من تدهور صحة الباجي، إلى محاولة الانقلاب البرلماني، إلى تعطيل انتخاب المحكمة الدستورية، إلى التحركات الإرهابية… أسبوع أسود كانت «النهضة» حاضرة بقوة في أحداثه فهي من جهة تتزعم المدعين وهي من أخرى على رأس المتهمين فهل هي متورطة فعلا أم متضررة حقيقة؟. تونس (الشروق) النهضة تتحدث عن محاولة انقلاب على رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي تقودها أطراف خارجية باستعمال وسائل إعلامية خليجية، في الآن ذاته هناك من يتهم الحركة دون غيرها بالفشل في الانقلاب بل هناك من وصل به الحد إلى اتهامها بتسميم قايد السبسي حتى يخلو لها الجو. أحداث قصر قرطاج أعيدت في قصر باردو بالسيناريو ذاته تقريبا ففيما كانت النهضة تروج لوجود محاولة انقلاب على رئيس المجلس محمد الناصر كان نواب آخرون يتهمونها بالسعي إلى تنفيذ الانقلاب بنفسها قبل أن تفشل فيه في اللحظة الحاسمة. هي تتهم بعض خصومها بالإصرار على عدم التوافق في ملف المحكمة الدستورية لكنها متهمة بالإصرار على التمسك بالعياشي الهمامي والحال أنه بات محل جدل واختلاف فيما تتتمسك بإقصاء سناء بن عاشور بالرغم من أهليتها وتاريخها. حتى العمليات الإرهابية التي نجح رجال الأمن في إفشالها باتت محل جدل حول الدور المفترض للنهضة فيها ولكن أي مصلحة مفترضة للنهضة من هذا كله؟. منافع بالجملة للحركة مصالح كبيرة من توجيه الاتهامات فبرفض الانقلاب واتهام أطراف أجنبية بالسعي إليه، تبدي تمسكها بالمسار الديمقراطي والشرعية الدستورية، ما يقدمها في النهاية في صورة الحزب الديمقراطي. كما أنها تستغل الفرصة لتشويه خصومها وأعدائها عبر توجيه التهم الخطرة لهم. ومع هذا فهي تجدد ولاءها وتضامنها مع من تأنس فيهم الاستجابة لأملها في التوافق القادم وهم رئيس الجمهورية وحزبه نداء تونس وأحد أهم قيادييه وهو رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر. ولعل الأهم أنها تتصدى للاتهامات المعاكسة عبر استباقها أو الرد عليها، لكن هل لها مصلحة في ما نسب إليها من اتهامات؟. هناك مصالح مهمة مفترضة فإحداث فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية والانقلاب في الآن ذاته على رئيس البرلمان محمد الناصر يعني آليا وصول النهضة إلى رئاسة الدولة عبر قياديها عبد الفتاح مورو بوصفه النائب الأول لمحمد الناصر. كما أن الإصرار على فرض شخصيات واستبعاد شخصيات أخرى في ملف المحكمة الدستورية يضمن مصالحها اللاحقة، أما العمليات الإرهابية فهي نتاج مباشر لسياسة النهضة السابقة أيام الترويكا حسب قراءة بعض خصومها لكن ما يهمنا أكثر أن هناك من أعدائها من يتهمها صراحة باستعمال الإرهاب لترهيب الشعب وفرض أجنداتها بالقوة فما مدى صحة هذا كله؟. السر في الفصل 84 بلغة المنطق لا يمكن الاطمئنان لمبررات اتهام النهضة بممارسة الإرهاب ولا بالتشجيع عليه ولا بتسميم رئيس الجمهورية ولا حتى بمجرد التخطيط للانقلاب حتى مع تمسكها أول أمس برفض تكوين هيئة برلمانية للتحقيق في ملابسات ما أشيع حول تدبير الانقلاب. علينا أن نتتبع تطور الأحداث زمنيا لنكتشف أن حركة النهضة حاولت التأقلم مع الواقع ومحاولة الاستفادة أو على الأقل عدم التضرر منه. فوعكة الباجي الصحية مع ما أشيع خطأ أو قصدا حول وفاته بعد مدة قصيرة من تنفيذ العمليتين الإرهابيتين في العاصمة تلته معلومة خطيرة بثتها قناة العربية فحواها أن رئيس الحكومة في طريقه إلى قصر قرطاج ما أوحى بأنه أراد تطبيق الفصل 84 من الدستور في فقرته الأولى الخاصة بالشغور المؤقت والمسك تبعا لذلك بصلاحيات رئيس الجمهورية. في هذه الحالة باتت مصلحة النهضة في إنقاذ الباجي ليعود إلى قصره ويمارس صلاحياته أو في التأكد من وفاته حتى يتم تنفيذ الفقرة الثانية من الفصل المذكور ويحل رئيس مجلس الشعب محمد الناصر محل الباجي قايد السبسي عوضا عن الشاهد. معضلة رئيس البرلمان اللخبطة تمت بأكثر حدة داخل مجلس النواب حيث تحدث البعض عن عجز رئيسه محمد الناصر جراء المرض فخيرت كتلة النهضة الاجتماع مع بعض الكتل الأخرى المحايدة للنظر في المعضلة المستحدثة وطرح البعض إعلان عجز الناصر بمجرد الإعلان رسميا عن وفاة الباجي لكن هناك من اتصل بالناصر وحثه على التحول فورا إلى مجلس النواب فتحامل على نفسه ولبى الطلب لينهي حالة التخبط والقلق والاجتهادات. انتهت مخاوف حركة النهضة نسبيا بمجرد أن اجتمع محمد الناصر برؤساء الكتل البرلمانية ولم يبق غير خروج الباجي من مرحلة ما بين الحياة والموت فنجاته وعودته إلى ممارسة صلاحياته يعيد الأمور إلى نصابها وهو السائد حاليا ووفاته تحيل رئاسة الجمهورية لمحمد الناصر وفي ما عدا الفرضيتين يعني عجز الرئيس وإمكانية حلول الشاهد محله تنفيذا للدستور، لكن كل الخوف لدى النهضة أن تستغل بعض الجهات الداخلية والخارجية حالة الارتباك فتنقلب على الشرعية وترمي بالبلاد إلى حكم خطر بقيادة الانقلابيين. النهضة لم تسع إلى الانقلاب ولا لأحداث الفراغ لأنها أكبر متضرر منه وكل ما فعلته أنها عاشت وقتا عصيبا حاولت فيه أن تتصرف بما يحمي مصالحها. عندما نفهم هذا يسهل علينا فهم أسباب مغالاتها إلى اليوم في توزيع الاتهامات يمنة ويسرة وإصرارها على غلق ملف المحكمة الدستورية بما يحمي مصالحها. تعويض رئيس الجمهورية حسب الدستور الفصل 83 لرئيس الجمهورية إذا تعذّر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما قابلة للتجديد مرة واحدة. ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس نواب الشعب بتفويضه المؤقت لسلطاته. الفصل 84 عند الشغور الوقتي لمنصب رئيس الجمهورية، لأسباب تحول دون تفويضه سلطاته، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور الوقتي، فيحل رئيس الحكومة محل رئيس الجمهورية. ولا يمكن أن تتجاوز مدة الشغور الوقتي ستين يوما. إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أوفي حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما. محمد الناصر يدعو النواب الى الالتزام بالحضور وعدم الغياب دعا رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، النواب للالتزام بالحضور وعدم الغياب خلال الجلسة العامة الانتخابية المخصصة لانتخاب المحكمة الدستورية وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وحث رؤساء الكتل النيابية على الاتصال بمنظوريهم من النواب للحضور بكثافة لأداء واجبهم الانتخابي، مذكرا بأنّ الاغلبية المطلوبة لحصول أي مترشح على موافقة المجلس هي ثلثا اصوات الاعضاء اي 145 صوتا. واكد رئيس المجلس ان انتخاب 3 أعضاء في المحكمة الدستورية اولوية مطلقة للمجلس قبل نهاية المدة، مشيرا الى ان رؤساء الكتل متفقون على ضرورة القيام بواجبهم والتزامهم بانتخاب المحكمة الدستورية وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.