«الكازمات» هو واحد من أقدم الأحياء في مدينة سوسة يستقطب عددا مرتفعا من السكان، ورغم قربه من وسط مدينة سوسة إلا أنه لا يزال يعاني التهميش وخاصة ضعف الإحاطة الاجتماعية. الشروق – مكتب الساحل : «عادة ما يقع وصف هذا الحي بالعنف وبانتشار مظاهر الانحراف ولكن هو عكس ذلك» هكذا قدم صالح العفلي وهو تاجر أصيل القيروان من سكان هذا الحي لمدة عقود، مضيفا «لي متجر هنا منذ عشرات السنين ولم أواجه أي اعتداء، بالعكس أعيش في كنف الأمان والاحترام المتبادل مع كل المتساكنين وما يقال عن حينا لا أساس له من الصحة وهو تشويه لا غير». والتقت «الشروق» ببعض شباب الحي الذين اشتكوا من التهميش، وعللوا انقطاع العديد منهم عن الدراسة في سن مبكرة بسوء الرعاية والفاقة، فهناك العديد منهم ينقطعون عن الدراسة لعدم قدرة عائلاتهم على الإنفاق عليهم حسب قولهم، ومنهم من علل انقطاعه عن الدراسة بقوله «نرى أصحاب الشهائد العليا عاطلين عن العمل فلماذا ندرس، فلا نرى ملامح لمستقبل إيجابي بالدراسة لذلك يلجأ العديد أمام ضعف الإمكانيات المالية لعائلاتهم إلى الانقطاع عن الدراسة والالتحاق بسوق الشغل في أي عمل المهم أن نوفر بعض المال». 94 ألف ساكن دون تطهير ولا تأطير ينتمي حي «الكازمات» إلى معتمدية جوهرة التي تضم قرابة 94 ألف ساكن ضمن تجمعات سكنية كثيفة حد الاكتظاظ، أغلب المنازل تجمع أكثر من عائلة ويعانون عدة إشكاليات أكثرها تعقيدا المتعلقة بالنظافة نتيجة مشكل التطهير والقنوات حيث تعيش مختلف هذه الأحياء وخاصة الكازمات حالة من الذعر كلما نزلت الأمطار بكثافة فتغرق المنازل وتتلف محتوياتها حسب ما أكدته الناشطة في المجتمع المدني زمردة التي قالت «توجهنا إلى كل الأطراف المسؤولة وحتى الأموال التي سمعنا أنها ستوجه إلى الكازمات لحل مشكل التطهير لا ندري أين تم توجيهها». ورغم تعدد أحياء هذه العمادة وارتفاع نسبة الأطفال والشباب فيها فلا يوجد أي ناد للأطفال ولا دار شباب ولا دار ثقافة ولا حتى مجرد ملعب حي، فالشباب التلمذي أو العاطل عن العمل في الكازمات وفي بقية الأحياء المجاورة له من عمادة بوحسينة يعيشون فراغا قاتلا يقضون أوقاتهم إما في المقاهي أو في الأغلب في الحي يصارعون الملل وتبعاته رغم ما يمتلكونه من طاقات إبداعية في مختلف المجالات وحب للعمل. كحلوشة «سفير الكازمات» حي الكازمات يضم أيضا العديد من الإطارات والوجوه المعروفة في مختلف الميادين والعديد من متساكنيه يشتغلون في الأعمال الحرة أو في قطاع الخدمات والسياحة، ومن الوجوه التي اشتهرت في هذا الحي وعرّفت أيضا ب«الكازمات» منصف كحلوشة من خلال الفلم الحدث الذي صوره مع نجيب بلقاضي وعماد زروق سنة 2006 بعنوان «كحلوشة في هاش آس» المتحصل على العديد من الجوائز التونسية والعربية والأجنبية. وقال كحلوشة «بفضل هذا الفلم اشتهرت وأشكر بالمناسبة نجيب بلقاضي وعماد زروق كما تم التعريف بحي الكازمات واكتشف الناس الوجه الآخر لهذا الحي ولسكانه فلسنا منحرفين وحتى ما تم عرضه في قناة الجنوبية لا أساس له من الصحة ومن تكلم وتظاهر بالعنف هم يمثلون لا غير وليسوا من صميم الواقع أرادوا المزاح لا غير ولا وجود لما يشاع، صورة سيئة يريدون ترويجها على خلاف ذلك فهناك مختلف الفئات الاجتماعية وعائلات وإطارات محترمة في حيّنا عائلات من مختلف الولايات التونسية من سيدي عمر ومن جلاص وولاد مسلم والمثاليث وغيرهم وكلنا متحابون في أمان ومودة». وتابع كحلوشة قوله «الفيلم أعطى صورة حقيقية لحي الكازمات وبعده زارنا والي سوسة وبعض المسؤولين في تلك الفترة وأخبرونا بأن الرئيس السابق بن علي أمر بمبلغ مالي قيمته أربعة مليون و600 ألف دينار لفائدة الحي ولتحسين المساكن واستفادت العديد من العائلات من ذلك». رمضان في «الكازمات» في غياب الأنشطة الثقافية والشبابية قامت جمعية «قدماء معهد باب جديد» بسوسة وعلى طول أيام شهر رمضان بدورة في كرة القدم خاصة بالأحياء وكان لحي «الكازمات» النصيب الكبير حيث يشارك العديد من شبابه في هذه الدورة التي أدخلت ديناميكية على المعتمدية ككل. وباعتبار قرب حي الكازمات من الملعب الألمبي بسوسة يعتبر متساكنو الكازمات جمهورا وفيا جدا لفريق النجم الرياضي الساحلي ويعرف بجمهور رقم واحد في الفيراج موظفا كل إمكانياته في الدخلة ولوازم التشجيع، وفي خصوص الحركة الاقتصادية لا يوجد سوق في كامل سوسة جوهرة مما فسح المجال للانتصاب الفوضوي بكثافة وشكل فرصة للمواطن لشراء الخضر والغلال بأثمان أقل من الأثمان المتداولة في الأسواق. المعتمد سمير زازا غياب الرصيد العقاري يعرقل الاستثمار أكّد سمير زازا معتمد سوسة جوهرة في لقاء ب«الشروق» أن في إطار الإمكانيات والصلوحيات المتاحة قامت المعتمدية بواجبها مع الحرص على مزيد تحسين هذا الحي وحل مختلف إشكالياته مضيفا «مشكلة التطهير تبقى مرتبطة بديوان التطهير وتبدو العملية معقدة بحكم ترابط العديد من الأحياء». وفي خصوص المشاريع المدرجة لفائدة هذا الحي قال المعتمد «هناك مشروع تعبيد وتهيئة بقيمة 700 ألف دينار ستقدم فيه طلبات العروض آخر شهر ماي الجاري، وبالنسبة إلى بعث مشاريع أخرى يبقى الإشكال الكبير يتمثل في عدم وجود رصيد عقاري بهذا الحي، وللأسف لا توجد في كامل المعتمدية التي تعد قرابة 94 ألف ساكن أي نادي للأطفال ما عدى ناد واحد تمّ إتلافه بعد الثورة أو دار شباب أو دار ثقافة وغيرها من المؤسسات الشبابية». مشاهير حي «الكازمات» * اللاعب السابق للنجم كمال اللومي * اللاعب السابق للنجم وللفريق الوطني والممرن في كرة اليد محمد المعتمري. * الفنان التشكيلي محمود الخليفي * الممثل منصف كحلوشة * الكاتب أحمد ابراهيم * الزميل الصحفي المتميز بدار الأنوار المرحوم علي بوقرة