هل يعود الأنقليز إلى نهائي المونديال بعد أكثر من خمسين عاما من الصّبر والإنتظار أم أنّ «الكروات» «سيتعملقون» ويقتلعون بطاقة العبور إلى المحطّة الخِتامية للمرّة الأولى في تاريخهم؟ الجواب سيأتينا اللّيلة من العاصمة الروسية «موسكو» التي تحتضن المقابلة السّاخنة بين المنتخبين الأنقليزي والكرواتي لحساب نصف نهائي الكأس العالمية. ومن شبه المستحيل التكهّن بالنتيجة النهائية لهذه المُواجهة الكروية الحَماسية والتي ستشدّ إليها الأنظار في «لندن» الأنقليزية و»زغرب» الكرواتية وفي كافّة البقاع العاشقة لسحر الجلد المنفوخ. ولن يقبل اللّقاء منطق التّخمينات بالنّظر إلى حجم المفاجآت في النهائيات الحالية وقياسا كذلك بالمؤهلات العريضة التي أظهرها أبناء «سَاوثغيت» و»داليتش». أحلام الأنقليز نجحت أنقلترا بقيادة ابن الدار «غاريث ساوثغيت» في تأكيد جديتها في المراهنة على الكأس العالمية التي لم يتذوّق منتخب «الأسود الثلاثة» طعم الفوز بها سوى في مناسبة يَتيمة. حصل ذلك عام 1966 عقب النهائي المثير والشهير ضدّ «الماكينات» الألمانية التي خرجت من الدورة الحالية بخفي حنين مثلها مثل العديد من «القوى العظمى» الأخرى في الكرة العالمية وهو ما يُضاعف حظوظ التشكيلة الأنقليزية لإنتهاز الفرصة والقبض على اللّقب الذي تنتظره «عاصمة الضّباب» منذ عقود طويلة بلغت خلالها الكرة في موطن «بوبي تشارلتون» و»بيتر شيلتون» و»دافيد بيكهام» أفضل مستوياتها خاصّة على صعيد البطولة المحلية التي أضحت إحدى أقوى المنافسات في الكون. لكن التطوّر المُذهل في «البروميارليغ» لم تُرافقه إنجازات كبيرة لمنتخب «الأسود الثلاثة» في السّاحتين العالمية والأوروبية ويُعلّق الأنقليز آمالهم على الجيل الحالي بقيادة الهداف «هاري كين» لإنهاء السنوات العِجاب وإستعادة الأمجاد المُونديالية الغَابرة. وتبدو الفرصة مناسبة لتحقيق حلم الأجيال بعد أن أصبح فريق «غَاريث ساوثغيت» على بعد خُطوتين من اللّقب «الهَارب» من «لندن» منذ خمسة عقود. ولاشك في أن الفريق الأنقليزي سيلعب اللّيلة كلّ أوراقه وسيعتمد على جميع «أسلحته» الفتّاكة ليجتاز عَقبة كرواتيا ويضرب موعدا مع النهائي المُونديالي تماشيا مع التوقّعات التي راهن أصحابها على «زئير» «الأسود الثلاثة» في النهائيات ودفاعها بشراسة عن العرش العالمي. فنيا، أظهر الفريق الأنقليزي قوّة بدنية واضحة مع قُدرة فائقة على إستثمار الكرات الثابتة وكسب الحوارات الفضائية ورغم بعض المشاكل البارزة في المنطقة الخَلفية فإنّ رفاق «رحيم ستيرلينغ» تمكّنوا من بلوغ المربع الذهبي بعزيمة حديدية وهو أمر وقف عليه الجميع في المواجهة النارية أمام كُولومبيا حيث قَضى الأنقليز على شبح الرّكلات الترجيحية التي كانت بمثابة «العُقدة» بالنسبة إلى منتخب «الأسود الثلاثة». ومن الواضح أيضا أنّ المسيرة الجيّدة للفريق في الدّورة الحالية الكأس العالمية منحت «ساوثغيت» ثقة أكبر في مؤهلات لاعبيه وفي إمكاناته الفنية رغم إلحاح البعض على أنّ «مناهج» المدرب الأنقليزي «مُستنسخة» إلى حدّ ما من «فَلسلفة» المدرب الإسباني ل»مانشستر سيتي» «بيب غوارديولا». طموحات «الكُروات» من جهته، بلغ الفريق الكرواتي بقيادة المدرّب «داليتش» المربّع الذهبي ليعادل بذلك إنجاز 1998 بفضل الجيل الذّهبي الذي يَتقدّمه الهدّاف «سُوكر» الحَاضر في المُونديال الرّوسي كرئيس للإتّحاد الكرواتي لكرة القدم وذلك على عكس ما يحدث في دول أخرى «يسطو» فيها الدخلاء على «اللّعبة» ويُهدوا جماهيرها الرياضية الخيبات والنكبات. وقد شقّت كرواتيا طريقها نحو نصف النهائي وسط إشادات كبيرة بالمردود العام لزملاء «مُودريتش» الذي فعل مع منتخب بلاده ما عَجزت عنه بقية «النجوم» التي تُزاحمه في «اللّيغا» الإسبانية مثل «رونالدو» البرتغال و»ميسي» الأرجنتين. ولئن فشل «ميسي» في التخلّص من «شبح» «مارادونا» الذي تابع السقوط المدوي لمنتخب «التانغو» من المدرّجات فإن «مودريتش» إنتفع من تواجد مُلهم «الكروات» «سُوكر» في «الفيراج» وكان عند حسن ظن الجماهير التي ترشحه للفوز بجائزة أفضل لاعب في الكأس العالمية وهو لقب شرفي يرحّب به نجم «الريال» شرط أن تكون الأولوية لنجاح المجموعة في مَهمّتها المونديالية. ولاشك في أن هذه «العقلية» الرائعة للعناصر الكرواتية تشكل ثورة حقيقية على التقاليد المونديالية وهي أحد أسرار المسيرة الإيجابية لهذا المنتخب الذي جرح كبرياء الأرجنتين في الدّور الأول قبل أن يتفوّق في المرحلة الثانية على الدنمارك وروسيا بالركلات الترجيحية وسط هُتافات الرئيسة «الظّاهرة» «كولندا». ويقف المنتخب الكرواتي اللّيلة على بعد خطوة واحدة من إنجاز كروي «عظيم» وغير مسبوق في تاريخه ومن المؤكد أن الجيل الحالي بقيادة «مودريتش» و»ماندزوكيتش» و»راكيتيتش» سيقاتل أمام الأنقليز لتحقيق «المُعجزة» وبلوغ المحطّة النهائية للمونديال.