ساعات فقط تفصلنا عن اعلان نتائج امتحان البكالوريا في الوقت الذي يجتاز فيه تلاميذنا أمتحان النوفيام وسيجتازون بداية من اليوم أمتحان السيزيام الذي قد يصبح أجباريا بداية من العام القادم . هذه الأمتحانات الوطنية ومهما كانت نسب النجاح فيها أو عدد المشاركين فيها فإنها تطرح من عام الى آخر أسئلة جديٌة تفضح منظومة التعليم في تونس وخاصة التعليم العمومي الذي فقد أشعاعه وأصبح ملاذ الذين لا حول لهم للتوجه للتعليم الخاص من الأبتدائي الى العالي وهي ظاهرة تترجم محنة التعليم في تونس فالتعليم الخاص لم يعد حكرا على العائلات ذات الدخل العالي بل أصبح الحل للألاف من العائلات التي لم تعد تجد في المدرسة العمومية الشروط المطلوبة والحد الأدنى للتكوين الضروري ويكفي أن نذكر أن مدارس خاصة في الأبتدائي تم أحداثها في قرى بعيدة على الشريط الحدودي مثل قرية رجيم معتوق وهو ما يؤكد أن التعليم الخاص لم يعد حكرا على الميسورين ! إن أزمة التعليم تتفاقم من عام الى آخر وهي ليست مرتبطة بما بعد 14 جانفي بل بدا الانهيار منذ بداية السبعينات بتولي محمد مزالي حقيبة التعليم ويمكن القول انه أنجز أكبر مشروع لتخريب التعليم تحت شعار أجوف وشعبوي وهو التعريب الذي أفقد التعليم مضامينه ونجاعته . وتونس تحتاج اليوم ابى مراجعة جذرية لقطاع التعليم في كل مراحله وأبوابه من مناهج وبرامج وإطار تربوي وبنية أساسية بعيدا عن التوظيف السياسي والأبتزاز النقابي فبعد أن كانت تونس في طليعة دول العالم الثالث المحترمة في مستوى منظومتها التعليمية ومصداقية الشهادات العلمية أصبحت بلدا مثيرا للشك والريبة ولعل دعوة منظمة أجابة للدول الأجنبية لعدم الأعتراف بالشهادات العلمية التونسية ترجمة واضحة لمستوى الحقد الذي يحمله بعض الذين يدعون « النضال النقابي « على تونس وشبابها الجامعي . دون مشروع أصلاح تربوي حقيقي وعميق لن تشفى تونس من محنها المتتالية !