تشهد سوسة تراجعا حادا في مؤشرات التنمية ،اضافة الى تعطّل عدد كبير من المشاريع وتراكم المشاكل الاجتماعية والبيئية بشكل صار يهدّد «جوهرة الساحل». ويحدّ من بريقها وإشعاعها. مكتب سوسة - الشروق : تصنف ولاية سوسة ضمن أهم الولايات وأكثرها ثراء بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وتنوع نسيجها الاجتماعي والاقتصادي الذي يجمع بين السياحة والفلاحة والصناعة، فضلا على أنها قطب جامعي وصحي بامتياز، غير أنّها تعرف تراجعا لافتا للنظر في معدلات التنمية على امتداد السنوات الأخيرة. وحسب المديرة الجهوية للتنمية بسوسة ليلى بن حفصية فقد تراجع مؤشرالتنمية الجهوية من 5 % إلى 2 %. وتحتل سوسة اليوم المرتبة 13 من حيث نسبة الفقر والمرتبة 12 وطنيا من حيث نسبة الفقر المدقع فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 13,4 % بعد ان كانت في مستوى 10,1 % سنة 2014 رغم أن الجهة تضم 515 مؤسسة اقتصادية توفر 54 ألف موطن شغل. وأكدت بن حفصية أنّ سوسة تواجه اليوم عدة إشكالات تنموية منها التفاوت التنموي بين المناطق الساحلية والمعتمديات الداخلية وتردي الوضع البيئي وأساسا تلوث مياه البحر وتقلص الشواطئ وعدم استيعاب أمثلة التهيئة العمرانية للتطور الاقتصادي والعمراني وظهور عدة بناءات سكنية وصناعية فوضوية خارج المناطق المهيّأة والاكتظاظ المروري الحاد بسبب غياب مخطط مديري للمرور. وأشارت المديرة الجهوية للتنمية إلى أن سوسة تمثل قطبا تنمويا متنوعا ومتكامل الأنشطة غير أنّها تشكو من عدة صعوبات منها غياب مخطط مديري للمناطق الصناعية ومحدودية طاقة استيعاب محطات التطهير بشكل أثر على الوضع البيئي، وعدم مواكبة البنية الأساسية الحالية بالميناء التجاري بسوسة لتطور حجم النشاط التجاري ومحدودية الموارد المائية واتفاع نسبة الملوحة، وهشاشة موارد التربة وتراجع مردودية ديوان الأراضي الفلاحية. مشاريع معطلة... يبلغ عدد المشاريع المعطلة بولاية سوسة 23 مشروعا بكلفة 85 مليون دينار. أبرزها مشروع محطة تحلية مياه البحر. فيما تشهد بعض المشاريع الأخرى بطءا في التنفيذ مثل مشروع سدّ القلعة الكبرى (بكلفة 93 مليون دينار) الذي تقدمت أشغاله بنسبة 25 %. ويبلغ عدد المشاريع المبرمجة قبل السنة الحالية، 359 مشروعا من بينها 163 مشروعا في طور الإنجاز و101 مشروع في مرحلة طلب العروض و122 مشروعا في طور إعداد الدراسات. ومن جهته اعتبر والي سوسة عادل الشليوي أنّ هناك مشاريع كبرى تشهدها الولاية. وهي ليست مشاريع سوسة فحسب بل مشاريع وطنية ستستفيد منها الجهة ككل وتونس بشكل عام وخاصة مشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة، الذي تأجّل انطلاقه مرارا، مشيرا إلى ضرورة التسريع بإنشاء شركة ميناء النفيضة كخطوة أولى وأساسية لانطلاق المشروع. وأضاف الشليوي أنّ مشروع سد القلعة الكبرى سيكون له فائدة على منطقة الوسط والساحل، وكذلك مشروع تحلية مياه البحر، مؤكدا أنّ سوسة قبلة للجميع وتشهد توسعا عمرانيا ونموا ديمغرافيا يتطلب الدعم والمساعدة لتلبية حاجات المواطنين. معتمديات وبلديات محرومة... أشار رئيس بلدية شط مريم سمير العذاري إلى أنّ هذه البلدية المحدثة -رغم انّها بلدية ساحلية وتصنّف على انها سياحية- معدومة الموارد. وتشكو نقائص بالجملة من حيث المعدّات. كما أن مدينة شط مريم تشكو غياب المرافق الإدارية، مؤكدا أن انتظارات المواطنين كبيرة والإمكانات ضعيفة. ومن جهتها أكّدت النائبة بمجلس نواب الشعب نورة العامري أنّ هناك ضرورة ملحة اليوم إلى العدل بين معتمديات ولاية سوسة، مشيرة إلى المشاكل التنموية المتراكمة في معتمديات مثل القلعة الصغرى التي تعدّ 42 ألف ساكن. ولا تملك منطقة صناعية ولا مشاريع تنموية تُذكر فضلا على المشاكل البيئية. ودعا رئيس بلدية كندار علي بن ميم إلى «تشخيص سليم للواقع وبرمجة المشاريع بعد ذلك، لا أن يتم إسقاط مشاريع لا صلة لها بالواقع، حسب تعبيره. وأشار بن ميم إلى أنّ عدة مناطق في بلدية كندار تشكو إلى اليوم من غياب الماء الصالح للشرب. وقال إنه يتنقّل مسافة 20 كلم لإيصال الماء عبر الصهاريج إلى مناطق بوقطفة وسيدي أحمد وغيرها، فضلا على غياب شبكة التطهير وغياب الخدمات الإدارية تماما رغم توفير البلدية مقرّا لإحداث دار للخدمات الإدارية به ستة مكاتب ومراسلتها السلطات الجهوية والمركزية في هذا الشأن دون جدوى. واعتبر رئيس بلدية سيدي الهاني محمد الجليطي أنّ سيدي الهاني منسية تماما. ورغم أنها تمثل نقطة عبور مهمة بين ولاية سوسة والجهة الغربية (ولايات القيروان والقصرين وسيدي بوزيد وغيرها) لا يوجد بها سوى مقرّ للبلدية وآخر للمعتمدية.وهي تفتقر الى دار ثقافة وناد للأطفال والى أيّ مرفق إداري. وأضاف الجليطي «لقد انتخبنا الناس لنخدمهم. ولكن لا نجد سبيلا إلى ذلك».