بالتوازي مع تواصل التعقيدات المحيطة بأزمة نداء تونس، يتواصل اتجاه الأنظار نحو المبادرة التي أعلنها مؤخرا الباجي قائد السبسي في تصريح لموقع «التونسيون» والهادفة إلى لم شمل النداء ووضع حد للانقسامات والخلافات المتصاعدة داخله. تونس (الشروق) تعددت في الآونة الاخيرة التخمينات والفرضيات حول مآل المبادرة الأخيرة التي قدمها مؤسس نداء تونس ورئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي والهادفة إلى انقاذه والى لم شمل الندائيين المتنازعين منذ أشهر ويكاد انقسامهم بمناسبة المؤتمر الانتخابي الاخير للحزب. وتعلقت هذه التخمينات أساسا بمدى حظوظ المبادرة للنجاح وهل يكفي نجاحها لاعادة بناء النداء على أسس قوية ومن ستشمل المبادرة في صورة المرور الى تنفيذها؟ كل الندائيين؟ مبدئيا، تبدو المبادرة موجهة فقط للشقين اللذين برزا بمناسبة المؤتمر الانتخابي للحزب (شق الحمامات وشق المنستير). غير أنه بمزيد التمعن في معاني كلام الباجي قائد السبسي تبدو كل الشقوق الندائية معنية بهذه المبادرة سواء الحديثة التي برزت اثر المؤتمر الاخير أو السابقة التي تجسدت بانسحاب أبرز قياديي ومؤسسي الحزب على امتداد السنوات الماضية. فالباجي تحدث عن النداء الموحد وهو المعروف ب»النداء التاريخي» كما أسسه سنة 2012 والذي يهم اليوم كل الشقوق التي خرجت منه وقامت بتأسيس أحزاب أخرى على غرار محسن مرزوق ورضا بلحاج وسعيد العائدي وناجي جلول ومجموعة لم الشمل (مجموعة عبد الستار المسعودي والمنذر الحاج علي ..). وكل ذلك إلى جانب الشقين اللذين برزا مؤخرا اثر المؤتمر الانتخابي للحزب أي شق الحمامات بقيادة سفيان طوبال وشق المنستير بقيادة حافظ قائد السبسي. وبالتالي فان المبادرة ستهدف بالاساس الى لم شمل كل الحساسيات من أجل طي الخلافات الجديدة والقديمة التي لحقت بالحزب وفق ما ورد في كلامه... حظوظ النجاح يرى شق من المتابعين أن حظوظ المبادرة للنجاح تبدو ضعيفة باعتبار ان عديد الندائيين المعنيين بها سئموا مثل هذه المبادرات والمحاولات للمّ شملهم والتي تعددت طيلة السنوات الماضية وكان الباجي قائد السبسي وراء أغلبها، لكنها كانت بلا نتيجة. كما أن عديد الندائيين سئموا مثل هذه المبادرات بعد ان كان اغلبها في السابق تهدف لحماية شق نجل الرئيس (حافظ قائد السبسي) وتغليب موقعه على حساب بقية الندائيين الذين يختلفون معه. وبالتالي يُخشى أن ينتاب الشعور نفسه هذه المرة الندائيين فلا يتحمسون للمبادرة اعتقادا منهم انها ستاتي ايضا لحماية حافظ قائد السبسي، وهي النقطة التي على الباجي قائد السبسي توضيحها بالقول انه لا يهدف الى حماية مصلحة وموقع ابنه حافظ وذلك ليطمئن الندائيين ويشجعهم على الانخراط في المبادرة. مبادرتان تأتي مبادرة رئيس الجمهورية لإنقاذ النداء بالتزامن مع مبادرة أخرى لتحقيق اندماج حزب مشروع تونس (الذي أسسه أحد أبرز الندائيين المؤسسين وهو محسن مرزوق) ونداء تونس شق الحمامات الذي يقوده سفيان طوبال، وكلا القياديين انشقا عن النداء الاصلي بسبب الخلاف الجذري مع نجل مؤسس الحزب حافظ قائد السبسي. وهذه المبادرة تهدف بدورها الى لم شمل الندائيين والى اعادة الحزب الى موقعه ودوره الرئيسي الذي تأسس من اجله وهو ما سبق ان اكدته سلمى اللومي التي انضمت مؤخرا الى نداء الحمامات وتم تكليفها برئاسته بالقول ان هدفها هو «المساهمة في تجميع العائلة الوسطية التقدمية و توحيدها و وضع حد لتشتتها وانقسامها قبل فوات الأوان». وهو ما اكده سفيان طوبال رئيس اللجنة المركزية للنداء شق الحمامات بالقول انه وقع الاتفاق في اللقاء على الاندماج بين الحركتين بهدف ايجاد «النداء التاريخي»، الذي سيقع الإعلان عن استكمال مساره في 16 من جوان القادم، تاريخ تأسيس نداء تونس في 2012. انقاذ حافظ أم انقاذ النداء ؟ وبالتالي سيصبح التساؤل الأبرز هو هل يمكن لمبادرة الباجي قائد السبسي ومبادرة تجميع مشروع تونس ونداء الحمامات ان يلتقيا حول الأهداف نفسها. منطقيا ونظريا يمكن القول انه بالامكان ان تلتقيا المبادرتان بحكم أنهما تهدفان الى اعادة احياء النداء التاريخي الذي فاز في انتخابات 2014 وكانت البلاد آنذاك في حاجة إليه لخلق التوازم مع حركة النهضة، وأن «النداء الجديد» بإمكانه تحقيق التقدم في الانتخابات القادمة إذا ما عاد على الدرجة نفسها من القوة.لكن على ارض الواقع من المنتظر ان يضع أصحاب المبادرة الاولى (نداء الحمامات ومشروع تونس) شروطا عديدة أمام الباجي قائد السبسي واولها أساسا أن لا تكون المبادرة بهدف إعادة وضع نجل الرئيس حافظ قائد السبسي في موقع اعلى من الجميع داخل النداء وان تكون فقط لانقاذ النداء وليس لإنقاذ حافظ.