تعيش منطقة الخليج الفترة الأخيرة على وقع التفجيرات والاتهامات والتهديدات بالحرب...التي لا يبدو أن أحدا قادر على الدخول فيها أو اطفائها في حال وقعت الفأس في الرأس. الملاحظ أن سياسات الادارة الأمريكية وعلى مرّ التاريخ الحديث ساهمت وبدور كبير جدا في جعل الشرق الأوسط «حفرة جهنّم»، ما إن تخبو نار فيها حتى تشتعل في جزء آخر منها وبشتى الاسباب والمسببات والتّعلات. الآن يبدو الوضع مختلفا في مدى امكانية اشعال حرب جديدة طبقا للوضع المختلف لإيران التي ليست صيدا سهلا ووحيدا، ولأمريكا المنقسمة والمتخبّطة في سياسات ترامب العرجاء والمدمّرة. الهجومان الأخيران(هجوم الفجيرة وخليج عمان) مرتبطان ببعض اشد الارتباط بما أن المتّهم واحد دائما وهو ايران، ولذلك لا يمكن الشك في أن مدبّرهما واحد أيضا، يدفع صوب التحريض وله مصلحة في المواجهة. جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني، وصف الهُجوم على النّاقلتين العِملاقتين بأنّه «مُريب» ومُثير للشّبهات، وهو توصيف ينطَوي على الكثير من المنطِق، لأن طهران لا تسعى الى المواجهة الا اذا فرضت عليها. ومن قام بالهجوم الأخير الذي تزامن تحديدا مع زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لطِهران، الذي جاء ليقوم بوساطة بين واشنطنوطهران لتخفيف التوتّر بين الطّرفين، أراد نسف هذه الزيارة وبالتالي نسف الوساطة. واشنطن وكعادتها حمّلت ايران مسؤولية الهجوم غير أن وزراء خارجية غالبية الدول الأوروبية، أبدوا عدم اقتناعهم بهذا الاتهام لأنهم يعرفون جيّدا أن واشنطن تعبّد الطريق نحو الحرب وهو ما ترفضه الغالبية الاوروبية. وفي وقت لاتزال فيه النيران تلتهم سوريا والعراق واليمن وليبيا، فإن أي حرب جديدة في المنطقة ستكون بمثابة البركان الذي لن تقف حممه عند الجغرافيا الاقليمية بل الدولية أيضا ولن يقدر على اخمادها أحد. وأبرز مثال على ذلك هو النفط الذي ارتفعت اسعاره 4.5 في المئة بعد الحادث الأخير مما سيؤثر على اقتصاد جميع الدول ويدخلها في دوامة التضخّم واختلال التوازنات بالإضافة الى عديد الاشكالات الأخرى. هذه الحرب ان وقعت لن يكون هناك خاسر واحد فيها بل الجميع، كما لن تكون كسابقاتها بل ستقلب الشرق الاوسط رأسا على عقب لأنها لن تكون مع ايران فقط بل مع حلفائها سوريا والعراق ولبنان واليمن وان كان بطريقة غير مباشرة. ترامب المحاط بالمتعطّشين للدّم والدمار كجون بولتون ومايك بومبيو ونظرائهم الصهاينة، يحسب ألف حساب للحرب ولإيران على حد سواء، في وقت بدأت فيه شعبيته تتآكل داخليا وحلّ سادسا في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة.