عرف شهر جوان 1964 أول دورة لمهرجان قرطاج الصيفي... دورة عرفت إقبالا جماهيريا غفيرا... كيف لا يكون الأمر كذلك وقد فتح المسرح الأثري أبوابه لأول مرة لجمهور متعطش للإبداع الثقافي الجاد، الابداع الثقافي الذي يضمن الفرجة ويكتب الحياة في أجل وأبهى مظاهرها. كانت ليلة استثنائية عبقت بأريج التاريخ وتوقفت الذاكرة تستحضر مواقف وأحداثا وحكايات من الماضي السحيق الغني بالمفاجآت وقصص الحب والأمل والألم والفرح والحزن والانتصار والانكسار. ...ليلتها (جوان 1964) كان اللقاء مع أول عرض مسرحي يقدّم على ركح هذا المسرح العريق «مدرسة النساء» للفرقة البلدية للتمثيل بتونس في اقتباس لمحمد الزرقاطي. عادت هذه المسرحية الى أحد النصوص الخالدة للكاتب الفرنسي الكبير موليار وقدمت درسا بليغا في التعاطي الدرامي الممتع مع النصوص الابداعية الكلاسيكية وأعلنت أنه لا مكان لهذا الركح العريق إلا للإبداع الانساني العميق... فكان أن تتالت الأسماء الخالدة على هذا الركح منذ 1964 حتى الآن تكتب صفحات مضيئة في سماء الابداع العالمي: الطيب الصديق وبالي كركلا، يوسوندور، شارل أزنافور، سيّد مكاوي، وردة الجزائرية، بافاروتي صباح فخري، خوليو أغليسياس، باتريسيا كاس، والقائمة طويلة في هذا المجال دون ان ننسى الأصوات الغنائية التونسية التي صنعت الفرجة وانطلقت من سماء قرطاج لتؤسس وتؤثث مسيرة فنية راقية عابقة بأريج العطاء الابداعي الخالد: زياد غرسة، لطفي بوشناق، صوفية صادق، صابر الرباعي، لطيفة العرفاوي، أمينة فاخت، وغيرهم كثير.