بادر احمد شوقي بكتابة مسرحية « كليوبترا» وهو في باريس بصحبة محمد عبد الوهاب ...كان يتردد على مكتبة السريون، للاطلاع وقراءة كل ما كتب عن الملكة المصرية الفاتنة، وكان محمد عبد الوهاب قد أنهي تلحين قصيد « انا أنطونيو وانطونيو انا «...وقد وجد اللحن هوى في نفس احمد شوقي، الذي حرص على ان يستغل هذه الرحلة لمساعدة محمد عبد الوهاب في تعلم اللغة الفرنسية والمعرفة والثقافة وقد لقنه ان الموهبة وحدها لا تكفي، بل لابد من الثقافة الفنية والثقافة العامة والاحساس الدقيق بما يتحرك في قلب العصر من تيارات. كان احمد شوقي على خلاف دائما مع إبراهيم المازني وعباس محمود العقاد، وازداد هذا الخلاف حدة خاصة بعد اصدار هذا الثنائي كتاب « الديوان» هجوما على شوقي وبحكم الصلة الوثيقة وعلاقة عبد الوهاب بشوقي تطور هجومهما ليطال عبد الوهاب، الا ان السيدة روز اليوسف وزوجها زكي طليمات دبرا لمحمد عبد الوهاب لقاء مع العقاد والمازني لغاية حمايته من هجوم العقاد الشرس على شوقي. جمعت السهرة الى جانب العقاد والمازني احمد رامي ومحمد التابعي. عمل محمد عبد الوهاب في تلك السهرة على تقديم اغنية « غايرمن اللي هواك قبلي وكنت جاهله» في اول تجربة له مع التلحين وجاء اول تعليق من عباس محمود العقاد ان لمحمد عبد الوهاب استعدادا فنيا عظيما في حين وصف المازني صوت عبد الوهاب بانه ممتاز وقوي اما احمد رامي فقد كان منفعلا بالأغنية في حين ان زكي طليمات اعتبر الاغنية مفاجأة ...روح تسمو وترتفع وتحلق. غمرت السعادة محمد عبد الوهاب الذي ازداد احترامه وتقديره لأحمد شوقي الذي رأى فيه شاعرا مجيدا ولكن وسائل نشر شعره محدودة سواء الصحف والمجلات التي كانت محدودة التوزيع او المجالس الشخصية التي لم يكن يجيد القاء الشعر بها، ولما كان شوقي يريد لنفسه تحقيق الانتشار على المستوى الجماهيري فكر ان ينقل معاني شعره عن طريق مغن. لم ينتظر احمد شوقي، فقد وجد في محمد عبد الوهاب ضالته في محمد عبد الوهاب، فكان ان اوصاه» ارجوك يا محمد، الا تهمل شعري بعد ان اموت ' وتبقى دائما تغني قصائدي ' وان تغترف من شعري ما تشاء، فان خلودي في ان يردد الشعب شعري، وانت كفيل ات تجعل الشعب يفهمه ويحبه ويردده..» لقد تعلم محمد عبد الوهاب من احمد شوقي ان موقع الفنان مع الشعب وليس مع الأحزاب التي تتقاتل وعلمه ان الفن هو السلطة التي يجب ان يعطيها الفنان الكلمة الأخيرة وان السياسة والأحزاب تعصب ورأي والفنان يجب الا يتعصب لغير الفن، علمه ان الفن هو الصدق والأمانة وما يحسه في قلبه ويراه في وجدانه ويشعر به في شرايينه. يتبع