أخرج الصراع حول قائمات الانتخابات التشريعية، الخلافات الداخلية للنهضة إلى العلن، فما حرصت حركة النهضة على ابقائه حبيس مؤسساتها ،تجاوز أسوار هذه الهياكل وقفز الى مواقع التواصل الاجتماعي والى وسائل الاعلام، حتى أصبحت الحركة اكثر الأحزاب عرضة للانقسام بسبب التوتّر الحاصل. تونس (الشروق) أنجزت النهضة انتخابات داخلية لتحديد ملامح قائماتها في الانتخابات التشريعية، وافرزت هذه الانتخابات قائمات أولية تم ترتيب المرشحين فيها ارتباطا بعدد الأصوات التي تحصل عليها كل مرشح، هذه القائمات كانت بمثابة المفاجاة الكبرى خاصة وانها اسقطت قيادات تاريخية في الحركة وطفت على السطح شخصيات أخرى ، منها من انضم للحركة حديثا . المكتب التنفيذي المكاتب الجهوية للحركة ،احالت القائمات الأولية الى المكتب التنفيذي للحزب،الذي يتمتع حسب النظام الأساسي للحركة بصلاحيات هامة فالفصل 112 من هذا النظام ينص على أن «يتولى المكتب التنفيذي المصادقة النهائية على القائمات. وللمكتب التنفيذي صلاحية تغيير الترتيب وله استثنائيا إضافة عضو للقائمة وله استثنائيا جدا إضافة رئيس للقائمة». استغل المكتب التنفيذي لحركة النهضة ،الصلاحيات الممنوحة له واحدث تغييرات جذرية في القائمات، بلغت حد اسقاط أسماء فازت بالمراتب الأولى في القائمات الأولية، وقام بنقلة اسماء أخرى من دائرة انتخابية الى أخرى ، مما قلب ملامح القائمات رأسا على عقب . رسالة المكي ما قام به المكتب التنفيذي ،أغضب عددا من قيادات الحركة واحدث توترا في قواعدها ،خاصة وان قرار المكتب التنفيذي قلب كل المعادلات ، فالقيادي والوزير السابق عبد اللطيف المكي والذي وقع نقله من قائمة تونس 1 الى قائمة الكاف ،وجه رسالة الى راشد الغنوشي رفض خلالها الترشح على قائمة الكاف ،متسائلا عن مبررات نقله الى هذه الدائرة ،معتبرا ان ما يحدث داخل الحركة «ظلم « . المكي أضاف في رسالته «..أعلن أني لن اشارك في هذه المظالم المضرة بالحركة ضررا استراتيجيا ليس له اسم غير البتر وبعض البتر يؤدي الى القتل. لذلك لن أذهب الى الكاف التي اتشرف بها وبخدمتها وبأهلها وبحركتنا هناك وبكل إخوتي فيها من اتفق معي او من خالفني وأتمسك باحترام الناخبين وخيارات ابناء الحركة في كل الولايات ..وأدعو رئيس الحركة أن يتقيَ الله في حركتنا وشبابنا ونسائنا واخوتنا». عريضة أما القيادي في الحركة والوزير السابق محمد بن سالم فقد أشار الى ان 78 عضوا من مجلس الشورى، قاموا بإمضاء عريضة تهدف إلى عقد دورة استثنائية للشورى للنظر في ما اعتبره «تجاوزات المكتب التنفيذي المتعلّقة بتغيير نصف أسماء المنتخبين في القائمات الإنتخابيّة للتشريعية «. وأضاف في تصريح اعلامي أن تغيير أسماء المنتخبين مسألة غير طبيعية، وبيّن إنّ المكتب التنفيذي المسؤول على هذه التغييرات في الأسماء، قام بهذا التصرّف نظرا إلى وجود أسماء تتبعه تحصّلت على مراتب متدنية في القائمات الإنتخابيّة لذلك قاموا بهذه التغييرات لتبرز تلك الأسماء وتغيّب الأسماء التي كانت في المراتب الأولى في القائمات ، وأفاد بن سالم إنّ هذا التصرّف أخلاقيا لا يجوز ولا يمكن أن يكون المكتب التنفيذي لحركة النهضة هو الحكم والخصم في آن واحد وهو ما اعتبره تضاربا في المصالح بصفة واضحة. زيتون يعتذر أما القيادي في النهضة والمستشار السابق للغنوشي ،لطفي زيتون فقد نشر على صفحته في فيسبوك تدوينة قال فيها «تفضل الاستاذ راشد الغنوشي رئيس الحركة مشكورا باستدعائي صباح اليوم ليستفسر عن استعدادي للانضمام الى قائمة تونس 1 التي سيترأسها بنفسه فاعتذرت شاكرا له ما تفضل به من عرض واخبرته اني قد صرفت النظر عن موضوع الترشح على قوائم النهضة منذ الجلسة الانتخابية التي انعقدت يوم 16 جوان. بما يجعلني غير معني بالمشاكل والصراعات التنظيمية التي فجرها تدخل المؤسسة القيادية في ترتيب القوائم التي افرزتها الجلسات الانتخابية في الجهات.» لطفي زيتون اعتبر ان « المتابع لما وقع في الايام السابقة يستنتج آليا ان الترتيب تم على اساس الاستهداف السياسي وعلى قاعدة الولاء فقط « ، على حد تعبيره . مكتب بن عروس التوترات الحاصلة داخل الحركة ، انتقلت من قيادات الحركة الى قواعدها، فالمكتب الجهوي للنهضة ببن عروس اصدر بيانا عبر فيه اعضاؤه عن "انشغالهم بما آلت إليه الأوضاع داخل الحزب من مناخات غير مسبوقة"، محمّلين "قيادة الحركة مسؤولية ما قد يؤول إليه الوضع من عزوف أبناء الجهة عن الانخراط في الحملة الانتخابية أو الامتناع عن الوقوف وراء القائمة التي شكّلها المكتب التنفيذي". محمد القوماني مؤسسات الحركة قادرة على إدارة الخلاف قال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة محمد القوماني في تصريح ل«الشروق» إن التجاذبات حول تشكيل القائمات الانتخابية ظاهرة طبيعية تحصل في جل الأحزاب والائتلافات وذلك قياسا بالقانون الانتخابي نفسه الذي يعطي الأولوية في الظفر بالمقعد البرلماني لمن هم في المراكز الاولى في الترتيب. وأضاف القوماني أن حصول الخلاف في حركة النهضة بهذه الحدة من ردة الفعل تعكس برأيه مدى تطور الحركة وانفتاحها لافتا النظرالى أن ادارة الخلافات في صلبها تخضع لمؤسسات مستقرة تقلل من حدتها خلافا لأحزاب أخرى. واعتقد القوماني أن المعالجات في مؤسسات الحركة قادرة على حماية وحدة النهضة وتماسكها وأن الخروج من صفها نحو تكوين قائمات من خارجها سيكون أمرا محدودا. ولفت القوماني النظرالى أن اجتماع مجلس الشورى المنعقد الليلة الماضية لهذا الغرض يصدر موقفه من الخلافات اليوم.