الإسلام دين الصلاح والإصلاح، يدعو إلى الخير وينهى عن الشرّ والإفساد، قال الله تعالى {وَ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} (الأعراف 56) والإفسادُ في الأرض شِيمَة المجرِمين، وطبيعة المخرِّبين، وعمل المفسِدين، ففيه ضَياعٌ للأملاك، وضِيقٌ في الأرزاق، وسُقُوطٌ للأخلاق، وله ضرر عظيم على البلاد والعباد، وحتى على الحيوانات، والبر والبحر والطيور والدواب فكلٌ يتضرر من إفساد العباد في الأرض. والفساد والإفساد شر وبلاء، فإن العبد قد يكون عبد سوء وفساد، قد يكون عبدَ خير تقوى، فإن تخلق بالدين والخلق القويم وامتلأ قلبه إيمانًا وتقوى سعى في إصلاح البلاد والعباد، وإن انحرف معتقده وساء سلوكه سعى في إفساد البلاد والعباد سواء كان ذلك بالاعتداء على الأملاك العامة أو الخاصة غير مبال بخطورة بما يفعله من تصرفات غير مسؤولة وما ينجر عنها من مفاسد على مستوى الفرد والمجموعة وما ينتظره من عقوبة دنيوية وما يدخر له من عذاب في الحياة الأبدية. ومن هذه المفاسد التي تتفاوت خطورتها: الإستلاء على أملاك الغير، إذ يعتمد بعض الناس على استغلال الأراضي الدولية سواء باستغلال خيراتها بدون موجب حق أو البناء عليها بدون تراخيص ولا بإذن مسبق من الجهة المسئولة، أو يقوم بعض النّاس بإيقاف سياراتهم على الأرصفة دون اللجوء إلى المآوي المعدة لذلك، وهناك البعض منهم ممن يقوم بالصعود بسيارته على الرصيف أو يقود بالاتجاه المعاكس أو على سكة الميترو فيضر بالمارة ويخلّ بالنظام العام ويتسبب في حوادث خطيرة، ومنهم من يستحوذ على جانب من الرصيف ليجعله نقطة بيع وشراء غير مبال بأصحاب المحلات التجارية التي أثقلت كاهلهم الضرائب والأداءات. ومن مظاهر الاعتداء على الأملاك العامة إلقاء الفضلات من داخل سيارته في الطريق العام، وإتلاف الحدائق العامة بقطف الزهور وقطع الأشجار ومنهم من بدعوى الحرية يلوّث جدران الشوارع بكلمات خبيثة مما يتسبب في تشويه الصورة الجمالية التي ينبغي أن تكون عليها البيئة العامة وأخطر هذه المظاهر إلحاق الضرر بالمنشآت الحوية للدولة بتعطيل آلة الإنتاج. وربّما لا يعلم كثير ممن سولت أنفسهم الخبيثة في الآونة الأخيرة حرق المحاصيل الزراعية والاعتداء على قوة الفلاحين وجهودهم المبذولة ماديا ومعنويا وإلحاق الضرر عامة بالاقتصاد الوطني والأمن الغذائي خاصة والمساهمة وبدرجة كبيرة إدخال البلاد في أزمة غذائيه. إنّ كل من اتلف ودمر وأحرق ولوّث واستغل واستحوذ وسرق الأموال العامة أو الخاصة ولم يبالى بفعله توعده الله بأشدّ أنواع العذاب قال الله تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة 33) وستشهد الأرض على أهلها يوم القيامة كما جاء في قول الله تعالى {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} (الزلزلة 4) فإذا عمل أهلها فوق ظهرها شرًّا تكون أرض فساد وسوء وإذا عمل عليها خيرًا تكون أرض خير وصلاح.