هو أحد الصوفية الذين تتلمذوا لأبي مدين شعيب الأنصاري (ت 594ه/1197 - 1198م) بمسجد سوق السكاجين بتونس 846 العاصمة، مثل عبد العزيز المهدوي و سيدي أبو الحسن الشاذلي وأبي سعيد الباجي (ت628ه/1231م) وأبي يوسف يعقوب الدهماني ت621ه/1224م ومحمد الدباغ والد مؤلف «معالم الايمان». وبعد أن تلقى مبادئ الطريق الصوفي وأدبياته مع هذه المجموعة عاد إلى الساحل واستوطن به. وفي أثناء ذلك قام بسياحات صوفية وروحية كثيرة. وذكر محمود مقديش «أنّه أخذ الطريق عن أبي مدين، وأبومدين عن أبي يعزى وهو عن أبي الحسن بن حرزهم وهو عن أبي بكر بن العربي وهو عن الغزالي». وتذكر المصنّفات التاريخية أنّ الشيخ المزوغي من عرب مزوغة بإفريقية، وأنّه أثّر في محيطه تأثيرا إيجابيا من خلال اضطلاعه بنشر مبادئ العلوم الدينية وآداب الطريق الصوفي وحثّ الناس على الفضيلة، فكان من أحفاده أبو الحسن علي المحجوب وسمي بالمحجوب لملازمته الاحتجاب وانقطاعه إلى العبادة. ومن أحفاد الشيخ سيدي الطاهر المزوغي أيضا الشيخ الناسك الحاج سيدي الطاهر بن عبد الواحد بن عبد الرحمان بن الفضيل بن عبد الرحمان بن أحمد شهر زروق. و في أوائل القرن السابع للهجرة، الثالث عشر مسيحي جاء الشيخ الطاهر المزوغي مع أربعين من أتباعه وتلامذته ليستقروا في مكان يعرف اليوم بحي «الحتاترة» مبشّرين وداعيين إلى تيار جديد للتصوف السنّي وساهموا بفضل استقرارهم في توسيع النواة العمرانية للحي إلى أن بات يعرف الطاهر المزوغي بمؤسّس مدينة قصور الساف، ثمّ توالى هذا التطور على يد مشايخ وأئمّة التصوّف ومنهم الشيخ علي ابن أبي القاسم المحجوب مؤسّس زاوية المحاجبةبقصور الساف وحفيده المجاهد الأكبر وشهيد الحملة الصليبية على بلادنا الشيخ علي المحجوب. و كان كما الشاذلي و الصوفيين جميعا يقرون بالذوق: ويعرِّفونه بأنه تلقي الأرواح للأسرار الطاهرة في الكرامات وخوارق العادات، ويعدونه طريق الإيمان بالله والقرب منه والعبودية له. لذلك يفضل الصوفية العلوم التي تأتي عن طريق الذوق على العلوم الشرعية من الفقه والأصول وغير ذلك، إذ يقولون: علم الأذواق لا علم الأوراق، ويقولون: إن علم الأحوال يتم عن طريق الذوق، ويتفرع منه علوم الوجد والعشق والشوق. - علم اليقين: وهو معرفة الله تعالى معرفة يقينية، ولا يحصل هذا إلا عن طريق الذوق، أو العلم اللدني أو الكشف ..إلخ. ومع ذلك فإنه كما الشاذلي الشاذلي يقول بأن التمسك بالكتاب والسنة هو أساس طريقته، فمن أقواله: «إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إن الله تعالى قد ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة». ويقول أيضًا: «كل علم يسبق إليك فيه الخاطر، وتميل إليه النفس وتلذّ به الطبيعة فارمِ به، وإن كان حقًّا، وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله ﷺ واقتدِ به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده». وكذلك فإن الصوفية عامة يرون - ومنهم الشاذلية - أن علم الكتاب والسنة لا يؤخذان إلا عن طريق شيخ أو مربٍّ أو مرشد، ولا يتحقق للمريد العلم الصحيح حتى يطيع شيخه طاعة عمياء في صورة: «المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي مُغسِّله» لذلك يُنظر إلى الشيخ نظرة تقديسية ترفعه عن مرتبته الإنسانية.