كان من أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - الزهدُ في الدنيا، والاكتفاء منها بما يُقيم الأَوَدَ، والصبرُ على شظف العيش، والقناعة بما يصل إليه. فكان - صلى الله عليه وسلم - ينام على حصير ليس تحته غيره، ووسادة حشوُها ليف، وكان لباسه البُرَدَ الغليظة، وطعامه التمر والشعير، يمضي الشهر والشهران لا يُوقد في بيته نار؛ وإنما يكتفون بالتمر والماء، وكثيرًا كان يبيت طاويًا، ويصبح صائمًا، وكان يعصب الحجر على بطنه من شدة الجوع، وحُملت إليه الأموال فلم يدَّخر منها شيئًا، بل مات ودرعُه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعًا من شعير، ولو أراد أن يعيش في نعيم ورغَد من العيش، لكان له ذلك، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - آثر الزهد والصبر ابتغاءَ مرضاة الله تعالى. ومن الأحاديث التي تدل على شدة زهده - صلى الله عليه وسلم – وقناعته ما اوردته السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: «ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ قدم المدينة من طعام البُرِّ ثلاثَ ليالٍ تباعًا حتى قُبض». وعنها قالت: «إن كنَّا آلَ محمد - صلى الله عليه وسلم - لَنمكثُ شهرًا ما نستوقد بنار، إن هو إلا التمر والماء». وعن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ذكر ما أصاب الناسُ من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظل اليوم يلْتوي ما يجد دقَلاً - الدقل: الرديء من التمر - يملأ به بطنه»؛ رواه مسلم . وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لقد مات رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وما شَبِع من خبزٍ وزيت في يوم واحد مرتين».