تونس «الشروق»: غصت دار حسين بالمدينة العتيقة مساء الخميس الماضي 23 ماي بجمهور من مختلف الاعمار للاستمتاع بسهرة طربية تونسية استثنائية ضمن فعاليات مهرجان المدينة اثثها الفنان الأصيل الزين الحداد وفي تنفيذ موسيقي لفرقة على درجة عالية من الحرفية بقيادة المايسترو عبد الباسط المتسهل. كانت سهرة الفنان الزين الحداد في دار حسين وسط المدينة العتيقة بتونس استثنائية لاعتبارات عديدة منها ان الفنان الزين الحداد بحث فيها عن الجديد الموسيقي التونسي ثم توزيع هذا الجديد وغير المعروف على كامل السهرة التي امتدت على طول ساعتين، من خلال سيناريو كانت وصلات المالوف الخيط الرابط بين هذه الأغاني. أغنيات انتشى بها الجمهور وتفاعل معها بحب على اعتبار انها اعادت للذاكرة أنغاما خالدة وابداعات لفها النسيان لرواد في الاغنية التونسية مطربين وملحنين وشعراء عاد الزين الحداد بالذاكرة الى أغنيات غير معروفة لعلي الرياحي « جريت وراك , من عينك نشقى ونتهنى والصحراء والغزلان» وللصادق ثريا» الفلوكة تسبح والغنجة وما احلى الليل» ...وهذه الأخيرة كشف الزين الحداد سرها المتمثل في عدم توفرها في خزينة الأغاني بمؤسسة الإذاعة التونسية , فكان ان اجتهد وبحث واستعان بفرقته الموسيقية لتقديمها في ابهى حلة في سهرة الخميس الماضي ضمن فعاليات مهرجان المدينة ... اغنية اعادت للذاكرة ظروف الكشف عن « اشنية الدنيا « التي اجتهد الزين الحداد في نفض الغبار عنها وكسب الرهان في ذلك... ولم يقف الامر عند هذا الحد فقد عمل الزين الحداد على العودة الى انتاجات خاصة به بعيدة في الزمن فأعطاها من روحه ووجدانه وصدق احاسيسه ما جعل منها تحفا طربية نابضة بالحب والحياة ... كانت وقفة إبداعية مع «في عيدك نهديلك وردة وانا حبيبتي السمراء ويا مولاة العين الكحلة « هذه الأغنيات المعتقة بأريج الذكريات كانت وصلات المالوف الخيط الرابط بينها بكل حرفية حيث عاد بنا الزين الحداد الى الحان خميس الترنان دون نسيان « ناعورة الطبوع»... كسب الزين الحداد الرهان مرة أخرى في ان يكون الصوت التونسي الذي يناضل من اجل اغنية تونسيةاصيلة ...وليس غريبا ان يصفق له الجمهور بحرارة وحب وهو الذي شاركه الغناء في كل ما قدمه ولم يقف الامر عند هذا الحد بل طلب منه « اشنية الدنيا» ... الزين الحداد المعروف بدقة وحرفية ما يعده كان اختياره لدار حسين لاحتضان هذا العرض أكثر من دلالة وذلك بعد الاتفاق على ذلك مع هيئة المهرجان ... فدار حسين هي التاريخ والذكريات والخلود الذي أسس عليه مشروعه الفني.. السير على خطى رواد الاغنية التونسية دون الانصهار الكلي في جلبابهم.. وهذه ميزة ينفرد بها الزين الحداد فهو صوت الطرب التونسي الأصيل مع استشراف المستقبل وخصوصياته الإبداعية مع المحافظة في ذات الوقت على الجوهر... معادلة كسبها الزين الحداد ومن خلالها أسس قاعدة جماهيرية عريضة تتقن فن الانصات في زمن طغت عليه الايقاعات السريعة التي تدمر فينا كل إحساس بجمال الوجود.