تقع جزيرة جربة في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية تبلغ مساحتها 514 كم2 وتعد أكبر جزر شمال أفريقيا شريطها الساحلي طوله 125 كما تلقب ب«جزيرة الأحلام». تتواصل بالقارة عبر طريق يمتد على 7 كم الذي شُيد منذ العهد الروماني والذي يؤدي إلى مدينة جرجيس كما يمكن العبور من مدينة أجيم إلى الجرف عبر البطاح، فتحت من قبل القائد رويفع بن ثابت سنة 45ه / 665م أثناء غزوة معاوية بن حديج لتونس ساد فيها المذهب الأباضي وعرفت باسم جزيرة الليتوس زمن الإغريق وقد امكن تحديد موقع إحدى قراها ميانكس ببرج القنطرة وكان اسم جربة يطلق على ما يقارب حومة السوق جزيرة التعايش جزيرة الاحلام، التي حافظ معمارها على نمطه البسيط الفريد رغم تطور الحياة الحضارية، وحافظ أهلها على سمة التعايش والتنوّع في الدين والعرق لتكون بذلك واجهة سياحية فريدة، فبمناخها المعتدل الرائع وأجوائها الجميلة وشواطئها الرملية الناعمة وتضاريسها المنبسطة ونخلها الباسق وشجر زيتونها الممتدّ على كامل أرجائها، استطاعت "جزيرة الصيّادين جربة" سحر سكانها الأصلين وزائريها الأجانب على حدّ السواء. جزيرة المساجد وبقدر ما تعرف الجزيرة،، بمنازلها التقليدية الضاربة في التاريخ، تعرف كذلك بمساجدها العامرة، لاحتوائها على قرابة 300 مسجد، ويعد معمار المسجد في جربة فريدا من نوعه سواء على مستوى التوزيع الجغرافي للعمارة أو كذلك من ناحية الزخارف المعتمدة في تزيين المساجد. وتمتاز المساجد في جزيرة جربة بالبساطة والتواضع، فلا نجد فيها الزخارف المعتادة في بقية المساجد التونسية، منها عشرين مسجدا تحت الأرض، تم تشييدها من خلال الحفر والنقش في أوائل القرن الثاني عشر ميلاديا، موزعة على مختلف مناطق الجزيرة، وهي مثال عن تمازج الحضارة البربرية التي سكنت البلاد منذ القدم بالحضارة الإسلامية التي طوّرت الجزيرة، وتعبر المساجد المنقورة عن تواصل العادات البربرية وتمازجها مع مميزات العمارة الإسلامية.. وهذه النوعية من المساجد هي الأقدم في جزيرة جربة. وتتدرج هذه المعالم المنقورة كليا في الصخر والتي تجد أصولها المعمارية في القصور البربرية المنتشرة في مناطق الجنوب التونسي.. إلا انه يلاحظ أن بعض تلك المعالم يتطابق مع التخطيط المتداول للمساجد الإسلامية مثل جامع البرداوي.. وهناك نوعية ثالثة منقورة جزئيا في الصخر واعتمدت على مواد البناء المعروفة بالجزيرة. وتتركز المساجد الناتئة في المواقع العليا؛ فالمساجد الواقعة على شواطئ الجزيرة على سبيل المثال تلعب دور نقاط المراقبة والإنذار المبكر في جزيرة مفتوحة على كل الجهات، وأحجام هذه المعالم الدينية غالبا ما تكون محدودة. أما المساجد الواقعة على السواحل فهي تتميز بمتانة البناء وتوفر تجهيزات دفاعية ضد الأعداء، وهي لا تختلف عن المواقع العسكرية. وهناك مساجد الأحياء؛ وهي محدودة المساحة وموجهة بالأساس لتلبية الحاجيات المباشرة لسكان الحي. كما توجد كذلك مساجد معروفة بحلقاتها العلمية. لذلك نجد من بين مكوناتها الغرف المخصصة للتدريس والغرف الموجهة لإقامة طلبة العلم جزيرة المتاحف يوجد بالجزيرة عدد من القلاع التاريخية والمتاحف أبرزها مجموعة من الأبراج التي بنيت في فترات متباعدة للدفاع عنها، أمّا أشهرها فهو برج الغازي مصطفى أو البرج الكبير وهو من ابرز المعالم التاريخية ويعود البرج إلى القرن الخامس عشر الميلادي حيث شيّد بأمر من السلطان الحفصي أبو فارس عبد العزيز المتوكل الّذي تنقّل سنة 1432م إلى جزيرة جربة لردّ الحملة الإسبانية الّتي كان يقودها الملك الأرغوني ألفونس الخامس.وكذلك متحف قلالة هو عبارة عن مركّب ثقافيّ ضخم على مستوى تونس وهو متعدّد الاختصاصات والأنشطة. ويهتمّ بالفنون التقليدية وإبداعات الصناعات اليدوية القديمة والعادات الشعبية والكنوز التراثية الأخرى بمختلف أنواعها وأشكالها. جزرة الحصون دفاعية وإلى جانب دورها الديني، استخدمت المساجد التي وجدت إلى جانبها معاصر وبيوت ومخازن تحت الأرض وموانئ، تمرّ بقربها أودية تحت مائيّة تسمح بوصول السّفن ولذلك أنشئت حول هذه الموانئ تحصينات دفاعيّة لمنع الأعداء من اختراقها كحصون دفاعية للاحتماء من خطر القراصنة والحملات العسكرية، لمعاضدة الأبراج، حيث يتم من خلالها إبلاغ الأهالي بالخطر القادم إلى الجزيرة ليأخذوا حذرهم فتضيء منارات الحصون والجوامع لبعضها متبادلة إشعارات الإنذار والتحذير من الخطر القادم، حسب عديد المؤرخين هندسة معمارية تعكس فلسفة حياة إلى جانب شواطئها الذهبية وتربتها الرملية، تميّزت جزيرة جربة أيضا بهندسة معمارية فريدة، زاوجت بين الأصالة والحداثة، لتعكس بذلك فلسفة حياة تكوّنت على مرّ العصور، فما يميّز الجزيرة هو التركيبة المعمارية التقليدية التي تقوم على ما يطلق عليه اسم "الحوش" وهو عبارة عن منزل منطو على ذاته يتّجه نحو الدّاخل، تمّ طلاء أرضه بالكلس، به عدة "بيوت" لا يمكن أن يتجاوز عرضها مترين ونصف (غرفة) وبها فتحات تهوئة يجمعها فناء واحد، ذي نوافذ منخفضة تحمي الغُرف من الحرارة والضوء، ويحيط به أشجار النخيل والزيتون تعايش وتنوّع في الدين والعرق منذ القدم، عرفت جزيرة جربة باستقبالها واحتضانها للأقليات الدينية والعرقية، فكانت لهم ملاذا أمنا، فإلى جانب السكّان المسلمين الذي يعتنقون المذهب المالكي والإباضي، نسبة إلى أحد مؤسسيه عبد الله بن أباض الموري التميمي، يوجد في جربة حوالي 2000 يهودي من السكّان الأصليين لها، عاشوا في الجزيرة منذ الاف السنين. وفي ماي من كل سنة، يقصد الاف اليهود من أنحاء العالم، "معبد الغريبة"، في جربة لأداء طقوس "زيارة الغريبة"، الذي توجد فيه، بحسب الأسطورة، واحدة من أقدم نسخ التوراة في تونس، الكنيس اليهودي الأكبر والأقدم في أفريقيا حيث يعود تاريخه إلى قرابة 2600 سنة، وتزعم بعض الروايات التاريخية أن امرأة يهودية قدمت إلى جربة واستقر بها الحال في مكان كنيس الغريبة الآن وعرفت هذه المرأة بالكرامات فأقيم لها هذا المقام عند الممات، كما سمي الكنيس "الغريبة " نسبة إليها.