ببعض الاختصار والاختزال تقدّم هذه « الدائرة « للقارئ المبتدئ والباحث المتوسّع المعلومات الأساسية والمراجع الضرورية عن مختلف المواضيع والمجالات الممثّلة للحضارة التونسية عبر تطورها مرتّبة ألفبائيا، لغاية التسهيل والتقريب. وقد استثنينا المدائن التي خصصناها بعدّة مؤلفات متوّجة ب «موسوعة مدن تونس» مثلما استثنينا الأعلام الذين جمعناهم في « معلمة أعلام تونس» والألقاب التي وثّقناها في « الأصل والفصل / معجم ألقاب التونسيّين». وأردناها، في غير ذلك، جامعة - دون ادّعاء الإلمام الكلّي والشمول التّام - اقتناعا منّا بالجدوى العمليّة والإفادة السريعة على صورتها هذه، واعترافا بالعجز والتقصير لو رمنا الإحاطة بكلّ شيء، وهو أمر مستحيل مهما أوتينا من الوقت والجهد بستان أبي فهر بقيت آثار فسقيّته في موقع «بطّوم» حيث مدينة العلوم المقامة على جانب منه في عهد ابن علي، في حين طمست بقيّة آثاره بالمباني الحديثة قبل ذلك وبالطريق السريعة الفاصلة بين ولايتي أريانةوتونس (حي منبليزير). وقد أورد توفيق البشروش في موسوعته بحث محمد الباجي بن مامي الباحث والمدير الأسبق للمعهد الوطني للتراث تضمّن فقرات من المصادر التاريخية ونتائج الحفريات المجراة سنة 1993 واستعرض وصف البستان وجميع مكوّناته المعماريّة لدى ابن خلدون والزركشي وابن أبي دينار وصولينياك حسب حفريات سنة 1936 دون نسيان الشعراء، وقارن هذا بذاك شرع المستنصر الحفصي في إقامة هذا المعلم المتكامل سنة 1251 م وأتمّه سنة 1268 م، ورمّم الحنايا الرومانية الجالبة للماء من زغوان إلى قرطاج لتحويلها إليه، وعدل عن قصور سلفه بالقصبة ورأس الطابية إليه للإقامة والنزهة والتمتّع بالمجالس الأدبيّة والمباريات بين القوارب الجارية في البركة الفسيحة المشبّهة بالبحر من إحدى القبّتين الكبيرة والصغيرة .جدار البركة الشرقيّ بطول 243.5 م، وجدارها الجنوبي بطول 78.7م، وسمك جدرانها من 2 م إلى 3.50 م، ولها دعامات بعد كلّ 30 م غربا وشرقا، وبعد كلّ 15 م جنوبا بزيادة جدار ثان داعم للأوّل بهذه الجهة، وعمقها من هذه الجهة الجنوبيّة 2.60 م وأقلّ منه في الجهة الشمالية إذ يبلغ 2.00 م فقط، ومساحتها 18284 مترا مربّعا، بعد طرح مساحة القبّة الداخلة فيها (30 م x 28 م )، وسعتها مقدّرة بحوالي 4200 مترا مكعّبا من المياه . وقد اتّصلت بجدارها الشرقيّ بركة صغيرة مربّعة يبلغ ضلعها 6.50 م . وقد دلّت اللقى الأثريّة هناك على إعمار تواصل من العهد الأغلبي إلى العهد التركي . ومن الواضح أنّ الحرب، التي دارت بين الأتراك والإسبان وانتهت بانجلاء هؤلاء عن البلاد سنة 1574 م بحملة سنان باشا، قد أضرّت في جانب منها بالمنشآت كالحنايا والبركة لتوقّف إمدادها بالمياه . ولذلك وجب اللجوء في القرن الموالي إلى حفر بئر ضخمة في شماليّ البركة لسقي الأشجار، فهي « بئر بطّوم» التي في الضفّة الأخرى من طريق المطار، قرب ماجل ( 14 م x 7 م ) يبعد 80 م عن البركة، كان يستقطب في مرحلة أولى ماء الحنايا.والزائر اليوم للموقع في علاقته بمدينة العلوم يلحظ مكانته في مخططها ونشاطها بما يؤكّد قيمة الماء ومنشآته في تونس . البشروش (ت.) :موسوعة، ص 81 – 84 ( نصّ محمد الباجي بن مامي) ؛حمريت (علي) : موقع له تاريخ في أريانة / من بستان أبي فهر الى مدينة العلوم . – في : المجلة الصادقية، ع 46، نوفمبر 2007، ص 11 – 22، وفي : المدار ( مجلة مدينة العلوم بتونس )، ع 20. بيت الحكمة القيرواني موقعه حسب ح.ح. عبد الوهّاب قرب القيروان برقّادة في أحد القصرين «الصحن « أو « الفتح» اللّذين شيّدهما الأمير الأغلبي إبراهيم الثاني الذي حكم أكثر من ربع قرن ( 261 – 289 ه / 874 – 902 م ) وحقّق ازدهارا كبيرا، خاصة في العلوم . وقد تابع فيه سميّه ببغداد العبّاسيّة فيما زوّده به من الكتب وبمن أوقف عليه من العلماء والتراجمة مع المخابر والمرصد الفلكي. وقد عرف أكبر توسعة في عهد زيادة الله الثالث بين سنتي 290 ه / 903 م و296 ه / 909 م . وأشهر القائمين عليه في ذلك العهد أبو اليسر الشيباني المعروف بالرياضي ( ت 298 ه / 911 م ) . ودام كذلك في العهد الفاطمي إلى أن انتقل المعزّ بملكه إلى القاهرة آخذا معه كتبا وتاركا أخرى. ويرجّح بعض المؤرّخين أنّ هذه المؤسسة العلميّة كانت حذو جامع عقبة إلى أن تكشف البحوث والحفريّات عن موقعها الصحيح.وفي العهد البورقيبي، مدّة إشراف الأستاذ البشير بن سلامة على وزارة الثقافة، تمّ إحياء بيت الحكمة بإطلاق اسمه على المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات المستغلة لقصر الأمين باي بقرطاج والتي رقّيت إلى المجمع التونسي للآداب والعلوم والفنون. عبد الوهاب (ح.ح.): ورقات ...، 1 / 192 – 219 (تليه تراجم علماء بيت الحكمة وثلاثة أمراء أغالبة لعلاقتهم به) ؛ الكعّاك (عثمان): بيت الحكمة / الجامعة التونسيّة التي أضاءت أوروبا . – في : مجلة الإذاعة، 1/5/1961، ص 19 ؛ الكعبي (م.) : موسوعة القيروان، ص 263. (يتبع)