تونس (الشروق) فيما بدأ النشاط السياحي يتنفس السعداء بعد سنوات عجاف يضيق الخناق كل يوم حول أكثر من 150 من الفنادق التونسية مهدّدة بالاندثار نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل البنوك وسياسة «سيّب الماء على البطيخ» التي تنتهجها الدولة وبلغة الأرقام فإنه من خمسة مليارات من الدنانير هي إجمالي ديون القطاع السياحي يبلغ حجم الدين المصنّفة 1500 مليون دينار تهم ما بين 150 و200 فندق تجاوزت ديونها رأس المال وهو ما جعلها تعجز منذ سنوات عن خلاص ما عليها. كتاب أبيض ! ورغم صدور «الكتاب الأبيض» الذي كان ثمرة لقاءات مكثفة بين المهنيين ووزارة السياحة والقطاع النكي وشكل بالتالي إطارا توافقيا لمعالجة المديونية الثقيلة للقطاع السياحي وخاصة الديون المصنفة فقد ظل الى حد الآن مجرد حبر على ورق. وبالنتيجة يوجد اليوم نحو 250 فندقا متوقفا عن النشاط فيما يواجه 150 فندقا شبح الاندثار لتتحول المديونية الى عائق كبير أمام تأمين استدامة نشاط الوحدات الفندقية أو تأهيلها. محرّك للنمو ويبدو جليا أن هذه المغامرة بمستقبل قطاع تطلب بناؤه نصف قرن قد غيّبت جملة من المعطيات الموضوعية اهمها أن السياحة هي من أهم مصادر الثروة في تونس وأحد محرّكات النمو الاقتصادي كما أنها كانت الأكثر تضرّرا منذ 2011 بفعل تواتر التحذيرات الغربية من السفر الى تونس بعد ظهور الخطر الارهابي وتعرض البلاد الى عدة هزات سياسية... وهو ما يدفع الى التساؤل الى أين يسير القطاع السياحي وما الذي يعطل حلا جذريا لأزمته المالية يكون بداية مرحلة جديدة من الاستثمار في هذا القطاع تدعم مكانة تونس كواحدة من أبرز الوجهات السياحية. إرادة سياسية أكد خالد الفخفاخ رئيس الجامعة التونسية لأصحاب الفنادق أن التعاطي مع قضية مديونية السياحة يجب أن ينطلق من تساؤلات محورية في مقدمتها هل نقبل بوجود 250 فندقا متوقفا كليا عن النشاط وهل أن الفندق هو مجرد ملكية خاصة أو مصدر للثروة ومحرك للنمو. و من هذا المنطلق فالحاجة ملحة الى مجلس وزاري حاسم يفضي الى حلول عملية تكرّس مبدأ تقاسم التضحيات بين الأطراف الثلاثة أي الدولة وأصحاب الفنادق والمؤسسات البنكية، كما طالب باعتماد مقاربة حالة حالة في التعاطي مع ملف ما بين 150 و200 فندق تجاوزت ديونها رأس المال بما يراعي جهود من اجتهدوا لإنجاح مؤسساتهم لكن لم يحالفهم الحظ. الحلول ممكنة وفي المقابل قلص الخبير البنكي أحمد الكرم من حدة القطيعة الحاصلة بين البنوك والفنادق مؤكدا أن «الكتاب الأبيض» المتعلق بإعادة جدولة ديون الفنادقابل للتنفيذ لكنه يتطلب لقاءات مكثفة أخرى بين كل المتدخلين بهدف المضي قدما في تطهير الوضعية المالية للفنادق بعد الأزمة الحادة التي عرفتها في الاعوام الأخيرة ونفى في السياق ذاته وجود تعاط سلبي مع مديونية السياحة مشيرا الى أن البنك المركزي حريص فعلا على تقديم تسهيلات لفائدة الفنادق من خلال امتيازات جبائية تحث البنوك على مساعدة الفنادق بما في ذلك ذات الديون المصنفة من الدرجة الرابعة في ذات الوضعية المالية الأكثر تدهورا. وأكد في المقابل ضرورة أن يرافق عودة انتعاشة السياحة التزام من أصحاب الفنادق بخلاص أقساط القروض. تحويل النشاط من جهته توقع «سليم التلاتلي» الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق للسياحة أن تفرز عودة انتعاشة السياحة اهتماما أكبر من قبل الحكومة بإيجاد حلول عملية لقضية المديونية وخاصة وضعية الفنادق التي فاقت ديونها رأس المال. ولاحظ أن وضعية ثلثي هذه الفنادق على الأقل قابلة للاصلاح عن طريق تقديم التسهيلات البنكية اللازمة فيما تقتضي وضعية الثلث الآخر إما تغيير المستثمر أو تغييرالنشاط بالتوجه نحو مجالات أخرى مثل التخصص في إيواء السياح كبار السن أو الى أنشطة خدماتية أخرى خارج دائرة السياحة وخلص الى التأكيد على ضرورة انتهاج مقاربة شاملة لمعالجة المديونية السياحية خاصة عبرتكفل الدولة بتقديم الامتيازات اللازمة للبنوك لتشجيع هذه الأخيرة على تمويل الفنادق ذات الديون المصنفة من الدرجة الرابعة مقابل التركيز على تقوية رأس المال عبر ادخال شركاء جدد كما دعا الى بعث شركة تصرّف من قبل البنوك العمومية المثقلة بديون السياحة يكون هدفها تحقيق مردودية أكبر للفنادق المتعثرة خاصة من خلال تسويغها، كما أكد أن أي مجهود لمعالجة قضية المديونية يجب أن يوازيه مجهود آخر للارتقاء بجودة المنتوج السياحي وتنويع المنتوج والأسواق الى جانب اعتماد الرقمنة خاصة في مجال التسويق.