عاد المنتخب من مصر بيد فارغة والأخرى فيها حفنة من الدُولارات والكثير من الحسرة على ضياع الحلم الإفريقي الذي لا يُمكن أن تُعوّضنا عنه "فلوس" الدّنيا بأكملها. مُشاركتنا في ال"كَان" لم تكن في حَاجة إلى تقييم المُحلّلين وفيهم العارف والجَاهل والناجح والفَاشل والمُتملّق على طريقة "الظّاهرة" نادر داود. حصيلة هزيلة مُغامرتنا في الملاعب المصرية ليست في حاجة إلى تلك التَقارير المُضحكة التي تعوّدت الإدارة الفنية على إنجازها ورفعها في مرحلة مُوالية للرئيس العارف قبل غيره بأن التقييم بهذه الطريقة لا يَستقيم لأن الجامعة تُصبح في هذه الحالة هي الخَصم والحَكم. الحَصيلة التونسية في ال"كَان" كانت ضعيفة بل هزيلة وهذه الحقيقة المُرّة تؤكدها الأرقام والأهداف الكُوميدية التي سجّلها في شباكنا حراسنا ومدافعونا الذين تمّ تصنيفهم ضمن الهدّافين في الكأس الافريقية. منتخبنا يا سادة خاض سبع مقابلات لم يتذوق خلالها طعم الإنتصار إلا في مناسبة يتيمة وذلك على حساب مدغشقر التي أقامت احتفالا وطنيا عند عودتها إلى الديار. وهذا الأمر مفهوم بحكم أن هذا الفريق المغمور يشارك للمرّة الأولى في النهائيات القارية ويَعتبر مُواجهة تونس في الدّور ربع النهائي حدثا تاريخيا. فريقنا الوطني حطّم في هذه الدورة كلّ الأرقام القياسية على مستوى الأهداف المقبولة بالنيران الصّديقة وأيضا على صعيد عدد الحراس الذين تمّ تشريكهم وهم بن مصطفى وحسن وبن شريفية والطريف أن ثلاثتهم تلقوا أهدافا مُضحكة مُبكية في منتخب مرّ منه العياشي و"عتّوقة" وبورشادة والواعر والنايلي الذي تساءل ليلة لقاء نيجيريا عن نوعية التعليمات التي يقدّمها مدرب الحراس السيد حمدي القصراوي للاعبيه. وقد جاءت فعلا الإجابة يوم المباراة حيث شاهد الشعب بأم عينه أن القصراوي يُقدّم التعليمات للمهاجم فراس شواط في الوقت الذي كتب فيه بن شريفية الفصل الأخير في مُسلسل الهدايا التي قدّمها حراسنا للمنافسين (دون تعليق). "فيلسوف" التدريب ما قام به القصراوي الذي دخل في غَفلة من الزّمن للمنتخب هو جزء يسير من التسيّب الكبير الذي عاشه الفريق الوطني في كأس افريقيا التي كان بطلها الأوّل السيّد "جيراس". والحديث عن هذا "الفيلسوف" قد يحتاج إلى مُجلّد كامل لأن الرّجل لم يعبث بالتشكيلة فحسب بل أنه قدّم صُورة سيئة جدّا عن المدرّب الوطني الذي كان من المفروض أن يظهر ب"وقار" الشتالي وصَرامة "لومار" وإن كان عاجزا عن الإرتقاء إلى رتبة هؤلاء العَباقرة فإن الحدود الدنيا من الذكاء و"البريستيج" تضعه أمام حتمية تقليد معلول الذي اصطنع الدموع لحظة "الكفّ" البلجيكي بعد أن كان قد وعدنا ببلوغ الدور ربع النهائي (والتاريخ لا يَرحم). "جيراس" تجاوز كل الحدود ولم يكفه "اتلاف" أعصاب التونسيين ليظهر في الصُّورة مبتسما وهو يتسلّم أقمصة نجوم مالي والسينغال دون مُراعاة مشاعر المحبين الموجوعين على ضياع فريقهم على يد "جيراس" الذي قد يكون ضمن أتعس الفنيين في تاريخنا سواء من حيث "الغباء" التكتيكي أوالسُلوك المُشين (البعض ذهب أبعد من ذلك واتّهمه بالوشاية بمساعديه لدى الحكم الرابع حتى يُجبرهم على الرجوع إلى البنك ليتكفل بإخراج المَهزلة بمفرده من حافة الميدان). الجامعة هي الداء الأكبر بالحديث عن "جيراس" تُحاول "ماكينة" الجريء منذ فترة "شَيطنة" المدرب وتقديمه في أسوأ صُورة وهذا العمل أتقنه شريك رئيس الجامعة رازي القنزوعي. ولا اختلاف طبعا في الإفلاس الشامل للسيّد "جيراس" لكن من الضروري أن لا نقع في فخّ "الماكينة" الإعلامية للجامعة بحكم أنها قالت نصف الحقيقة. والنّصف المُتستّر عليه يكمن في مسؤولية الجامعة التي عزلت بملء إرادتها البنزرتي بتُهمة الإنتماء إلى "عِصابة" "علي شورّب" لتُعوّضه بمدرب فاشل وسِجلّه شبه فارغ رغم إشرافه على منتخبات تزخر بالنُجوم وتملك تقاليدا عريقة في الكرة مثل مالي والسينغال. وقد كنا ننتظر أن يكون رئيس جامعتنا جريئا مرّة واحدة في حياته ويُعلن عن استقالته كما فعل مؤخرا قائد الإتحاد المصري هاني أبو ريدة وهو صديق الجريء وشريكه في قطاع التحكيم الذي قدّمنا فيه أيضا مردودا بَاهتا على هامش الكأس الافريقية. وهذا الأمر متوقّع طالما أن "منظومة" وديع تُنتج "قُضاة" من نوع السالمي والملولشي الذي انشغل بمناشدة رئيسه عبر "الفايس بوك" لا بكسب التحدي في ال"كَان" (يا للعار على مدرسة بودبوس وبن ناصر والجويني...). كنّا ننتظر من الجريء أن يكون جريئا مرّة واحدة ويستقيل لأنه المُتسبّب الأول في خَراب الكرة التونسية وتَضييع منتخبات وأجيال بأكملها. والأدهى والأمر أن الرجل ظهر في أستوديو "التاسعة" لا من أجل الإعتذار بل ليكذب على الناس ويقول بكل غرابة :"العَام صابة". ومن الواضح أن رئيس الجامعة اختار هذه المرّة التوجّه إلى برنامج بوهلال لأن حصة القنزوعي انتهت بالنسبة الى الموسم الحالي و أصبحت مفضوحة وأشبه بالورقة المَحروقة تماما مثل أوراق "سيدي العيفة" الذي انتهت "مُعجزاته" عند "تنويم" حارس غانا ولا ندري أين اختفى لحظة تنفيد الفرجاني لضربة الجزاء ضدّ السينغال؟ رجاءً ارحلوا بالعَودة إلى مُغالطات "سي" وديع نشير إلى أن منتخبنا بلغ فعلا المربّع الذهبي بعد انتظار دام 15 عاما كما نجح في القضاء على "العُقدة" الغانية لكن هذه المكاسب صَغيرة وليست تاريخية كما صوّرها الموقع الرسمي للجامعة ورئيسها (وهو المدرب الحقيقي للمنتخب حسب رأي أسطورتنا طارق ذياب). ويبدو أن الجريء يَتناسى بأن البرونزية التي لهث وراءها في مصر تحصّلت عليها تونس منذ 1962 قبل أن نخوض "الفِينال" في 1965 و1996 ونُتوّج باللّقب عام 2004. ولا ندري أين "التفرّد" الذي حقّقه الجيل الراهن والذي تمتّع بأعلى درجات الرفاهية ولهف الملايين (100 مليون بعد الترشّح إلى المُونديال الذي عرفناه وأذهلنا فيه العالم منذ أكثر من 40 عاما). ومن المُخجل أن يتشدّق الجريء بالمركز الرابع في ال"كَان" وهزم "بَنما" في المُونديال الذي عِشنا فيه أثقل هزيمة وأكبر فضيحة (خُماسية بلجيكا). لقد بان بالكاشف أن الداء في المنتخب لا يكمن في إفلاس المدرب "جيراس" وانفلات النجوم فحسب بل أن الجامعة لها النّصيب الأكبر في مُسلسل الإخفاقات بحكم أن المسؤولين هم من يُعيّن المدربين ويفرض الانضباط ويُسطّر الإستراتيجيات الكفيلة بتحقيق الأمجاد الحقيقية لا إنفاق المليارات لهزم "بَنما" والعودة من ال"كان" بالمرتبة الرابعة مع مُغالطة الناس والحديث عن انجازات وهمية ولا نسمع عنها إلا في الأنظمة الاستبدادية حيث يُصبح الإعلام شريكا في الضَّحك على الذقون. إن المنتخب والكرة التونسية عُموما تنشد التغيير. وهذا الحلم يبدأ بإقالة كامل الإطار المُشرف على المنتخب بداية بالطبيب مرورا بالكنزاري والقصراوي وصولا إلى "جيراس". هذا فضلا عن اسقاط "منظومة" الجريء بما فيها من مسؤولين وحكّام وإعلام و"سَماسرة" صوّروا لنا نجوما ورقية مِثل المساكني والخزري والصّرارفي والبدري على أنّهم "مَارادونات" الكرة. إلى كلّ المدربين والمسؤولين عن المنتخب نقول: شكر الله سعيكم.