تَمكّن المنتخب من الفوز على كرواتيا في عقر دارها وأمام جمهورها وهذا المكسب مُهمّ وكبير خاصّة أنه تحقق على حساب وصيف بطل العالم وجاء قبل 13 يوما فحسب من انطلاق المغامرة التونسية في «الكَان» ومن الرائع أن تكون المعنويات في السماء قبل أيام من الإقلاع نحو مصر. لكن هذا الانتصار لا يبرّر أبدا خطابات التَضخيم التي ظهرت في تفاعلات الجامعة وبعض وسائل الإعلام التي لم تَتّعظ من درس المُونديال. فوز ثمين تألق المنتخب الوطني في مواجهة كرواتيا وأظهر فريق «جيراس» مؤهلات جيّدة وهو ما بعث الإرتياح في صفوف المحبين خاصّة أن هذا الفوز جاء على صَاحب المرتبة الثانية في المونديال الأخير ويضمّ في صفوفه العديد من النجوم الناشطة في أعتى وأقوى الدوريات الأوروبية على غرار «مُودريتش» (ريال مدريد) و»بيريزيتش» (الأنتر) و»كوفاسيتش» (تشلسي)... وتَتضاعف أهمية هذا الانتصار بالنظر إلى «الحَصانة» التي يتمتّع بها «الكروات» داخل قواعدهم. وقد استحق المنتخب الإشادة من الصحافة المحلية والدولية فضلا عن «تحية المُجاملة» الصادرة عن الرئيسة الكرواتية «كوليندا» التي أصبحت وجها مألوفا في دنيا الكرة بعد أن اكتسحت ملاعب روسيا في المُونديال الأخير. كرواتيا ليست في أفضل الحالات لقد ترك منتخبنا أفضل الانطباعات في لقاء كرواتيا لكن هذا النجاح لا يعني أبدا الإفراط في الفرح خاصة أن الأمر يتعلق بلقاء ودي. كما أن هذا الانتصار جاء على حساب منافس لم يلعب بكامل طاقاته ولم يستخدم كافة «أسلحته» بدليل أن مدربه «داليتش» سحب ستة أسماء من التشكيلة التي كان قد هزم بها يوم 8 جوان بلاد الغال في نطاق التصفيات المؤهلة ل «الأورو». ويتصدّر «مودريتش» لائحة اللاعبين الذين لم يشاركوا في التشكيلة الأساسية ضدّ تونس (وقع اقحامه في الدقيقة 70). ولا ينبغي أيضا أن نُغمض أعيننا عن حقيقة أخرى وهي «حالة التجديد» التي يعيشها «الكروات» بعد المونديال خاصّة في ظل اعتزال بعض اللاعبين المؤثرين على رأسهم «ماندزوكيتش». كما أن النتائج التي تلت كأس العالم لم تكن بالمِثالية المنتظرة ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى أن الفريق الكرواتي فاز بصعوبة على أذربيجان وبلاد الغال (2 مقابل 1) فضلا عن الهزيمة أمام المجر وذلك في إطار تصفيات «أورو» 2020. حتى لا ننسى أثناء تحضيرات المنتخب لمونديال 2018 ظهر فريق معلول بوجه مُشرّف أمام عدة منتخبات عتيدة مثل البرتغال وإسبانيا لكن مع انطلاق المونديال عشنا «كَابوسا» مُزعجا على يد أنقلترا وبلجيكا. وقد اتّخذ معلول والجريء آنذاك الوديات كمقياس لجاهزية الفريق وتبنّى الإعلام «المُوالي» لهما تلك المُغالطات وكانت النتيجة وخيمة في المُونديال. ونستحضر هذا السيناريو «المؤلم» حتى لا يقع فريق «جيراس» في الفخّ ويُوهم نفسه بأنه كامل الأوصاف وجاهز على كل المستويات ليكتسح المنتخبات الافريقية في «كان» مصر.