كشف الشاعر حسن المحنوش أنه لم يكن يقبل الحصول على المبلغ البسيط الذي يخصصه الزعيم الحبيب بورقيبة للشعراء في المناسبات التي يدعوهم إليها . تونس (الشروق) الشاعر حسن المحنوش اهم الشعراء الشعبيين اليوم برز في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة كشاعر لا يغيب عن المناسبات الوطنية وخفت صوته بعد رحيل الزعيم عن الحكم لكنه واصل الكتابة للأغنية وقدم له عدد من المطربين أشهر الأغاني. « الشروق» إلتقته في هذا الحوار: كنت من أقرب الشعراء الى الزعيم الحبيب بورقيبة الى حد ارتبط اسمك بمدحه هل كان يجزل العطاء كما يشاع وماذا تذكر من علاقتك به ؟ نعم كنت من اقرب الشعراء الى بورقيبة بل ومن احبهم اليه فانا اعرف العشرات من الشعراء المداحين والشاعر المداح هو ذلك الشاعر الذي اختص بمدح النبئ محمد عليه وآله افضل الصلاة وازكى السلام... هل رأيتم اخي الفاضل شاعرا يقول امام الرئيس بورقيبة وبحضور ما يزيد على الاربعمائة استاذ وعشرات من الشعراء التونسيين والاجانب: «يبكي الزمن يندب على محصوله جرت دمعته مهطولة زرع حمل ما حصّلش منه سبولة ........... يبكي الزمن بالعبرة وفقد من كثر المهازل صبره وفي كسوته تقاطيع ظهرت كبرى وتبان كل شروكها محلولة تجي تشوف تلقى الخيط وسط الابرة تجي تخيط تلقى خيوطها مسلولة» ... نعم انا اذكر في قصائدي مواقف وجهاد ودور المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة للتاريخ لكني لسان قومي ولا اتخلف على اثارة هموم شعبي ومشاغله واكون احيانا قاسيا في تناول مواضيع تتعلق ببعض الانحرافات للمسؤولين ولاعضاء الرئيس وحاشيته. اما قولك ماذا اذكر من علاقتي ببورقيبة ؟ فانا لا انسى عودته يوم غرة جوان 1955 الى ارض الوطن منتصرا بعد عشرين سنة من الابعاد والمنافي والسجون ومنها خمس سنوات كاملة في سجن سان نيكولا ولا انسى ابدا بناء الدولة على يد المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة وقيام الجمهورية في 25 جويلية 1957 ولا أنسى أبدا قراره بمنع خروج ما تبقى من الجيش الفرنسي بتونس من ثكناته الا في اتجاه فرنسا ولا انسى ابدا تعميم التعليم وتحرير المرأة ومجلة الاحوال الشخصية. ولا انسى تأميم بورقيبة للاراضي الفلاحية واسترجاعها من يد المعمرين الفرنسيين في 12 ماي 1964 على نفس الطاولة التي امضى عليها الصادق باي اتفاقية الحماية. ولا انسى رحلة بورقيبة الى الشرق الاوسط سنة 1965 وخطابه الشهير باريحا ولا انسى احتضان بورقيبة باستقبال الثورة الفلسطينية وقيادتها على ارض تونس بعد ان رفضت كل الدول العربية استقبالها بعد خروجها من لبنان ولا انسى ايضا موقفه من الاعتداء الاسرائيلي على حمام الشط وكيف تمكن من فرض ادانة المجتمع الدولي لاسرائيل دون ان تستعمل امريكا الفيتو لاول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي. .......... اما الجواب على سؤالك الذي يقول هل صحيح ان بورقيبة كان يغدق العطايا والهيبات على الشعراء فهذا لم يحدث لأن بورقيبة كان يهدي للشاعر مبلغا محتشما لا يزيد على الخمسين دينارا وكنت ارفض قبول هذا المبلغ وليس لصغر قمته وانما كي لا اقايض شعري بالمال واسترزق منه مما دفع ببورقيبة رحمه الله الى دعوتي لتناول العشاء على مائدته ونحن على المائدة قال لي سيادته علمت انك ترفض قبول الهدية التي يمنحها الرئيس وهي بسيطة لكنها تبقى هدية الرئيس وهدية الرئيس لا تُرد. لماذا أنقطعت عن كتابة الأغنية بعد عملك مع نبيهة كراولي ؟ انقطاعي على التعامل مع المطربين بعد الشريط الناجح مع نبيهة كراولي كان غير دقيق لاني واصلت كتابة الاغاني بعد ذلك الشريط مع الناصر صمود ومع نبيهة نفسها في الشريط الثاني ولي فيه أغنيتان من شعري وهما متشوقة وما اقواه هواك ثم كان اللقاء مع بنت اخي المطربة يسرى وكتبت لها اغنية ما يهمش ثم كانت القطيعة المفروضة بعد الركود الذي شهدته الاغنية وما حل بالثقافة عموما منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي كيف تفسر تهميش الشعر الشعبي ؟ تهميش الشعر الشعبي أعتقد أنه يحتاج الى تدقيق لأن الشعر الشعبي له مكانته في الاوساط الشعبية وتتلقاه الجماهير بشغف ودواوينه وملاحمه واهازيجه واغانيه تملأ الساحات والمنابر والمهرجانات ويتناوله بالدراسة الكثير من الكتاب المرموقين في العالم شرقا وغربا ونحن الى يوم الناس هذا نذكر احمد البرغوثي ومحمد الطويل واحمد ملاك ومحمد بورخيص والشيخ المحسن والصغيّر ساسي ومحمد الغضبان . لكن يوجد من بين شعراء الفصحى من يستنكف من الشعر الشعبي او يعتبره اقل منزلة من الشعر الفصيح ويستخف بالشعراء الشعبيين وكل هذا لم يفلح في ازاحة الشعر الشعبي من على عرش الشعر كيف ترى واقع الثقافة بعد الثورة ؟ اولا من يدعون الثورية هم سبب الركود الذي تشهده الثقافة في بلادنا ولا ادل على ذلك من المعاملة الوحشية التي واجهت بها حركة النهضة الثقافة والمثقفين في مشهد مزري امام المسرح البلدي بتونس وكان ذلك المشهد الاليم ينبئ بحلول عصر الجهل والتخلف الفكري. وثانيا تجاهل الاحزاب على كثرتها في هذه البلاد لدور الثقافة في الحياة العامة وفي السياسة وفي التنمية حتى انه لا يوجد برنامج واحد كانت مرتكزاته ثقافية أو فكرية. وأحمل المسؤولية الثقيلة الى المثقفين انفسهم الذين استسلموا وتخلوا عن دورهم وللنخبة المثقفة التي تعيش حالة عزلة كاملة على المجتمع وقضاياه المصيرية. الشاعر حسن المحنوش في سطور من مواليد مدينة تطاوين شاعر وكاتب مسرحي عمل في السلك الديبلوماسي وأنتج للإذاعة الوطنية وكتب مئات الأغاني لعدد من المطربين من أشهر أعماله أوبيرات ومن الحب ما قتل الملحمة البورقيبية التي تضم أربعة ألاف بيتالشاعر حسن المحنوش في سطور