توفّي الرئيس. جاء الخبر الذي كان يتوقعه الكثير من التونسيين بسبب تقدّم سن الرئيس السابق الباجي قايد السبسي والحالة الصحيّة الصعبة التي بات عليها خلال الفترة الأخيرة. وكانت ردود الأفعال غير المنتظرة من مجتمع سياسي ومدني ورأي عام توحّد على اختلافاته ليصفّق للانتقال السلس الذي ميّز نهار أمس الحزين. تونس الشروق: في العاشرة وخمسة وعشرين دقيقة توفّي الرئيس الباجي قايد السبسي بين أيادي كفاءات طبيّة في المستشفى العسكري. كان اليوم عيدا للجمهورية، الذكرى 62 لاعلان الجمهورية، وكان الحدث الذي أعطى رمزية لتاريخ الباجي قايد السبسي فرئيس الجمهورية توفّي يوم عيد الجمهورية وهو الذي حاول خلال سنوات الانتقال الديمقراطي تكريس مبادئ الجمهورية والانحياز لقضايا الحريات الفردية والعامة والمساواة التامة وصولا الى المساواة في الميراث. وهي أيضا «أمنية» لاحقت الرجل ولم يخفيها بل كان يسرّ بها الى المحيطين به بانه يتمنّى الموت رئيسا كي يحظى بالجنازة التي يستحق. رحل الباجي قايد السبسي وبعد إعلان وفاته بساعات قليلة تم الانتقال الدستوري السلس ليؤدّي رئيس البرلمان محمد الناصر اليمين لتولّي مهمة رئيس الجمهورية الى حين تنظيم الانتخابات الرئاسية علما وان الدستور يمنح محمد الناصر مدة أقلها 45 يوما وأكثرها 90 يوما لتولّي هذه المهمة. وهكذا تنتهي المدة القصوى بالنسبة لمحمد الناصر أواخر شهر أكتوبر علما وان الانتخابات الرئاسية مقرر تنظيمها بتاريخ 10 نوفمبر ما يعني مبدئيا فرضية تقديم الانتخابات الرئاسية. ردود الفعل التي جمعناها من نشطاء وحقوقيون أجمعت في مجملها على ضرورة الالتزام بما نص عليه الدستور وتكريس دولة القانون والمؤسسات وان خسارة الباجي قايد السبسي في مثل هذه الظرفية السياسية والاجتماعية الدقيقة لن تكون لها تداعيات حول مسار الانتقال الديمقراطي ما دام هناك مجتمع مدني يقظ وعينه رقيب. اليكم تفاصيل ما جمعناه من شهادات. عبد الستار بن موسى الرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان: هذه تخوفات الباجي قايد السبسي أثناء الحوار الوطني قايد السبسي هو أول رئيس منتخب وقد نجح في تولّي مهمة رئيس حكومة في توقيت صعب من تاريخ تونس وهو لم يسع لتغيير المسار. في اعتقادي الباجي قايد السبسي قام بواجبه كرئيس حكومة وكرئيس دولة واداؤه يمكن النقاش حوله اذ كان له وعليه ولكن عموما حرص الرجل على التوافق وقد يكون الله استجاب لامنيته اذ قال في اكثر من مرة انه يتمنى ان يموت رئيسا. الموت حق ولكن نخشى استغلال الوضع داخليا وخارجيا ونتمنى خاصة اجراء الانتخابات في اطار الشفافية وفي كنف الدستور. نحن نحتاج اليوم الى الالتفاف حول تونس والحرص على مصلحة تونس قبل المصالح الفئوية الضيقة فالفترة صعبة وليست سهلة ويجب وضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار. نحن نطلب من القوى السياسية والمجتمع المدني ان تقف لتونس وتضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. اذكر ان الباجي قايد السبسي كان خلال لقاءات الحوار الوطني حريصا على إرساء الديمقراطية ولم يكن متصلبا في مواقفه كما كان حريصا على إنجاح هذا الحوار الوطني واذكر انه ظلّ ليلة اختيار رئيس حكومة التكنوقراط ساهرا الى حدود الساعة الثالثة صباحا رغم سنه ورغم الانهاك. كان قايد السبسي متخوفا من عدم تطبيق خارطة الطريق والاتزام بها كما كان متخوفا من العنف. وكل ما اذكره عن جلسات الحوار الوطني هو حرصه الشديد على إنجاح الحوار الوطني ولهذا كان يحضر شخصيا كل الاجتماعات وحريص عليها. رمضان بن عمر ناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ظرفية حساسة جدا ما نعيشه اليوم هو لحظات تاريخية وظرفية حساسة جدا تحتاج الى تأمين الانتقال الدستوري والحرص على تنظيم الانتخابات العامة. كما ان وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي هي درس للطبقة السياسية بأن احداثا مفاجئة في كل ما له علاقة بما هو سياسي واقتصادي واجتماعي يستطيع ان ينسف المسار وانه هناك لحظات تعلو فيها مصلحة الدولة على المصلحة الفئوية واننا لا نحتاج الى المنعرجات الحاسمة كي نعيش هذا القلق وهذه التخوفات كان يمكن لوفاة الرئيس الباجي قايد السبسي ان تكون امرا عاديا وليس لحظة قلق لو اكتمل بناء المؤسسات ولكن هناك تخوفات حقيقية لانه لم يكتمل بناء المؤسسات لاجل هذا قلت إنّ وفاة الرئيس عليها ان تكون درسا للسياسيين بضرورة الالتزام باستكمال المسار وعدم انتظار مثل هذه المنعرجات