حسم مؤتمر صفاقس (نوفمبر 1955) أمر الخلاف بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف لفائدة الأول المدعم من الاتحاد العام التونسي للشغل والذي رأى في معاهدات الحكم الذاتي «خطوة الى الأمام» لتبدأ المرحلة الثانية على درب التأسيس لدولة الاستقلال من خلال انتخابات المجلس القومي التأسيسي كان الزعيم الحبيب بورقيبة متحمسا لانتخاب هذا المجلس لغاية كسب شرعية صندوق الاقتراع بعد كسب رهان الشرعية التاريخية بنجاح تونس في الحصول على الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956. لقد أكد الزعيم الحبيب بورقيبة على ما يتوفر عليه من حنكة سياسية وتعامل بعقلانية مع الملفات الشائكة... فكان الانتصار لصوت الحكمة والواقعية. أمر عليّ في ديسمبر 1955 صدر يوم 29 ديسمبر 1955 أمر يقضي بانتخاب مجلس قومي تأسيسي وحدّد يوم 25 مارس لإجراء الانتخابات على أن يعقد المجلس المنتخب أولى جلساته يوم 8 أفريل 1956. يقول الدكتور عبد الجليل بوقرة في كتابه التاريخي التوثيقي القيّم «المجلس القومي التأسيسي التونسي» الولادة العسيرة لدستور 1959 «اقتضى الأمر ليوم 29 ديسمبر 1955 انتخاب المجلس التأسيسي انتخابا مباشر وسريا حسب الشروط التي يضبطها قانون انتخابي»... أي حسبما طالبت به الحركة الوطنية التونسية منذ 1920، تاريخ تأسيس الحزب الدستوري الذي طالب بمجلس نيابي منتخب عن طريق الاقتراع العام. وعقد نواب المجلس القومي التأسيسي 52 جلسة خصّصوا منها 19 للعمل التأسيسي ونظروا في بقية الجلسات في مسائل غير تأسيسية تتعلق ببناء دولة الاستقلال ودعم السيادة.. لم يبق منها حسب الدكتور عبد الجليل بوقرة سوى اعلان الجمهور ودستور جوان 1959. ولئن عرفت جلسة الخميس 25 ماي 1959 للمجلس القومي التأسيسي القراءة الثالثة لمشروع دستور دولة الاستقلال فإن الاثنين 1 جوان 1959 شهد الحدث التاريخي من خلال جلسة المجلس القومي التأسيسي التي عرفت ختم أول دستور لدولة الاستقلال من طرف الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية.