القضاء يبرّئ وزير الاقتصاد الأسبق من تهم فساد مالي    قبلي: تكثيف حملات مراقبة مياه الشرب تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة    الشركة الجهوية للنقل بنابل.. برمجة عدة سفرات على مستوى الخطوط نحو الشواطئ    هذه قوّة الزلزال الذي قد يُهدد تونس بتسونامي... والمعهد يراقب منذ 2016    الأولمبي الباجي: عدم ورود أي قائمة مُترشحة للإنتخابات وجلسة عامة عادية يوم 8 جويلية    كرة السلة – البطولة العربية سيدات: تونس تنهزم بفارق عريض أمام مصر (فيديو)    خلايا رعدية وأمطار متفرقة الليلة..#خبر_عاجل    وزارة الخارجية تنظم حصص استمرار بمكتب المصادقة    أمطار رعدية في 9 دول عربية بعضها قد يسبّب فيضانات    الإدارة العامة للغابات: إطلاق سراح طيور الساف التي تم القبض عليها خلال الموسم الحالي لممارسة هواية البيزرة بولاية نابل    إيران: وضعنا خطة لشلّ إسرائيل إذا هاجمتنا مجددا    زغوان: تقدّم موسم حصاد الحبوب بأكثر من 90 بالمائة    وزارة النقل تعلن عن تغييرات إدارية كبرى في شركة الخطوط التونسية وتوجّه "تنبيها صارما" الي رؤساء المحطات    عاجل/ بعد اعفاء رئيس مجلس إدارة "التونيسار": توجيه تنبيه صارم لهؤلاء..    نادي ليفربول يقرر دفع المبلغ المتبقي من عقد جوتا لعائلته    تطور مداخيل الشغل المتراكمة ب8.3% خلال السداسي الأول من 2025    كسرى: استرجاع أرض غابيّة تمسح 7 هكتارات بموجب أمر قضائي وبالقوة العامة    بعد سنوات من العطاء .. نجم المنتخب الوطني يعلن نهاية تجربته مع الترجي الرياضي    مواجهة ودية منتظرة بين الأهلي المصري والترجي الرياضي    "نور الدين الفرحاتي" يتوجه برسالة إلي إتحاد بن قردان والملعب التونسي    رحيل الممثل جوليان ماكماهون بعد صراع مع السرطان    نهاية مسيرة خالد بن يحيى مع مولودية العاصمة: الأسباب والتفاصيل    وزير الفلاحة يؤكد حسن الاستعداد لموسم زيت الزيتون القادم وخاصة على مستوى طاقة الخزن    تنبيه عاجل من الحماية المدنية في تونس لمستعملي السيارات    "كتائب القسام" تكشف عن تفاصيل عملية خان يونس يوم أمس    الزهروني: تفكيك عصابة تخصصت في خلع ونهب مؤسسات تربوية    سيدي بوزيد: وفاة طفلة في حادث دهس من قبل والدها عن طريق الخطأ    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب في إسطنبول التركية    أدوات السباحة الأساسية للأطفال...المرافقة الدائمة والحذر    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يسلّط غرامات مالية على أندية كبرى بسبب خرق قواعد الاستدامة    الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بالمركبات الثقافية ودور الثقافة بمدينة مكثر يومي 11 و12 جويلية الجاري    "أوركسترا الفالس العربي الافريقي": موسيقى تتجاوز الحدود وتجمع الشعوب في المسرح الأثري بدقة    شنوة الجديد في مهرجان قرطاج 2025؟    ما هو يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون؟    النوم قدّام ال ''Climatiseur''بعد الدوش: هل يتسبب في الوفاة اكتشف الحقيقة    شنوة يصير كان تاكل الكركم 14 يوم؟    ما هي الكمية المناسبة من الشوكولاتة لطفلك يوميًا؟    البرلمان: أعضاء لجنة الدفاع والأمن يؤكدون ضرورة إعادة النظر في مجلة الجماعات المحلية..    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس العالم للأندية    الفوترة الإلكترونية إلزامية ابتداءً من جويلية: الإدارة العامة للأداءات تحذّر المتخلفين    باجة: تحذير من استهلاك مياه بعض العيون الطبيعية    مدنين: تدعيم المستشفيات ومراكز الصحّة الأساسية بتجهيزات طبيّة حديثة    عاجل/ سيعلنه ترامب: التفاصيل الكاملة لاتفاق غزة الجديد..    مدير مهرجان بنزرت: تمّت برمجة ''بلطي'' فقط للارتقاء بالذوق العام    يديعوت أحرونوت: ترامب يسعى لإتمام الهدنة حتى لو بقيت حماس في غزة    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    الشراردة: وفاة طفلة ال8 سنوات اثر سقطوها من شاحنة خفيفة    جريمة مروعة: العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس وملقاة في الشارع..!!    عاجل/ حكم قضائي جديد في حق عبير موسي..    سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل    وزارة الفلاحة تحذّر من تقلبات جوية    الفرجاني يلتقي فريقا من منظمة الصحة العالمية في ختام مهمته في تقييم نظم تنظيم الأدوية واللقاحات بتونس    كوريا الجنوبية: تسجيل أعلى معدل للحرارة في تاريخ البلاد    عادات وتقاليد: «الزردة» طقوس متوارثة ...من السلف إلى الخلف    فوائد غير متوقعة لشاي النعناع    تاريخ الخيانات السياسية (5): ابن أبي سلول عدوّ رسول الله    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكدها الانتقال الدستوري السلس..الديمقراطية التونسية.. الإستثناء العربي
نشر في الشروق يوم 27 - 07 - 2019

يوارى اليوم جثمان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الثرى في مقبرة الجلاّز. وبالتوازي تسير الأمور بشكل هادئ في البلاد. حيث تم الانتقال الدستوري السلس. وتم تحديد 15 سبتمبر موعدا للانتخابات الرئاسية في توقيت صعب كشف عن تجذّر الديمقراطية في تونس.
تونس الشروق
عشّية الخميس، يوم وافت المنيّة الرئيس الراحل قايد السبسي، وحين كان الحداد يعمّ القنوات التلفزية التونسية والاذاعات وحين كانت الأنظار تشد الى البرلمان لمتابعة هذا الانتقال الدستوري السلس الذي تمّ في مشهد تاريخي، إذ أدّى المكلف بمهام رئيس الجمهورية محمد الناصر اليمين وهو يبكي الرئيس الراحل، لم يسلم الشارع التونسي من تلك الأجواء. فالمتنقّل بين الشوارع يهتدي الى حالة الحزن العامة التي عمّت وجوه الناس ونقاشاتهم.
تلك الحالة تُرجِمت في سلوك الناس. حيث بان الصمت بين الجالسين في المقاهي وعلى الشواطئ. وكان الكثيرون منشدّين الى شاشات هواتفهم الجوّالة لمتابعة آخر تطورات الاحداث ولملاحقة الصور النادرة لقايد السبسي ولقاءاته مع كبار الزعماء في العالم وللتعبير عن مشاعرهم الحزينة عن وفاة الرئيس بقطع النظر عن تقييم أدائه إن كان جيدا أو دون المطلوب. فهذه اللحظات كانت لحظات إنسانية بامتياز.
حالة حزن عامة
على ساحل أحد الشواطئ، وقد كنّا شهود عيان، اعتاد الشاب الثلاثيني الذي تسوّغ جزءا من الشاطئ ويستغله لكراء المظلات الشمسية والطاولات والكراسي ويجعل منه ليلا مقهى للزوّار أن يطلق عنان الموسيقى كل مساء عساه يجذب الراغبين في الفسحة والمرح على الشاطئ. كان لا يتوانى في إذاعة مختلف أنواع الموسيقات الراقصة ولكنه في تلك الأمسية الحزينة، أمسية الخميس 25 جويلية، أذاع موسيقى غربية لوقت قصير ثم سرعان ما قطع صوتها ثمّ اكتفى بإذاعة موسيقى أغنية حزينة لأم كلثوم وبصوت خافت. قطعا لا أحد طلب من هذا الشاب ان يكتم أنفاس موسيقاه وهي التي تساعده في جذب الحرفاء الى فضائه الترفيهي ولا السلطة الرسمية طلبت منه الالتزام بالحداد ...هذا الشاب الثلاثيني كان متأثرا لموت الرئيس ولم يخف حزنه مثله مثل الكثير من التونسيين الذين لم يكن ربما البعض منهم من انصار الباجي قايد السبسي. ولكن هذا الفضاء التونسي الجديد بكل ما اتاحه للتونسيين من حرية منح لكل تونسي حقه في التعبير عن كل ما يخالجه من غضب وحزن وانتقادات.
هذا الحزن انقلب في موقع "فايسبوك" الى إحساس بالفخر والاعتزاز مساء. إذ تم الأمر بسرعة وفي اطار انتقال دستوري اُحْتُرِم فيه الدستور وبانت فيه دولة المؤسسات. اذ راجت بين التونسيين خلال الأيام الأخيرة وتفاعلا مع تطورات الحالة الصحية للرئيس الراحل الدعوات بالسلامة لتونس تخوفا ممّا قد تؤول اليه الأمور مع اقتراب ساعة رحيل «البجبوج» الاّ ان الامر مرّ بنضج كبير. وكشف عن تجذّر للديمقراطية التونسية التي خلناها هشّة ووليدة وقد تتعثّر لكن البناء السياسي السليم أثمر الانتقال السليم والسلاسة في تطبيق دستور الجمهورية الثانية.
ديمقراطية متجذرة
بدا الكل فخورا بأن دستور 2014 لم يسمح بأي فراغ في مؤسسات الدولة. فوفاة الرئيس الباجي قايد السبسي لم تكن فرصة للفراغ. بل كانت فرصة لتبيّن مدى اشتداد عود الديمقراطية التونسية التي تكاد تنهي عشريتها الأولى.
وفاة الرئيس أثبتت أيضا أن البناء السياسي أو الانتقال السياسي الذي استغرق وقتا كثيرا على حساب بقية الملفات وأهمها الملف الاقتصادي والاجتماعي أثمر تجذرا للديمقراطية السياسية. كما أن نجاح واجهة الديمقراطية السياسية سيفتح الباب حتما للبلاد للانتقال من دولة استشراء الفساد الى دولة القانون والمؤسسات. فما حصل في حادثة وفاة رئيس الجمهورية أكد بلا شكّ أن غياب الأشخاص لا يعني الفراغ. فالأشخاص عابرون والمؤسسات هي الباقية ولها سقف دستوري يحميها وهذا ما أثمر عملية الانتقال الدستوري السلس أمس الأول الخميس.
وقد أشادت أغلب تعليقات التونسيين بالانتقال الدستوري السلس وبالتجربة التونسية النموذجية على المستوى العربي مشيدين أيضا بتدخلات الصحفيين والسياسيين في القنوات الإخبارية الأجنبية. حيث حاولت بعض القوى الخارجية التأثير في المساء التونسي الحزين بالحديث عن فراغ فأكد أغلب المتدخلين غيابه فتم قطع الاتصال معهم من ذلك نذكر قطع البث مع الصحفي وليد الماجري والصحفي يوسف الوسلاتي لأنهما نفيا وجود أي فراغ في الرئاسة باعتبار وجود نص في الدستور ينص على تولي رئيس مجلس النواب مهام رئيس الجمهورية في حال إعلان الشغور الدائم.
وفي المحصلة يبدو أنه بانت للتونسيين نقطة ضوء وسط العتمة. فالسنوات الصعبة التي عشناها منذ العام 2011 تاريخ انهيار نظام الحكم الدكتاتوري الذي استمر حوالي ربع قرن أثمرت تجذّر الديمقراطية السياسية. وهذه الواجهة السياسية الناجحة تؤسس لدولة القانون والمؤسسات وهي الفضاء الذي تستطيع أن تنهض فيه كل المؤشرات الاقتصادية لتحسين الظروف المعيشية للتونسيين وتحقيق مطالب الثورة الاجتماعية التي اجتاحت البلاد نهاية 2010 وأطاحت بالنظام في جانفي 2011. وسيكون نجاح الانتخابات العامة المزمع تنظيمها بعد حوالي شهر فاتحة للنجاح الاقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.