الحاسمة. نائلة الزغلامي عضو مكتب تنفيذي في جمعية النساء الديمقراطيات ظرفية صعبة الظرفية صعبة مما لا شك فيه ولكن هناك عين رقيبة ويقظة ولن تنام وهي المجتمع المدني فنحن متمسكون بمبادئ الجمهورية وبالدستور وبدولة القانون والمؤسسات. والمجتمع المدني لن يقف مكتوف الايادي فنحن باقون هنا في موقع الرقابة وسنظل. صحيح ان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي صعب ولكن المجتمع المدني حي يقظ. وكانت 32 منظمة ودمعية مدنية من بينها جمعية النساء الديمقراطيات قد أصدرت بيانا مشتركا تقدمت فيه بالتعازي حول وفاة رئيس الجمهورية مؤكدين «تماسكهم وتكاتفهم وراء قيم واساس الجمهورية من اجل الانتصار للمصلحة العامة والمسؤولية الوطنية». هذه المنظمات هي: الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات / دمج، الجمعية التونسية للعدالة والمساواة/ جمعية كلام / جمعية شوف/ جمعية موجة / جمعية تفعيل الحق في الاختلاف / الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان : مجموعة توحيدة بالشيخ / جمعية الشارع فن / الجمعية التونسية للصحة الإنجابية / منظمة حرة / الجمعية التونسية للحريات الفردية/ مبادرة موجودين من أجل المساواة/ جمعية تحدي / المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب / الجمعية التونسية لمقاومة الأمراض المنقولة جنسيا والسيدا – تونس/ منظمة محامون بلا حدود / منظمة أوكسفام، مكتب تونس رامي الصالحي الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الانسان المجتمع المدني متيقّظ نعتقد في مجال الحقوق والحريات ان تونس اتخذت طريقا لها لا رجعة فيه أي انه لا احد يستطيع العودة بهذا المسار الى الوراء. وفي اعتقادي سيكون من الصعب، في مسألة المساواة في الإرث مثلا، وجود شخصية لها من القوة ومن الشرعية باعتبار وان قايد السبسي انتخبته مليون امراة كي يدفع بمبادرة مماثلة. وقد كان للباجي قايد السبسي خطوات في اتجاه تعزيز الحريات الفردية والعامة من ذلك مصادقته على قانون مناهضة كافة اشكال العنف ضد المراة واحداثه للجنة المساواة والحريات الفردية كما انه اعدّ الطريق لمن قد يأتي بعده كي يدفع بهذه المبادرة ولكني اجد من الصعب ان توجد شخصية لها من الجراة ان تتقدم بهذه المبادرة. نحن في المجتمع المدني سنظل نعمل في هذا الاتجاه وسنساعد كل من يحاول الدفع بهذه المبادرة لمواصلة مسار تركيز المساواة التامة والحريات الفردية والجماعية. فنحن بدانا تركيز مسار مبني على المؤسسات والقانون والدستور لذلك انا لست متخوفا من غياب الباجي قايد السبسي واتابع بفخر هذا النقاش العام والتعاليق وهذا الانتقال الدستوري السلس ما بعد اعلان وفاته. نحن استثناء عربي هناك نقاش دستوري ومؤسساتي وقانوني ولا خوف على تونس ولكن إمكانية الردّة واردة اذ قد يسعى البعض لاعادة التنقيحات في القانون الانتخابي الى السطح ومحاولة الضغط على رئيس الجمهورية محمد الناصر للتوقيع عليه وهذا امر يعرّض الديمقراطية للخطر. الباجي قايد السبسي رفض التوقيع على هذه التعديلات وهذا امر فيه انحياز للديمقراطية بقطع النظر عن الأشخاص الذين تشملهم هذه التنقيحات ومن بينهم نبيل القروي الذي اراه شخص خطير على ونس ولكن إن اردنا حماية الديمقراطية هناك أساليب أخرى افضل من تغيير القانون قُبَيْل الانتخابات فاذا اردنا حماية الديمقراطية علينا المواجهة بالدستور وبالقانون وبالصندوق وبالتالي الباجي قايد السبسي انتصر للمسار الديمقراطي. علينا الاحتكام للدستور. المجتمع المدني الى حدود اليوم وفي الازمات الكبرى ساهم على الدوام في إيجاد الحلول القانونية والدستورية والحوار الوطني كان منجز للمجتمع المدني. الامر سيتواصل والثقة ستستمر في المجتمع المدني وعلى راسه الاتحاد العام التونسي للشغل. كما انني أرى تشكل نضج لدى الأحزاب السياسي ويقظة فالتصريحات التي تبعت اعلان وفاة الرئيس كانت ناضجة. الناس متيقظة والمجتمع المدني سيظل الحصن المنيع لتونس. نزيهة رجيبة (كاتبة وناشطة سياسية) الظرف الدقيق الظرف دقيق وهو يحصل في آخر مدة نيابية ورئاسية قبل تنظيم الانتخابات العامة الجديدة. كنّا نخشى محاولة استغلال حالته الصحية. مبدئيا الأمور تتجه نحو الانتقال السلس والالتزام بالقانون وقد يكون هناك بعض الاضطراب فيما يتعلق بتقديم موعد الانتخابات الرئاسية على حساب موعد الانتخابات التشريعية. وعموما ما عشناه اليوم كان امرا متوقعا باعتبار تقدم سن الرئيس الباجي قايد السبسي. رحمه الله.