت أصوات غنائية تونسية نجحت في التأسيس لقاعدة جماهيرية عشقت السهر في ليالي رمضان وحفظت الأغاني ورددت الموشحات ورقصت على الايقاعات البدوية. ومثل رمضان من كل سنة في باب سويقة وبطحاء الحلفاوين بدرجة أولى فرصة لأصحاب المقاهي الشعبية المنتشرة بكثرة الى تحويلها الى (كافيشانطات) تستقطب ألمع نجوم الأغنية في تونس على غرار فتحية خيري وشافية رشدي وصليحة والهادي الجويني وصالح الخميسي وصليحة والهادي المقراني وغيرهم كثير. كما ان هذه (الكافيشانطات) فتحت أبوابها لاحتضان الأصوات الفنية القادمة من القاهرة والتي اختارت عن طواعية الاستقرار في تونس كصفية الشامية وسيد شطا وعادل يوسف الذي أصبح من أبرز المذيعين في الاذاعة الوطنية وغيرهم كثير من الذين استطابوا العيش في هذه الربوع الجميلة من الوطن العربي الكبير... ومن ضمنهم أمين حسنين. نجم مقهى الزليز شهد رمضان 1942 فتح مقهى الزليز بباب سويقة أبوابه لاحتضان أولى السهرات الفنية لشهر الصيام بعد تحويله الى (كافيشانطا).... فكان الصوت المصري الشهير في تلك السنوات أمين حسنين نجمها الاول وهو الذي اختار الاستقرار في تونس التي أحبّها فأعطاها كل جهده الفني. وامين حسنين من مواليد القاهرة في 4 ماي 1889 أخذ في بداية عهده طرق إنشاد القصائد والأدوار عن الملحن الشيخ محمد عثمان والشيخ داود حسني. برع بشكل لافت في أداء الأدوار والموشحات بصوت قوي بديع يطرب السامع ويهز مشاعره، ففي أدواره وقصائده وتلاعبه بالمعاني تتجلى مقدرته الفنية والغنائية واضافة الى فن الأدوار فقد نهض الشيخ أمين حسنين بفن الموشحات وهو الذي كان في قمة من يؤدي هذا اللون الغنائي الاصيل. تنقل أمين حسنين بين دول المغرب العربي وسوريا والعراق ليحط الرحال سنة 1937 صحبة الفنان سيد شطا بتونس التي اختار الاستقرار بها كما سبقت الاشارة الى ذلك تزوج في تونس وأصبح فيها نجما لامعا من أساطين الموسيقى والطرب وكان الصوت الذي كتب أحلى صفحات الموسيقى في ليالي رمضان بمقهى (الزليز) سنة 1942 بدرجة أولى... عاش أمين حسنين في تونس حتى وفاته يوم 5 جويلية 1968 وقد دفن بها تاركا العديد من الاسطوانات التي سجل فيها بصوته قصائد وأدوارا وأغاني منها دور «أنا مانيش فاضي» وقصيد «الشوق شوقي» وفيه. يقول: الشوق شوقي والغرام غرامي والحب حبّي والهيام هيامي والوجد وجدي فوق كل صبابة فمقام حبي فوق كل مقام