إن الصيام عبادة بدنية قوامها ترك المفطرات المعروفة ولما كان ترك هذا المفطرات سرا بين البعد وبين ربه فإنه مما لا شك فيه أنه متى تم هذا العمل فيما بين الإنسان وبين الله كان ذلك أعظم لاجره وأجزل لثوابه وقد ذكر كثير من العلماء، فقالوا إن الصيام سر بين العبد وبين الله وقالوا إن ملائكة الحفظة لا تكتبه، لأن الإنسان إذا صام لا يطلع عليه إلا الله. فإذا صمت فمن الذي يراك في كل حركاتك وفي كل أوقاتك إن من يغفل عن مراقبة الله له يمكنه أن يفعل ما يريد فيتناول طعامه وشرابه دون ما خوف من الله عز وجل ولكن العبد المؤمن يعلم أنمعه من يراقبه وأن عليه من هو رقيب عتيد، يعلم أن ربه يراه قال تعالى (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين). فإذ كان العبد يؤمن بأن الله تعالى هو المطلع عليه وحدة كان ذلك مما يحمله على أن يخلص في عمله كما يحمله على الإخلاص في كل الحالات ويبقى معه في كل شهور السنة. فإذا راقبت الله تعالى وحفظت صيامك في سرك وجهرك في الأسواق وفي البيوت ولم تتناول ما يفسد صومك وعرت أن الله يراقبك فلماذا تعود الى هذه المعاصي بعد رمضان، وقد حرمها الله عليك إذا كان الله تعالى قد حرم علينا الكذب والقذف وسائر المحرمات من محرمات اللسان، ومحرمات الفرج ومحرمات اليد، وما سواها فماذا نقدم عليها في غير رمضان أليس الذي يراقبنا هو الذي يراقبنا في سائر الأوقات. فيجب على المسلم أن يستحضر ربه دائما فإنه عليه رقيب يعلم ما تكنه نفسه يقول «ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد».